آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:15:30:50
في الظاهر حل القضية .. وفي الباطن الحدود مع السعودية
د. عبيد البري

الجمعة 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

عندما قامت ثورة الشباب في فبراير 2011م لإسقاط  نظام الرئيس ، تشكل في ساحات التغيير أكثر من 500 ائتلاف معظمها لتمييع الثورة ، وضمنها ارتفعت  أصوات للمطالبة باستعادة السيادة على الأراضي اليمنية التي صارت أراض سعودية  بموجب اتفاق الطائف 1934م  الذي تجدد  بشكل نهائي عام 2000م  في اتفاق جدة . ويستطيع القارئ للأحداث معرفة سبب ظهور قضية "السيادة" في حين كان هدف الثورة إسقاط نظام الرئيس فقط !.

ومع أن الاتفاقات الدولية تبقى سارية المفعول بالرغم من تغير الأنظمة ، إلا إن التخوف كان داخليا وإقليمياً من أن يؤدي سقوط  الرئيس إلى  فتح ملفات  الفساد السياسي على الصعيدين الداخلي  والخارجي ، الأمر الذي قد يقود – إذا نجحت الثورة -  إلى محاكمة السلطة على هذا الأساس ، وبالتالي  ستسقط الاتفاقيات الموقعة وأهمها ترسيم الحدود اليمنية السعودية واتفاق الوحدة مع دولة الجنوب .

من هنا تدارك أركان نظام صنعاء خطورة تلك النتائج  المتوقعة  للثورة ، فسعوا إلى العمل على ثلاثة محاور على الأقل : كان الأول  لاحتواء الثورة  وتحويلها  إلى أزمة مفتعلة  تم  تبريرها بسفك  الدماء وإظهار أشكال من التهديد بتفجير حرب أهلية ؛ وعلى المحور الثاني جرى التنسيق مع مجلس التعاون الخليجي لإصدار المبادرة التي استهلت نصوصها بمنح  الحصانة  للرئيس وبقاء حزبه مشاركاً بنصف الحكومة ؛ أما على المحور الثالث فتم التنسيق مع عناصر جنوبية  في الخارج  لـطرح مشروع  الوحدة  الفيدرالية  بين إقليمين "شمالي وجنوبي"  بحيث  يأتي  حق  تقرير المصير من خلال استفتاء الشعب الجنوبي  بعد 5 سنوات  من  وحدة  يمنية  جديدة .

وللأسف أن البعض في الجنوب اعتقد أن مشروع الوحدة الفيدرالية كانت مبادرة جنوبية ، بينما الحقيقة  أنها "يمنية – إقليمية"  الهدف  منها  الوصول إلى صيغة  للاتفاق على وحدة فيدرالية  يمنية  بإجماع  كل القوى السياسية  في  الشمال والجنوب  بـدون الأقاليم الشمالية  التي بيد السعودية  أو غيرها .. وهذا "الإجماع"  سيعزز ويشرِّع  تبعية تلك الأقاليم  للسعودية  ويضع حداً  لأي مطالب  مستقبلية  بأراضٍ شمالية أو جنوبية  خارج  الحدود  المحددة  لـ "اليمن الاتحادية"  التي  سيتم  الاتفاق عليها  بحضور دولي .. ولهذا كانت ولا تزال هناك عناصر قيادية جنوبية مهتمة بهذه المصلحة الإقليمية .

لا يختلف اثنان أن الحق الثابت للشعب الجنوبي - بثورته  وتضحياته - هو  تحقيق الاستقلال  لدولة الجنوب .. ولذلك  لا نتوقع  من عنصر  جنوبي  مهتم  بالبحث عن أي " حل " للقضية  أن  يكون  يوما ما  صادقاً  في ما  يقوله عن  وقوفه  مع شعب  الجنوب  في الحصول على الاستقلال ، لأنه  يصرف النظر بتعمد عن حق  معروف  وثابت هو " الاستقلال " الذي  لا  حل غيره  إلا  تجديد الظلم على الشعب الجنوبي .

وأخيرا، أقول أن الشعب الجنوبي الذي استطاع  أن يوحّد إرادته  ويتعهد  بصورة  مهيبة  للشهداء والجرحى على استمرار تقديم  التضحيات  لقادر على تحقيق الهدف  بالرغم من الأشواك التي ستبقى في طريق الاستقلال  طالما  وُجدت عناصر جنوبية  تسعى إلى تحويل قضية الجنوب إلى موضوع  لـ "حوار جنوبي"، وتحويل هدف  الثورة الجنوبية (الاستقلال) إلى مسألة بحث عن "حل للقضية بتوافق جنوبي في الخارج" تحت قيادة وإشراف رعاة المبادرة الخليجية ؛ وليكون كل ذلك  بمعزل عن الشعب الثائر والقيادات الميدانية .

ولكن المرحلة القادمة ستكشف وتميز بين المواقف الجنوبية ، رغم  أن المواقف لن تٌعبـِّر بمجملها إلا عن موقفـين .. إما وطنية ، وإما خيانة !  

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص