آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:15:01:51
المكلا … قهاوي وحكاوي
يوسف عمر باسنبل

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

تابعت التقرير الذي بثته قناة ( B.B.C  ) البريطانية ، وأعده الزميل طلال باحيدرة عن المقاهي الشعبية ، وانتشارها في مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت ، حيث سلط التقرير الضوء على المقاهي الشعبية وماتقدمه من خدمات لمرتاديها ، تختلف باختلاف ساعات النهار صباحا ومساء ، تبدأ مع ساعات الصباح الأولى بتقديم وجبة الإفطار الشعبية ( شاي الحليب والباخمري ) ، إلى أن تصبح مع نهاية ساعات النهار ملتقى لمختلف الأطياف والنخب السياسية والثقافية والرياضية والعامة ،  في أجواء يصعب على الفرد تخيلها إلا بعد معايشتها .

   مقاهي المكلا تنتشر في الحارات والأزقة وفي الأماكن العامة ، تجدها ضاربة أشرعتها على ضفاف الخور وكورنيش المكلا والمحضار ، تجدها ملأى بمرتاديها من شباب وكبار السن ، يتجاوز عددهم المئات يخوضون في مختلف المواضيع بين تحليل ونقد وطرح رأي ، وأكثر مايكون للسياسة والرياضة حضورهما  الطاغي ، فالأحداث الساخنة وماتشهده حضرموت من أعمال اغتيالات وتصفية ، هي القضية الأكثر نقاشا وتتباين معها وجهات النظر وأساليب الطرح ، وتظل الشغل الشاغل على الساحة إلى أن تطفو على السطح قضية جديدة ، تأخذ لها حيزا في نقاشات المقاهي ،  وقد تتحول بعض القضايا إلى حكايات ألف ليلة وليلة ليسردها الآباء للأبناء .
حكاوي القهاوي أكثرها تعتمد على الجانب التنظيري ، وتظهر لنا كفاءات نغفل الكثير عنها ونتجاهلها ، وكان بإمكان القنوات الفضائية الاستفادة من هذه الكوادر التي ترتشف الشاي الأحمر والحليب ، مع أن بعضها يمارس الفهلوة الزائدة والإكثار من رغي الكلام ، التي لن تغني أو تفيد شيئا مادامت تلك الأصوات لن تصل إلى صناع القرار في المحافظة فحسب ، ومع هذا تجد مرتادي مقاهي الشاي الأحمر والحليب يزدادون يوما بعد آخر ، وتتغير الجلسات فيها من مكان لآخر وتظل فيها بعض الأماكن محجوزة ل ( شلات ) معروفة ، وبعضها لا يبالي بالأحاديث العامة ، وينصب إتمامه على مجالسة رفقاء دربه وتمضية الوقت في لعب الورقة والكيرم و( الضمنة ) ، تاركين مجال النقاش لذوي الاختصاص بعيدا عن حكاوي القهاوي .
   انتشار المقاهي الشعبية في مدينة المكلا ومدن حضرموت الأخرى ، لايعني دلالة على أن هؤلاء يعيشون حالة من الفراغ و ( الفضاوة ) ، مع وجود لهذه الصفة بين بعض المرتادين الذين يعللون ذلك بقلة الأعمال وكذا الظروف التي تمر البلاد ، فجدوا المقاهي متنفسا لهم ولهمومهم ، ولكن هل ستتكور المقاهي لتكون مواكبة للعصر وتوفير سبل أفضل من الموجودة حاليا أم ستظل على ماهي عليه ؟ لتبقى المقاهي الشعبية أحد رموز مدينة المكلا ،في إشارة إلى بساطة العيش فيها كطبيعة ألفها الحضارم لتستمر الحكاوي في القهاوي .

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص