آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:12:39:15
تحالفاتنا أساس نجاحنا!!
د. مفتاح علي أحمد

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

الحراك السلمي الجنوبي هو شكل ومظهر وجوهر الثورة السلمية السياسية بالمعنى الكامل للكلمة في الجنوب بكل أبنائه  ومواطنيه وقواه السياسية ومثقفيه وأدبائه وكتابه وصحفييه ومحامييه، وكل شرائحه وفئاته وطبقاته, وكل فرد فيه, ومن بينهم كافة رجالات الفكر والعلم والثقافة والدين, وكافة الشخصيات والوجاهات الاجتماعية ورجال المال والأعمال, وكل قطاعاته, بما في ذلك قطاع المرأة والقطاع الطلابي، وكذا بقية منظمات المجتمع المدني ، نقابات العمال في مختلف المجالات والقطاعات الإنتاجية، الصناعية منها والتجارية والخدمية، وكذا بقية منظمات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات واتحادات مهنية متخصصة، كالصحفيين والأدباء والكتاب والمحامين والأطباء والصيادلة والطيارين والدبلوماسيين والجمعيات الأهلية والخيرية وغيرها، فالحراك أو( الثورة السلمية الجنوبية ) هي ثورة لعامة الجنوبيين أي كان لونهم أو انتمائهم السياسي سواء كانوا منضوين في هيئات الحراك أو في الأحزاب السياسية الفاعلة والمؤثرة بهذا الشكل أو ذاك، بهذا القدر أو ذاك، بما في ذلك المستقلين سواء كانوا في الداخل أو مشردين في شتى منافي العالم طيلة فترات الصراعات السياسية السابقة منذ ما قبل الاستقلال وقيام دولة مستقلة في جنوبنا الحبيب وحتى اليوم. وذلك انطلاقا وتطبيقا لمبدأ التصالح والتسامح, المبدأ السامي والنبيل الذي رفع شعاره كل أبناء الجنوب، وقدموا العديد من الشهداء في سبيله منذ انطلاقته الأولى من جمعية أبناء ردفان قبل ثمانية أعوام خلت حتى اليوم أي في يناير 2006م.

وهو المبدأ الذي يجب أن تسير عليه ثورتنا السلمية وحراكنا الجنوبي حتى النهاية. لنثبت بذلك بأننا قادرين على السمو فوق جراحاتنا وصراعاتنا السابقة وطيها في عالم النسيان ونفتح صفحة جنوبية مشرقة يسودها التلاحم والتقارب والاندماج والتوحد البطولي الشجاع لنصنع مستقبل أفضل لجنوبنا الحبيب مستفيدين من كل تجاربنا المريرة الماضية والتي بسببها وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.

وبما إن الحراك السلمي الجنوبي معبرا وممثلا لكل الأماني والطموحات لتلك القوى والشرائح وكل فئات الجنوب وقواه السياسية بكل ألوان طيفها السياسي ألا متناهي وامتدادا لها، فإن الحراك السلمي في الجنوب لا يمكن أن يستمر ويؤثر بمعزل عن كل تلك القوى وبعيدا  أو حتى بعض منها، أو مستبعدا لها أو حتى لبعضها، وبدون أن تكون له علاقة تفاعلية متبادلة مع كل تلك القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية ولا يمكن، بل وليس من المعقول الاستغناء عن كل أو معظم تلك القوى واستبعادها أو إقصائها، أو التفكير باستبدالها، طالما والكل في الحراك والجنوب ينبذ سياسة الإقصاء لأي من القوى السياسية حزبية كانت أو مستقلة، لاسيما والكل في الحراك الجنوبي أو الثورة السلمية الجنوبية يرفع شعار وقناعات تؤكد بأن الحراك لا يستعدي أحد ومنفتح على كل الجنوبيين أي كان لونهم السياسي أو الاجتماعي.

وهذا هو الطرح الصائب والتفكير العقلاني والواقعي الذي ينبغي أن يتجسد في العلاقة الإيجابية والتكاملية بين سائر القوى السياسية في الجنوب والذي يتطلب من أجل تأسيسه وترسيخه إلى تعزيز روح التصالح والتسامح والتسامي في العلاقة بين كل الجنوبيين بما في ذلك كما يطرح أيضا ومن قبل قيادات عديدة في الحراك وسائر القوى السياسية في الداخل أو في الخارج- بأننا نرحب حتى بالجنوبيين الذين هم في السلطة الحالية بمختلف مستوياتها، كونهم في الأساس جنوبيون أولا وأخيرا ولا يمكن التفكير حتى باستبعادهم فما بالنا بممارسة سياسة الإقصاء أو الاستبعاد ناهيكم عن ممارسة سياسة الاستعداء تجاههم. وهذا ليس فكرة مثالية فقط، بل إن هذا ما يتم في الواقع، وما يجب أن يستمر وبنفس الاتجاه وعبر حوار جاد ومسؤول، معلن وغير معلن ومع الكل منطلقين من مبدأ التصالح والتسامح أولا؛ ومصلحة نصرة نضالنا الراهن ومستقبلنا القريب الذي يجب أن نؤسس له تأسيسا سليما وصائبا من الآن، نتجنب فيه ونجنب شعبنا في الجنوب مخاطر الإقصاء والتهميش والاستبعاد أو الاستعداء للآخر(( الجنوبي )).

ونمنع خطر الانفراد في الحكم لحزب أو تيار بعينه دون الآخرين. ونحول أبدا دون أن نعود بالجنوب إلى حكم الفرد الواحد أو الحزب الواحد أي كان، لاسيما ونحن في عصر الديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الرأي والرأي الآخر واقتصاد السوق الحر والمنفتح على العالم كله وبكل ما يعتمل فيه من تطورات تأخرنا  وتخلفنا كثيرا عنها. فالثورة السلمية الجنوبية كي تسوق ذاتها على المستوى العالمي فإنها مدعوة لأن تقرن نضالها السلمي الحضاري الذي سارت وتسير عليه حتى اليوم بالسياسات المقبولة دوليا والتي تهتم بالديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والرأي الآخر وقيام مجتمع مدني مؤسسي ودولة النظام والقانون، والمواطنة المتساوية لكل أبناء الجنوب، ملتزمون بجملة حقوق الإنسان وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية واقتصاد السوق الحر وسائر السياسات الدولية في مختلف مجالات الحياة جملة دون استثناء أو تجزئ أو أي انتقاص.

     فلا يمكن أن يعقل أن نرفع شعارنا بالنضال السلمي ، الحضاري والمدني الراقي والمتطور، وهذا فعلا ما هو سائر عليه الحراك حتى اللحظة، إلا أننا وحتى هذه اللحظة أيضا، لم نتوصل إلى أي صيغة تحدد العلاقة للحراك بكل القوى السياسية الجنوبية، بل ولم نفكر حتى بذلك! كي نبدأ بدراسة وحوار يحدد نوع ومستوى وشكل العلاقة للحراك ( الثورة السلمية الجنوبية ) بكافة القوى والأحزاب السياسية الجنوبية، بل وحتى أن هذا لم يكن واردا في جدول أعمال كل مكونات الحراك الجنوبي حتى الآن مع الأسف الشديد.

ناهيك عمن يقف ضد كثير من تلك الأحزاب والقوى السياسية الجنوبية الأصل أو يعلن أو يغمز ويلمز ويتهكم، بل ويخون القوى السياسية الأخرى. والأمثلة على مثل ذلك كثيرة نجدها متناثرة في العديد من البيانات والتصريحات للبعض من قيادات وقواعد الحراك السلمي الجنوبي ( السياسي )!! 

الأمر الذي نجده يعبر عن تناقض بين ما يرفع من شعارات وسياسات حول التصالح والتسامح من جهة وعدم الإقصاء أو الاستعداء والاستبعاد لأي جنوبي ( طبعا سياسي ) سواء أكان حزب أو تيار أو جماعة، ويرفض حتى مبدأ الحوار مع الكثير من تلك القوى السياسية الجنوبية لكسبها إلى صف الحراك ورفد الحراك السلمي الجنوبي بكل سياسي جنوبي، كون الجنوب بحاجة ماسة لأن يلتف حوله كل الجنوبيين بغض النظر عن مشاربهم وانتماءاتهم السياسية، وتوسيع حجم القوى الفاعلة والمؤثرة في سير مجرى الثورة السلمية الجنوبية لتستوعب كل الجنوبيين بدون استثناء، سواء في الداخل أو الخارج.

مع علمنا الأكيد جميعا بأن الكثير من الفاعلين والمؤثرين في حراكنا السلمي من قيادات أو قواعد ينتمون لأحزاب سياسية جنوبية الأصل والمنشأ، وهذا يتم بعلم ورضا وقناعة قياداتهم الحزبية، بل وتدافع مثل تلك الأحزاب بفخر واعتزاز عن أعضائها المشاركين في معترك النضال السلمي الجنوبي، سواء اعتقلوا أو حوكموا بجريرة إسهاماتهم النضالية في كل فعاليات الحراك السلمي الجنوبي. ومن مثل تلك الأحزاب، الاشتراكي، التجمع الوحدوي اليمني  ،الإصلاح, المؤتمر والرابطة وغيرها.. وغيرها. أما الأيام وصحفييها فهي خير مثال على مدى ارتباط الصحافة والصحفيين الجنوبيين بالحراك والثورة السلمية في الجنوب. وما التفاف كل منظمات المجتمع المدني والأحزاب والقوى السياسية في حملة التضامن مع الأيام إلا خير دليل يثبت لنا وبجلاء مدى وقوف كل تلك القوى مع صحيفة الأيام ضد كل ما تتعرض له من قمع وحصار وتنكيل، ذلك لأنها عدنية المنشأ، جنوبية الهوى وتقف مع المظلومين في الجنوب ومع الحراك الجنوبي أيضا  كونه خير معبرا عن المظلومين في الجنوب, ويمثل موقفهم ذلك من الأيام موقفهم بنفس الوقت من الحراك كمؤيدين ومناصرين بل ومشاركين فعالين في الثورة السلمية في الجنوب بكل شجاعة واستبسال واستعداد للتضحية بكل جوارحهم. 

وبالمقابل أيضا يجب أن نوسع دائرة تحالفاتنا السياسية والجماهيرية شمالا وكسب الكثير من القوى السياسية في الشمال للتعاطف والمناصرة والتأييد والمؤازرة لقضيتنا العادلة حتى ولو بالكلمة الطيبة فقط. وليس العكس , كأن نستعدي كل من هو شمالي سواء في الشمال أو في الجنوب , ولاسيما من يطلق البعض عليهم تهكما بعرب 48.  طالما ونحن نطلب التأييد والمناصرة عربيا وعالميا فالأولى والأقرب لنا كسب ود إخوتنا الأقرب لنا من حبل الوريد في الشمال وبالذات تلك الجماهير التي تعاني كالذي نعانيه, بل وأكثر ومنذ القدم. أما أن نجعل من الكل عدوا لنا ونرفض ونستغني عن من يناصرنا ويؤيدنا فهذا مالا يعقل أبدا. فمن يمارسون ذلك نجدهم أيضا يمارسونه مع بعضهم البعض وفي الجنوب أيضا , الأمر الذي أعاق تحالفاتنا وتوحدنا بأي شكل وأي صيغة تحالفيه, وجعلنا شذر مذر لا نؤثر ولا نتأثر ولا نفيد أو نستفيد من أي كان , سواء كان جنوبي.. جنوبي, أو من الشمال. الأمر الذي أنعكس على علاقاتنا التحالفية على المستويين العربي والعالمي.

فهل بهكذا سياسة سننتصر!؟ لا أعتقد. وما نحن فيه من تمزق وتشرذم خير دليل على ما نقول والله خير شاهد.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص