آخر تحديث :الخميس 09 مايو 2024 - الساعة:00:15:01
رمضان كريم.. ترحموا على الشيخ حمود الحارثي يا رجال
نجيب يابلي

الخميس 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

بريموت كونترول الهي وقعت يدي على قصاصة من ضمن الاف القصاصات في ارشيفي الخاص وكان رقمها أي رقم الصفحة 120 من مجلة الرجل اللندنية في عددها 94 الصادرة في يوليو 2000م أي قبل 13 عاما وافردت الصفحة للشيخ حمود عبدالله الحارثي، رئيس مجلس الدولة العماني وشدني كثيرا مضمون تلك الصفحة فالرجل كبير ومثله كبار لا حصر لهم في بلاد العرب والاسلام، الا ان الشيخ الحارثي رحمه الله كان متميزا في محطات حياته وببرنامجه اليومي النوعي فقد كان رحمه الله يصحو في الخامسة فجرا والفقرة رقم 1 في برنامجه ايقاظ ابنائه للمدرسة والاشراف على ارتدائهم ملابسهم والتأكد من وجود كتبهم وكشاكيلهم داخل حقائبهم وجودة افطارهم ويختتم برنامج متابعته لهم طلوعهم الحافلة التي ستقلهم الى مدرستهم وله فلسفة في ذلك ان وقوف الاب الى جانب الام في موقف الابناء من المسؤوليات سيغرس فيهم حب النظام والالتزام.

وفي السابعة والنصف من صباح كل يوم دوام يغادر الشيخ الحارثي منزله الى مكتبه بعد ساعتين ونصف يقضيها في البيت بين الصلاة وقراءة القرآن والاستحمام والاشراف على الابناء من لحظة الاستيقاظ من النوم وحتى طلوع الحافلة المدرسية ليتحرك بعد ذلك الى مكتبه في مجلس الدولة والذي يبعد عن منزله بنصف ساعة.

يصل الشيخ الحارثي الساعة الثامنة صباحا ليقضي ساعة كاملة في المكتب ولا يسمح لاحد ان يقطع عليه برنامجه في تلك الساعة وهي ساعة الاطلاع على الصحف المحلية والعربية وبعد ذلك أي في التاسعة صباحا يبدأ مشواره مع الواجب ويكون بداية مع الملفات الموضوعة امامه ويتصرف بعد ذلك الى اللقاءات والاستخبارات الرسمية التي تحددت سلفا ثم ينصرف الى بقية الالتزامات حتى الثانية والنصف ظهرا ويعود الى منزله لتناول الغذاء مع عائلته ثم قيلولة لمدة ساعة ونصف.

وفي السادسة مساء يذهب الى مكتبه الخاص لمتابعة اعماله واستقبال اصدقائه ويصرف بعض الوقت احيانا في حضور اجتماعات او مناسبات رسمية او شخصية ليعود بعد ذلك الى بيته في التاسعة مساءا حيث يقضي ساعتين مع الفضائيات وساعة مع اولاده يتعلم فيها الكمبيوتر من اولاده.

للشيخ الحارثي رحمه الله فلسفته في الغذاء والمقصود هنا الوجبة وفلسفته في ذلك ان يلتزم الطباخ بالتنويع والتغيير في اعداد وجبات الاسبوع غير ان الاسماك تحتل مكانة رئيسية في وجبات العائلة عموما ولا غرابة فالشيخ الحارثي ابن البيئة البحرية شأنه في ذلك شأن ابناء عدن حضرموت والمهرة واجزاء من ابين وشبوة ويفيده السمك في تجنب الكولسترول لانه كسول في الرياضة وتعجبه رياضة المشي لكن في اجازته السنوية التي يقضيها خارج السلطنة وكان رحمه الله ينوع المدن التي كان يقضي اجازته وكان يفضل دوما المدن الهادئة والارياف والشواطئ والغابات.

عجبت لهذا الشيخ الجليل الرصين الكيفية التي يرسم بها منهجه في الحياة وفي التعامل مع دقائق الامور في حياته الخاصة وعلى مستوى الاسرة والتي تعكس السيرة العطرة لهذا الرجل المتميز فهو من مواليد المخيرب شرق السلطنة في اكتوبر 1939م واكمل دراسته الثانوية العامة في مصر لينتقل بعد ذلك الى جامعة بغداد التي تخرج فيها في كلية الحقوق عام 1966م، بدأ الشيخ الحارثي حياته العملية بممارسة المحاماة في الكويت وانتقل بعد ذلك الى دولة الامارات ليمارس ذات المهنة ولبى الشيخ الجليل الحارثي نداء جلالة السلطان قابوس بن سعيد بالعودة لخدمة الوطن في برنامجها العملاق ببناء النهضة الشاملة بعد الثورة المباركة ..في يوليو1970م وعمل الشيخ حمود بن عبدالله الحارث خبيرا في الشؤون القانونية بوزارة النفط والمعادن خلال الفترة 1974/1978م ونال بعد ذلك الثقة السامية من جلالة السلطان قابوس بتعيينه وزيرا للكهرباء والمياه عام 1979 واستمر بمهام منصبه حتى عام 1983 ثم ترأس المجلس الاستشاري خلال الفترة 1984 /1985م ثم وزيرا للمواصلات حتى عام 1991م وخلال الفترة 1992/1997م نال الثقة السامية من عدن جلالة السلطان عندما اسندت اليه حقيبة العدل والاوقاف.

توجت ثقة جلالة السلطان قابوس بهذا الشيخ المستمر بعمله وخبرته ورصانته عندما اسندت اليه مهمة اول رئيس لمجلس الدولة العماني ولثلاث فترات بدأها عام 1998 وحتى اصطفاه الله الى جواره في الفاتح من مارس 2004م عن عمر 65 عاما.

حقا ان تجربة سلطنة عمان فريدة من نوعها على مستوى بلاد العرب والمسلمين وذلك اذا استثنينا ماليزيا ودور صانعها مهاتير محمد، لان السلطنة بقيادة القابوس نهجت نهجا عصريا سندته الارادة الوطنية والارادة السياسية ولذلك فأن ما تحقق للسلطنة خلال 43 عاما ستحققه دول رخوة كاليمن في 300 عام ولذلك فقد احسن السلطان قابوس اختيار رجال افذاذ لهم فلسفة خاصة في الحياة قائمة على قيم تراثه الاسلامي والعربي والقطري.

حقا لن نجد نظيرا عربيا او مسلما يصحو في الخامسة فجرا ويكون ابناؤه هدفه الاول او فقرته الاولى في جدول عمله الصباحي من الخامسة حتى السابعة والنصف صباحا..وجدت نفسي ملزما بكتابة هذا الموضوع على خلفية الصفحة التي قرأتها في مجلة "الرجل" عن الشيخ حمود الحارثي ، رحمه الله فترحموا عليه يا رجال.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص