آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:16:11:29
مع الراحل الشيخ "صالح علي بن غالب"
علي صالح محمد

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

"بلينا وما تبلى النجوم الطوالع       

وتبقى الديار بعدنا والمصانع

وما المال والأهلون إلا ودائع           

ولابد يوماً أن ترد الودائع"

حين يخطف الموت صديقا او عزيزا فجاءة، وبلا سابق إشعار او مقدمات، تشعر ان جزءاً منك قد سلخ وذهب منك فجأة؛ ليرحل معه، وبالذات؛ حين تكون الذاكرة مشحونة بحزمة من الصور الجميلة، التي جمعتك في رحلة الحياة مع من رحل، بخاصة حين تكون هذه الرحلة منذ الطفولة، الشيء المؤكد ان الحزن حين يزورنا لفقدان عزيز انما هو حزن لشعورنا بأن الذاكرة لن تخزن اي صور جديدة، لهذا نذهب  ونسافر عميقا في دهاليز واخاديد  الذاكرة لاسترجاع ونبش  الصور المشتركة في رحلة الحياة التي جمعتنا ببعض. ومع اني لا احب الكتابة عن الراحلين حتى لا اكون من مداحي الموتى، لكن اشعر ان واجب الوفاء للصداقة التي جمعتنا وزرعناها معا  منذ ان وعينا انفسنا في هذه الدنيا التي لا تبقى لحي، وما حي على الدنيا بباق، تفرض علي  تسجيل بعض ما اختزنته الذاكرة من صور ومشاهد جمعتنا في رحلة العمر الذي يقول عنه الشاعر: وما العمر إلا دمعة وابتسامة.         

وما زاد عن هذي وتلك فضول فالشيخ صالح علي بن غالب، رحمة الله تغشاه، الذي غادرنا يوم الخميس ?? مايو ???? إثر تعرضه للقتل من قبل احد ابناء خطهه مكتب الحضرمي بسبب نزاع على موقع قريب من سكنه في وادي ترفاءه الحضارم يافع، سبق وان جمعتني به الأقدار في عام ???? في شارع الجزيرة بالمعلا حين نزل من يافع  الشبر ومسقط رأسه في منطقة شرقذة بوادي حطيب التابعة لمكتب الحضرمي آنذاك والقريبة من منطقة العياسئ، ليسكن عند عمه الشيخ عبدالقوي بن غالب شيخ مكتب الحضرمي، وفي هذه الحارة بنى والدي منزلا وامتلك عمي علي الظيئاني (أبو شنب) منزلا ايضا، وكذا العم عمر عبدالله الاصبحي، ليتشكل بذلك عالمنا العائلي والاسري المتقارب والمتجانس كعش يجمعنا، وبجانبنا سكان قدموا من البيضاء وحضرموت والهند وبيت الفقيه في زبيد، ومن ميون وجيبوتي والصومال والضالع ورداع، ومن تعز، تنوع وفسيفساء إنسانية جميلة تعكس مستوى التعايش الجميل لبشر من كل مكان، في هذا المجتمع، وهذه البيئة ترعرعنا، وكان الجميع يشعر ان كل  إنسان هو قريبه، وكل بيت هو بيته، وكل أسرة هي أسرته.

 كان بيت "علي خان" مثلا مدرستنا، وخالة (لولة)، رحمها الله، أمنا جميعا، وأسرتها أهلنا، وفي منزلهم ذي الدارة والمخزن كانت متعتنا في تلقي بعض الدروس ومشاهدة الشاشة الفضية العجيبة لأول مرة في حياتنا، ومسلسلات (الهارب) المترجمة بصوت المذيع عبدالرحمن باجنيد، رحمه الله. كنا معا في عمر متقارب لا يتجاوز الثمان سنوات، ولأننا لسنا من مواليد عدن وبحكم ان عمه الشيخ عبدالقوي بن غالب أمكن إلحاقه وابن عمه صالح محسن بن غالب في مدرسة (الاتحاد) بمدينة الشعب حاليا، التي تم تأسيسها لتعليم ابناء المشائخ القادمين من المحميات، الذين لا يحملون شهادة الميلاد بعدن، وكانت تديرها الأستاذة (نبيهة ناصر علي الداعري)، أول وكيلة معارف أيام الإنجليز، ولأنني لست مولودا بعدن ايضا، ولست من ابناء المشايخ، فقد اضطر والدي يومها الى تغيير اسمي ليصبح علي صالح احمد كشقيق للاخ احمد صالح احمد الوالي، رحمه الله، الذي كان يعمل سائقا يتبع حكومة الاتحاد،  وتفضل بتسجيلي مشكورا أخا له لأتمكن من دخول المدرسة.

عشنا البدايات معا كأخوة تجمعنا الصباحات الندية ورحلات السفر المشوقة الى مدينة (الاتحاد)، وذلك الأمل والحلم الكبير الذي كانت تعنيه المدرسة بالنسبة لنا في بدايات حياتنا كضوء يرشدنا الى طريق، وآفاق المستقبل.. ولبعد المسافة بين السكن والمدرسة كان الشيخ عبدالقوي بن غالب، رحمه الله، ينقلنا بعض الايام بسيارته الروسية (الفولجا) الذهبية.. ولا انسى تلك المشاعر ونحن نسافر بهذه السيارة الخيالية في نظرنا يومها، وانسام الريح في الطريق البحري تداعب وجوهنا البريئة؛ لتمنح ارواحنا سعادة لا توصف، ونشوة غريبة تداهمني في كل مرة اقطع فيها هذا الطريق، وهو الطريق الذي لا يمكن نسيانه حين قطعته سيرا على الأقدام من خورمكسر ومعي زوجتي الحامل بشهرها الثامن  بعد احداث ?? يناير الدامية.

في اغلب الايام لم نكن نحصل على هذا الامتياز، وهذا الترف، فكنا نقوم في الخامسة صباحا لنجتمع في منزل الشيخ عبدالقوي لنتناول معا وجبتنا المفضلة المكونة من نصف قرص من الروتي (الشاحط) المغذى بالزبدة بطعمها المميز، مع قلص من الشاي الملبن هذه الوجبة التي كانت تعدها لثلاثتنا كل يوم السيدة الفاضلة حرم الشيخ عبدالقوي بن غالب الثانية، حفظها الله، وبعد هذه الوجبة المحفزة، كنا نذهب سيرا على الأقدام الى الشارع الرئيسي في المعلا (شارع مدرم حاليا) وهناك من برت (دار السلام) نركب على سيارة (تويوتا) قلاب خضراء تابعة لبلدية الشيخ عثمان، كان سائقها المحترم يشفق علينا فنسافر معه الى جولة كالتكس، حيث يتجه الى الشيخ عثمان قادما من التواهي، ونحن ننتظر "على باب الله" سيارة  "تعبيرة" اخرى للذهاب الى مدينة الشعب لكي نصلها في السابعة صباحا.. لم يكن الصباح يحمل لنا اي مشقة تذكر كما كان حال العودة ظهرا مع لسعات الحر القائظ، وبعد المدرسة عن موقع السكن وعدم وجود مواصلات منتظمة، ومع ذلك كانت الحماسة الداخلية والشغف الكبير للتعلم ينسينا تعب الذهاب والإياب، بل لا ابالغ ان قلت اننا كنا نجد في ذلك متعة ما بعدها متعة. بعد عام تم نقلنا الى  مدرسة بالقرب من نقطة دار سعد الشهيرة بـ (نمبر ستة) وهي عبارة عن فيلا مكونة من عدة غرف بجانب بستان الكمسري، وكان مديرها الاستاذ الشعيبي، واذكر بعض المدرسين منهم الاستاذ عبدالقادر، والاستاذ فوزي باذيب، والاستاذ فاروق فارع.. سعدنا كثيرا بالانتقال الى المدرسة الجديدة لأن سيارتنا القلاب الخضراء التابعة للبلدية وسائقها المحترم، ستنقلنا مباشرة الى مبنى البلدية الكائن وسط مدينة الشيخ والمبنى قريب من المدرسة بالمقارنة مع مدينة الاتحاد، اذ لم يعد أمامنا سوى قطع المسافة المتبقية - التي كانت خبتا واسعا على مد النظر - سيرا على الأقدام، وأحيانا كنا نجرؤ على ركوب الممنوع ركوبه في حسب تعاليم آبائنا، وهي الدراجات الهوائية التي كان ركوبها يعد بالنسبة لنا ترفا لا يضاهيه ترف آخر، وتسلية ما بعدها تسلية، على قاعدة (ومن لي بذله الاختلاس)، وذلك بالمقارنة مع ركوب جاري الجمل او السير على الأقدام للوصول الى المدرسة.

كما تحقق لنا امتياز آخر وهو العودة بنفس السيارة الى نفس الموقع في دار السلام بالمعلا، وكانت اجمل اللحظات حين نسير في الطريق البحري   ونسمات البحر تداعبنا وهي محملة برطوبة البحر المشبعة باليود والأكسجين، احدى روائع وأسرار هواء عدن وسحر بحرها ونسائمه العليلة.

كنا ثلاثتنا نقطع هذه المسافات يوميا لفترة اربع  سنوات، باستثناء تلك الايام التي كانت تتم فيها الإضرابات الطلابية وبالذات بعد نكسة حزيران وما اعقبها من مظاهرات ومسيرات شعبية وطلابية، وايضا حين سيطر فدائيو الجبهة القومية على مدينة كريتر اثناء الاحتلال الانجليزي، الذي رحل في الثلاثين من نوفمبر ???? ليعلن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

بعد الاستقلال مباشرة في عام ???? أمكن لنا ان ننتقل من مدرسة الاتحاد في (نمبر ستة)، بعد اربعة أعوام من العناء الممتع، والتعب الجميل، أمكن لنا الانتقال الى اقرب مدرسة تقع بالقرب من مساكننا بالمعلا وهي مدرسة الشهيد علي سالم يافعي الابتدائية لنلتحق ثلاثتنا في الصف الخامس لنكمل السادس ابتدائي في هذه المدرسة التي منحتنا دفعة كبيرة من حب التعلم والنشاط الرياضي، فكان التنافس والتفوق شعارنا الكبير.. واذكر جيدا كيف كانت هيئة ومظهر الطالب النجيب الرشيق الأنيق الملبس، الطويل القامة، ذو الملامح الحادة والشعر الأسود الممشوط بعناية الى الجانب الأيمن، وهو يلبس القميص الناصع البياض والسروال القصير الكاكي والجزمة البيضاء المطلية بالشلك الأبيض.

وجانبه الأيسر يزدان بكل الشارات الملونة بالأصفر والأزرق والأحمر والأخضر  كرمز لكبير المراقبين المميز حينها - الطالب النجيب صالح علي بن غالب. صفنا كان يسمى (الزهاوي )وصف العزيز صالح   كان (البدراوي) ومربي صفنا كان الاستاذ ياسين سعيد  جندي ، ومربي صفهم كان الاستاذ احمد ابراهيم أبكر. وبعد اجتياز امتحانات السادس ابتدائي بنجاح انتقلنا الى إعدادية المعلا وهناك وبعد مرور الفصل الاول قررنا ثلاثتنا ومعنا ايضا  الزملاء صالح علي سالم الوالي وسالم محمد الوالي واخرين الانتقال الى سنه ثانية إعدادي في إعدادية الخليج الأمامي بكريتر حتى يستقيم الوضع مع أعمارنا الحقيقية يومها ، وحين ألتقينا  بالأستاذ على احمد العمرواي مدير المدرسة والاستاذ محمد هاشم نائب المدير كان شرطهم الوحيد لقبولنا ان يحضر كل منا كرسي ، وفعلا ذهبنا في اليوم التالي ونحن محملين بالكراسي، لنبدأ معا صفحة جديدة اخرى من حياتنا الدراسية التي صاحبها بدايات تفتح وعينا لأول مره على بعض المفاهيم وأوجه الحياه السياسية والأنشطه الطلابية  التي لم تكن مدركه بالنسبة لنا من قبل لان  تركيزنا الكلي  كان على التعليم فقط  ، وساعد على ذلك لقاءنا ببعض ممن سبقونا في الثالث أعدادي ومنهم الاخ  على محمد حسن  الذي استطاع اقناعنا بالالتحاق اولا بالاتحاد الوطني للطلاب ، ولاحقا  بتأطيرنا في الخليه الطلابيه كأعضاء مرشحين في تنظيم الجبهه القوميه ، وفعلا بداءنا ننشط و نشعر باهميتنا وقيمتنا الاجتماعية التي تمنحها  مشاعر المسؤليه  واهميه وجودنا ،فكنا نذهب بعد الدوام المدرسي الى مقر التنظيم بكريتر لحضور الحلقات التثقيفية التي كان يديرها قياديين من شعبه التنظيم في كريتر ، وبفعل هذا التأثير الجديد بدأنا نتجه نحو النشاطات اللا صفيه والمعرفيه العامه  كإصدار المجلات الحائطية التي كنا نتننافس في إخراجها لتوزيعها بين المدارس ، والإذاعه الداخليه والنشاط الرياضي ، وبعد عام  اي في الثالث إعدادي اصبحنا أعضاء أساسيين حين أقرت الخليه القياديه في كريتر قبول عضويتنا ليستمر حضور الحلقات التثقيفية التي كانت تركز على تدريسنا تعاليم ماوتسي تونج كما اذكر ، حيث كان التأثر واضحا  بالتجربه الصينية آنذاك .حتى ذلك الحين كنا نجد تشجيعا  كبيرا   فكان الشيخ حسين عبدالقوي ابن عم الشيخ صالح  هو الاخر  عضو في التنظيم مثلا، وأخي سالم كان عضو رابطه تنظيميه اي ان البيئة السياسيه كانت مشجعه للالتحاق بالتنظيم ، وحسب علمي فان الشيخ عبدالقوي بن غالب رحمه الله  كان يقدم دعما ماليا  للجبهه القوميه في فتره ما ، وتعرض منزله لاقتحام قوات الإنجليز بحجه إخفاء قياديين في الجبهه القوميه ، اثر عمليه فدائيه قام بها الشهيد محمد صالح مطيع في التواهي واعتقال صالح الشعبي ليلتها .وبعد  انتقالنا الى ثانويه الجلاء  في عام ???? بداءت مظاهر  وشعارات التطهير تسود  ، والاسواء من ذلك انه  تم قتل الشيخ عبدالقوي بن غالب مع عدد من المشايخ بالرغم انهم  كانوا في السجن بالمنصورة ،وتم فصل الكثير من ابناء المشايخ ،وما اطلق عليهم البرجوازيه والبر جوازيه الصغيره ،الخ، وهذا الامر مع عمليات التطهيرات الواسعه  تركت اثارها العميقة في نفوس الاخوه الشيخ صالح علي بن غالب وصالح محسن اللذان قررا  بنتيجتها الهجره الى الولايات المتحده الامريكيه بعد ان غادر اليها الشيخ محمد عبدالقوي بن غالب الشقيق الأكبر  الذي قتل هو الاخر  في متجره بأمريكا ، لتزداد وتتكاثر أحزان ال غالب وهكذا كان قرار هجره الجميع تقريبا  الى امريكا بحثا عن وطن يمنحهم ألمعيشه والأمان ، باستثناء الشيخ حسين عبدالقوي الذي استمر بقاءه في وظيفته بشركه التجاره واستمر وجوده في الداخل  حتى وافاه الله قبل أعوام اثر مرض عضال رحمه الله. ومع ذلك وكما حدثني العزيز الراحل صالح علي فانه أبقى على عضويته في التنظيم والحزب الاشتراكي طيله فتره تواجده بأمريكا   .

بعد سنوات  من افتراقنا رغم تواصلنا الذي لم ينقطع  التقينا صدفه في القاهره اثناء عودتي من المانيا وعودته من امريكا ، كان لقاءا مؤثرا طبعا بعد سنوات من الافتراق ،  ويومها قرر العوده للزواج من ابنه عمه الشيخ عبدالقوي من زوجته الثانيه وفعلا تمت مراسيم الزواج وكنت المعني بقياده السياره المرسيديس التي تزفه واذكر اننا توقفنا عند استوديو دار السلام لالتقاط الصور التذكاريه له ولعروسه المصون ، وبعد الانتهاء من التصوير ركبا السياره ولكن السياره لم تتزحزح عن مكانها ،كان  موقف محرج ما بعده موقف ، تصبب الرشح من أنحاء جسدي كالشلالات ،و كلما التقينا تذكرنا هذا الموقف .لم ينقطع تواصلنا ببعض وحين زار البلد بعد عام ???? التقينا كثيرا وبعد ان تكررت زياراته للداخل لم تنقطع لقاءاتنا الاخويه وكما التقينا في طفولتنا وفي يفاعتنا وفي شبابنا التقينا ايضا ونحن رجالا وفي كل هذه اللقاءات كانت تصاحبنا نفس مشاعر الانسجام ، ونفس الأحاسيس المفعمة بألموده وبالتفاهم وبالاحترام والتقدير ، حتى في عز حالات غضبه وانفعالاته فحين التقيه  و احدثه كان ينصت و  يستمع الي بموده واحترام ،كنا منذ الطفولة منسجمين روحيا  مع بعض ، لا اذكر ابدا اننا تشاجرنا او اختلفنا ابدا، الى قبل ايام من وفاته والتواصل مستمر بنفس الروح وبنفس المشاعر .اشعر بالأسف والحزن الشديدين عليه وعلى رحيله المبكر  بهذه ألطريقه الدراماتيكية  المحزنة ، وهو المفارق لأولاده وأسرته المقيمين في امريكا لسنوات ، تركهم هناك ليبحث عن الوطن الذي ضاع في عام ???? ، كان مبادرا  ونشطا للتواصل مع الكل ، وكان حضوره قويا وبالذات بعد وفاه ابن عمه الشيخ حسين عبدالقوي في الأردن ،لم يكن يمر  موقفا خاصا او عاما الا ويجمعنا اتصال للتشاور ،وحين نلتقي يستمع باهتمام لكل رأي  يطرح ، وللأسف فلا يعرف المرء باهمية الشيء الا حين يفقده ، وها نحن نفتقد الشيخ صالح علي ونفتقد حضوره الإيجابي  دوره وحماسته وحكمته ونكرانه لذاته وهو يتصدر المشهد في معالجه الامور وإصلاح ذات البين وفي فرمله بعض التوجهات الحاده ، في ظل غياب وانهيار مؤسسات الدوله وضعف القبيلة كان رحمه الله يعي  الواقع   ويدرك تعقيداته ، لكن الجهل وعمى البصيرة طغى على كل شيء ليصبح ضحيه ذلك ، ويصبح قربانا  لنوايا  التغيير وإصلاح ما اعوج في العقول وبالنفوس، وما حصل معه،  وبعد موته  بيوم واحد خير دليل على عمق المآساة التي تحتضنها عقول بعض الذين تصحرت نفوسهم  وتجردت من معاني  المشاعر الانسانية ليسترخص في نظرها القتل للنفس البشرية التي كرمها الله  وحرم قتلها الا بالحق، او الهدم والتدمير  لما عمره البشر. يقول تعالي "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ {178} وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {179})([14]. وفي قوله تعالى "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ" صدق الله العظيم[15]. واختتم حديثي برسالة كتبها لي على الخاص قبل فترة، وهي ليست الاخيرة طبعا، حيث كان اخر تواصل معه اثناء عزاء الاخ احمد حسن الوردي في عدن رحمهم الله جميعا . أعذرني أخي علي فقد كتبت في حينها رد على ردك السابق, وعندما عدت لقراءة رسالتك الأخيرة لم اشاهد على صفحة الرسائل, النت هنا بطيء جدا, ويمكن عندي في الجهاز العديد من الفيروسات. دون أدنى شك أخي علي فنحن أخوة وزملاء طفولة ودراسة.. نحن أخوة وزملاء في كل المراحل وسنظل كذلك ما دمنا عائشين في هذه الحياة إن شاء الله, رغم الظروف التي تحول دون لقاءاتنا المستمرة وبالنسبة للقاء.. فقد تواصلنا معك أنا والأخ الغريب  قبل فترة هنا في يافع لأجل ذلك الغرض, فحالت الظروف التي تعرفها دون ذلك, ثم كانت سفراتنا أنت وأنا إلى الخارج.. إنها الظروف التي منعت ذلك الأمر, مع أن اللقاء ضروري خصوصا في هذه الفترة, سأنزل إلى عدن خلال الأسبوع القادم  وسنتواصل من أجل ذلك الأمر إن شاء الله. أتابع كتاباتك باستمرار, وأعتز بحروف وكلمات قلمك وبمواضيعك الهادفة والقيمة.. وأنا من المتابعين لموقع "شبام نيوز".

رحمه الله وأسكنه جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص