آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
جمهورية "الغش" !!
منصور هائل

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

أصبح الطلاب يمارسون حقهم في "الغش" جهاراً نهاراً، وبمنهجية شرسة تتغذى من نظام تعليمي، سياسي، تربوي، اجتماعي واقتصادي فاسد، ومعطوب، وقائم على "الغش"!.. ولا تتوقف المسألة عند حد تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة، أو الجامعية، بقدر ما تتصل بآليات وممارسات، وسياسات مغشوشة، بالمفرق والجملة!!

من هذه الزاوية؛ لم أفاجأ عندما أخبرني بعض التربويين المعتقين أن معظم أسئلة الامتحانات لمعظم المواد الدراسية تسربت، وأن حفلات "الغش" الجماعية التي شهدتها الكثير من مدارس الجمهورية؛ كانت تشكل الحلقة الأكثر دراماتيكية وانكشافا في المسلسل، وهي ليست أكثر من رأس جبل الثلج. وبالمفتوح؛ صار "الغش" في هذه البلاد نمطاً للعيش، وعادة مألوفة، وأسلوباً لممارسة الحضور، وتأكيد الذات المتباهية بالغش المتوحش!!

إن الطلاب هنا يقتدون، ويتماهون بكبار النافذين الفاسدين، وجنرالات الحروب والمشائخ، الذين يمارسون حقهم في تهريب البضائع المغشوشة والسلاح والمخدرات والنفط، وحقهم في الجيش وفي الموازنة العامة، ويقاتلون في سبيل حقهم من حقول وآبار النفط والغاز، ومن الدرجات والمناصب الكبيرة والمجزية!!

وإزاء هذا الوضع؛ لا يخلو المجال من بعض المتعجبين، والمستنكرين لما يحدث، والقائلين بأن سلم القيم في هذه البلاد انهار، وكأن المسألة وليدة اليوم أو الصدفة و"المؤامرة"، أو مرتبطة بشرذمة وحفنة من المارقين و"كباش" الفداء من التربويين الصغار، المرشحين كأضحية سهلة للذبح والاقتياد إلى السجون والتمريغ والتعزير، خاصة إذا كانوا من "عيال" الرعية العزل من حماية القبائل المسلحة، والأحزاب المليشاوية، والزعامات العصابية الهجامة!!

ثم؛ لا يمكن حصر المسألة في نطاق الاشتباه بالمطبعة، والمزاعم التي تقول بأن الوزير فضل طباعة أسئلة الامتحانات بمطبعة "خاله"، الأمين العام لحزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي، بدلاً عن المطبعة السرية التابعة لوزارة التربية والتعليم، التي كانت معتمدة - في العادة - لإنجاز مثل هذا العمل!!

ذلك أن تعليق الأمر على "مشجب" مجموعة من التربويين، أو شماعة صفقة المطبعة فقط، يعد ضرباً من الهروب السمج من مواجهة هذه الكارثة المجلجلة، والجديرة بالتفكيك والحفر في جذور وخلفيات مكونات منظومة "الغش"، ولكامل مفردات هذه المنظومة العفنة التي استنفدت صلاحيتها من زمان، وصارت تنضح غشا وتزويرا وتدميرا.

إن أي تصريح من قبل وزير التربية والتعليم، أو أي ناطق رسمي يختزل الأمر في بضعة متهمين، لن يذهب إلى أكثر من استحضار صورة وصوت رئيس جمهورية "الغش" السابق (علي صالح)، الكاره للتعليم والتربية - كمتخرج بالكاد من الثالث أو الرابع ابتدائي - حين كان يكرر معزوفة الضرب على الفاسدين والفساد بيد من حديد، كل ما أوغل في إغراق سفينة البلاد والعباد إلى ما دون حضيض الفساد!!

لقد تفشى "الغش"، وتغول في الظلال الوارفة لجمهورية "الغش"، وبدعم ورعاية وتخصيب من قبل النافذين الكبار، الذين وصلوا إلى المراتب العليا من باب "الغش" والتزوير والقتل والتدمير!!

ولما صارت سرقة أموال الدولة "حلالاً"، وصار اللصوص والمحتالون يستغلون الدين بشكل فج لتبرير جرائم الاحتيال، والاستيلاء على المال العام، فقد ظهر من بين طلاب كلية الشريعة من لا يتورع عن الإفتاء بـ "جواز الغش في اللغات الأجنبية؛ بذريعة أنها لغات الكفار"!.. وتوسعت دوائر "الغش" في أوساط الطالبات المتحجبات، والمنقبات باستخدام تقنيات "البلوتوث" و"الواتساب"، وأجهزة المحمول المخفية تحت "الخمار"!!

إن الوضع الحالي للتربية والتعليم أكثر من كارثي، وليس ثمة مخرجات يمكن انتظارها من المدارس والمناهج الرثة، والخارجة عن مجال العقل والعصر غير المزيد من العطالة، والبطالة والإرهاب والمستقبل الوغد، والأرض الخراب!!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص