آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:19:16:51
المجتمع المدني القبلي
احمد الدماني

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

لا أعلم ماذا سأكتب في هذا المقال وأي من الجمل والعبارات سأوظفها فيه فقد ذهبت الأشياء الجميلة مع الضياع وتلاشى معها كل عبارات السعادة وطموحات النجاح لتأتي بدل عنه عزيمة شبه مهزوزة لا تقوى على الصمود ولا الاحتمال فهشاشتها جاءت بعد ضياع لا يعقبه إلا قتلا قبلي .

لم يكن الزمن وحدة واقفا ضد فقط بل كانت معه عوامل اخرى مكنته يفرض علينا كل قسوته ويصبها في آن واحد , فالحياة في زمننا تحتاج أشياء كثيرة وكبيرة لتجعلك متأقلما معه وقد يكون من أهمها تجردك من اسم القبيلة .

ليس التجرد بذاك النهج الذي قد يعتقده البعض فهناك ثم أشياء في العرف القبلي تخالف المجتمع الذي يحلم به كل شاب ويتمنى أن يعيش فيه يتمنى الكل أن يعيش في مجتمع خالي من الدم من الهمجية من الحروب القبلية من أشياء كثيرة ,   ولكن كل هذه تظل أماني فقط فالقبيلة وأعرافها فرضت علينا أن لا نختار ما نريده لأنها تظل هي الساعد الذي تناصرك في مجتمع همجي .

شابا قضا عمره في الدراسة متنقلا من بلدا إلى أخرى حتى أصبح اسمه منحوت في قائمة الطلاب المتفوقين جاء كل هذا بعد عناء وشقاء وتعب تتراوح هجرته الى 9 سنوات متتالية تعلم فيها كل شي أحب أن يصبح لدية مجتمع مثل المجتمع الذي عاش فيه سنوات دراسته وهوا يعلم في داخلة أنه قبلي وأن العرف القبلي لا يعرف معنا تحضر , المهم  عاد هذا الشباب بشهادة الدكتوراه .

لم يعلم هذا الشاب ماذا تخبئ له الاقدار وماذا ينتظره في قريته التي شبت الحرب بينها وبين قبيلة أخرى فالعرف القبلي لا يعرف شيء اسمه قصاص مثلما يعرف شيء اسمه ( الطارف غريمي ) لم يكن في قبلة الدكتور شخصية اجتماعية مثقفة سواه وكان اسمه مرشح ليكن غريما للقبيلة الأخرى , فكل ما حلمه وتمنا وكل تعب الدراسة التي أخذت منه سنوات عمره جعلت منه مشروع قتيل من الدرجة الأولى وتم اغتياله لتذهب مع موته أحلامه و أحلام أبويه .

لهذا يتمنى البعض من أن يتجرد قليلا من القبيلة ليعيش حياته كيف يشاء لا يريد أن يملك عمارة وفلوس ولا عقارات وفلل فخمة وسيارات آخر موديل وهو يعلم بأن كل هذا الأشياء قد تكون سبب موته في ثأر من الثأرات , فالموت  والقتل في القبيلة لا يكون اختياري والقصاص لا يطفأ نار الحقد في قلوب من يبحثون عنه.

تخيل أن تكون عندك طموحات كبيره مثل طموحات ذلك الشاب الذي انهى قصة حياته  ثأر تخيل أن تبني لنفس وطن وحياة قد لا تكن حياة مثلما يحلم البعض بها ولكن حياة  تكون أنت مقتنع بها تظل سنوات عمرك وأنت وحدك ترتبها وترصها (لبنة لبنة , طوبة طوبة )ومع كل هذه العناء  والتعب الذي مررت به سنوات عمرك تأتيك مكلمة هاتفية  أو رسالة نصية من شخص ما يقول  لك  قريب لك قتل أحدهم في شجار حدث بينهم وهرب انتبه لنفسك قد يأتوا أهل القتيل  ليستقضوا فيك انتقاما وثأرا لأخيهم فما شعورك ؟؟ وأين أحلامك التي بينتها ذاهبة يا هذا ؟؟

 

الضياع الذي يعقبه قتل قبلي هو نفس  ذالك المريض الذي ينتظر الموت كل يوم ولا يأتيه ليريحه لا أنه عاش حياته وهوا مطمأن ولا الموت راضا أن يريحه من عناء الألم التي يعيشها , فالضياع موتا بحد ذاته يقتلنا لليل نهار  ونحن في غفلة من ذالك , ولكن عندما يعقبه قتلا قبلي يصبح الأمر مختلف بعض الشيء فلا أنت راضا أن تكون الرقم التالي ولا قناعتك راضية  أن تجعلك تعمل مثل الاخرين .

 

ليظل شبح الثأر هو ذالك الذي أفسد حلاوة الحياة في العرف القبلي صانعا منها دراما انتقامية لا تهتم بمن كان السبب مثلما تهتم من الشخصية المؤثرة التي ستكون بديله عن ثأري , لينطبق المثل الشعبي القائل ( ضاعت الكيلة في الثمينة ) تأكيدا أننا نعيش في ظل مجتمع مدني قبلي يكسر ظهر أبناء القبيلة الداخلة في صراعات  قبلية متشعبة لتصبح الأحلام عنهم مجرد انتقام لا أكثر .

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل