- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الثلاثاء بالعاصمة عدن
- عاجل : بدء صرف مرتبات ألوية وشهداء العمالقة الجنوبية لشهر أكتوبر
- بالاسماء.. 746 ألف دولار ميزانية وفد العليمي وغالبية النساء المكرمات من تعز.. بريطانيا ترفض حضور العليمي فعالية نسوية تكريمية غير رسمية
- رئيس الإمارات يستقبل وزير خارجية قطر
- مصادر لـ«الأمناء»:إجراءات مرتقبة لمكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين المتورطين بالفساد
- أهمية الجنوب وموقعه البحري الاستراتيجي
- وكالة إماراتية : قيادات الحو/ثي تتخلص من أملاكها في الحديدة استعدادا لهزيمة عسكرية
- محكمة الأموال العامة تعقد أولى جلسات محاكمة المتهمين بقضية فساد مصافي عدن
- اجتماع بعدن يناقش الترتيبات لتنفيذ مشروع خط كهرباء ساخن لمستشفى الصداقة
- محافظ سقطرى يناقش مع فريق مصلحة الجمارك جهود تطوير العمل الجمركي
الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
لم تعلن الوحدة في ذلك اليوم اندماجية، كما يتصور الكثيرون، بل كانت وحدة تقاسمية بين من "تغولوا" على الشعب - شماله وجنوبه - فأنتجوا مآسي لم يكن آخرها 7/7/94، المستمرة بهم وبشخوصهم الى اليوم في صراع التقاسم والشراكة، بعيداً عن حلم الوطن والدولة المدنية والديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان والتقدم والازدهار, وصلت حالة التقاسم العبثية ذروتها عندما وصل المتقاسمون الى فكرة الاندماج بين الحزبين الحاكمين، وتمديد الفترة الانتقالية والغاء فقرات من دستور الوحدة لشطب الآخر، ولو كان ذلك الآخر هو الشعب بأكمله، بل ذهبوا الى أبعد من ذلك بكثير إلى تقاسم "فيد" الوحدة.. فإذا كان الوزير جنوبيا اشتراكيا؛ كان النائب شماليا مؤتمريا، والعكس، بل وصلوا الى التقسيم المناطقي.. فإذا كان الوزير حاشديا كان النائب ضالعيا، والوكلاء واحد خولاني وواحد يافعي وآخر سنحاني او ردفاني... إلخ، والعكس، كان ذلك على سبيل المثال، وليس الحصر, حصص التقاسم لم تقف عند حد، فإذا حصل (فلان) على "أبو دبة" عوّض (علان) ببقعة ركن، ليحصل آخر على سكني تجاري, هكذا تم تقاسم الوطن تحت ظلال 22 مايو 90!!
كانت القوى الوطنية خارج السلطة تستميت لجعل الديمقراطية صنوا للوحدة؛ لضمان بقاء الوحدة وتقدم الوطن والشعب (أول من أطلق شعار الوحدة والديمقراطية صنوان لا يفترقان، كان عمر الجاوي)، وأن تبدأ بمشروع وطني خارج حالة التقاسم المزري للوطن على حساب المواطن، وأن ترسي مداميك دولة وطنية فتية تستمد مشروعيتها من الشعب ذاته، وليس من اعلان تقاسمي حتى لا نصل الى ما وصلنا إليه اليوم، فاجتمع الأدباء والكتاب والنقابات المهنية والاحزاب التي كانت موجودة خارج نطاق قانون العلن عند الحكام المتقاسمين، وكان معهم صناع الجمهوريتين (اليمنية والوحدة) الحقيقيين، الذين أدركوا - مبكراً - أن الحكام ألهاهم التقاسم، فكان لابد من عمل شيء ليكون حاجزا بين طموح الفيد والاقتسام، وطموح الشعب في دولة حقيقية قائمة على الديمقراطية والعدالة والمساواة!!
حالة الاغتيال المتفق عليها
لاغتيال ذلك الحلم؛ كان لابد من عمل سلسلة من الاغتيالات التي اتفق عليها المتقاسمون بصيغة "أنت اقتل او افعل، وأنا سأمنع ردة الفعل أو العقاب المضاد"، كما حصل عند اغتيال الشهيد حسن الحريبي، ومنع تظاهرات التنديد سواءً في صنعاء او في عدن، التي كانت تحت قبضة الشريك الاشتراكي، على أن لا يخل ذلك بجوهر التقاسم او الشراكة باغتيال حلم الدولة والوحدة في صيغة فعل، ومنع ردة الفعل؛ ليكون (العليان) على رأس تقسيم "الغلة" الناتجة منفردين!!
شراكة الفرقاء التقاسمية كانت تنافسية، نهمة في اقتسام الشعب والوطن، وهذا جعلها تتنافس بينها - أيضاً - على من يمتلك الحصة الاكبر ليصبح صاحب القرار، فأنتج ذلك أحداث 7/7/94 التي أخرجت احد الشركاء معززا مكرما مع ما خف وزنه، وغلا ثمنه دون ملاحقة، بل تم منع ملاحقته ممن تضرر منه في الجنوب ما قبل عام 90، كمن تضرر عام 86، أو 78، أو 67... إلخ.
دارت عجلة الزمان، وبدا ان الشعب اراد ان يأخذ زمام المبادرة في استعادة مشروعه الوطني في الدولة اليمنية الواحدة، فبدأت حالة الثورة تبدو في حروب صعدة وفي ثورة الرغيف 2005 ثم في حركة المتقاعدين العسكريين الجنوبيين، الذين توسعت حركتهم في 7/7/2007 لتشمل الجنوب كاملاً في سعي حثيث نحو التخلص من النصف المقتسم الباقي؛ ليلوح افق مقاومة شعبية تعيد الوطن لمساره الحقيقي، فكان لابد من احتوائها بإحياء حالة 22 مايو التقاسمية بإعادة شركاء التقاسم للواجهة بقسمة ما دون الشراكة الكاملة، في محاولة لحصر الحراك الجنوبي في رقعة جغرافية تمهيداً لإعادة الكرة كما حصل في 1994!!
استطاع الحراك خلخلة سلطة 7/7/94، وتحريك الشارع في الشمال نحو اعادة مسار التاريخ الى نصابه الوطني، بعيداً عن حالة التقاسم, في فبراير 2011 وتزامنا مع ما يسمى "الربيع العربي" الذي سرع بإشعال فتيل الغضب الجماهيري نحو التخلص ممن تبقى من حالة التقاسم، وصولاً الى دولة وطنية يمنية حقيقية مرتكزة على صنوي (الوحدة والديمقراطية).. استعان كل المتقاسمين للوطن بالخارج لإبقاء الوضع كما هو عليه، او كما كان عليه في مايو 90، فخرج الجزء الآخر من المتقاسمين للسلطة والمنتصر في عام 94، كما شريكه السابق معززا مكرما محميا بالحصانة؛ ليعيدوا الكرة مرة اخرى.. ليس بتقاسم السلطة بين كل الشعب، او بتعبير ادق اعادة السلطة للشعب لأجل ارساء دعائم وطن ديمقراطي، وانما لإعادة اقتسام الوطن وفقاً لما كان عليه في 22 مايو 90، او ما قبله حتى بدا المشهد السياسي كأننا ندور في دائرة مفرغة تستجر القديم ولا تنتج جديدا؛ ليبدو المشهد في الشمال صراعا ملكيا جمهوريا تقدميا رجعيا شافعيا زيديا عسكريا قبليا... الخ , ويبدو في الجنوب سلاطين وأكتوبريين، تحرير وقومية، يمين ويسار، زمرة طغمة... الخ، واعادة انتاج تحالفات تستجر الماضي وتحجب المستقبل!!
تلك الحالة هي التي يبدو عليها المشهد السياسي اليوم، مع عدم قدرة القوى الوطنية وكذلك الجماهير على كسر تلك الحلقة من خلال مشروع وطني جديد يحظى بحالة اجماع، او حتى في الرجوع للمشروع الوطني الذي ارست دعائمه ثورة سبتمبر واكتوبر، الذي تكالبت عليه دول خارجية ووكلاؤهم المحليون, بدا الشارع الثائر عاجزا عن تخطي تلك الحالة وانتاج شيء جديد ينقل الوطن من استجرار صراعات وتحالفات وتقاسمات الماضي الى افق جديد يلغي الماضي بإصلاح الحاضر ورسم ملامح المستقبل, وبدا اتكالياً اكثر من اللازم على الخارج وعلى صراع الفرقاء ولسان حالة يقول "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بيهم سالمين".
وهذا يجعلنا نقول إن اليمنيين اليوم اصبحوا امام مفترق طريقين: اما الاستمرار في تلك الحالة التقاسمية، او العودة الى المشروع الوطني لثورة سبتمبر واكتوبر، فعدم قدرة القوى الوطنية اليوم على صياغة مشروع حداثي جديد قادر على نقل الوطن من حالة التقاسم هو السبب الرئيس في حصر الواقع في خيارين، اما المشروع التقاسمي واما العودة لسكة مسار سبتمبر واكتوبر واصلاحها؛ كخيار واقعي لا يمكن تجاوزه عملياً!!