آخر تحديث :الجمعة 16 اغسطس 2024 - الساعة:13:16:44
جمال بن عمر في اليمن .. وجيمس بيكر في المغرب
د. عبيد البري

الجمعة 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

لم يبحث الجنوبيون عن أي حل .. فلم تكن قضية الجنوب جزءًا من معاهدة سيفر 1920م لاستقلال الحجاز وكردستان وأرمينيا .. ولم يكن الشماليون شركاء في اتفاق جنيف 1967م  لاستقلال الجنوب كاتـفاق  القبارصة في زيوريخ 1959م لاستقلال قبرص .. وكذلك لم يطالب إمام اليمن باستلام الجنوب من بريطانيا كما طالبت المغرب بالصحراء الغربية .

فقضية الصحراء الغربية بدأت عام 1973 عندما تركتها أسبانيا لأهلها .. تقاسمتها المغرب وموريتانيا بمجرد خروج الاستعمار منها . وفي عام 1975 أعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في إدعاءات المغرب  نافية  فيه أي حق قانوني لأي دولة مجاورة للصحراء، واختتمت بالعبارة التالية تقريرها : "وعليه فإن المحكمة  لم يثبت لديها وجود روابط قانونية من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار 1514 المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تـقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان المنطقة".

وفي الفترة  1997 - 2004عمل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر مبعوثاً شخصياً لأمين عام الأمم المتحدة لإجراء مفاوضات مباشرة حول الصحراء الغربية، حيث انتهت الفترة بتقديم استـقالته لعدم التوصل إلى تسوية مقبولة لدى الطرفين المتنازعين  السيادة على الصحراء الغربية، وهما المملكة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (الإقليمين المحتلين من قبل المغرب - يشكلان 80% من الصحراء) وتعرف الجبهة باسم البوليساريو .

كانت البوليساريو قد تأسست عام 1973 واعترفت بها كثير من البلدان بدعم من المعسكر الشرقي والجزائر، بينما  المغرب كان حليفاً للمعسكر الغربي . وبعد سقوط المعسكر الشرقي أصبح وضع الجبهة وشعب الصحراء كبقية ثورات وشعوب العالم الثالث التي لا يزال المعسكر الغربي يعاقبها على علاقاتها بالاتحاد السوفييتي السابق لحساب الدول المتحالفة مع الغرب سابقاً .

 اقترح بيكر أربعة مشاريع لحل النزاع على الصحراء الغربية . تقدمت المغرب بالخيار الأول وهو "الحكم الذاتي" الذي يعطي لسكان الصحراء حق تسيير كافة أمورهم بنفسهم تحت السيادة المغربية، ولاقى هذا الحل دعما عربيا ودوليا واسعا، لكن البوليساريو رفضت المشروع  لكونه لا يؤدي إلى انفصال الصحراء الغربية عن المغرب .

وكان الثاني مشروع استفتاء الشعب الصحراوي للانضمام إلى المغرب أو الانفصال؛ وافق عليه الطرفان لكن نشب الخلاف على تحديد الناخبين؛ حيث رفضت البوليساريو والجزائر إشراك قبائل معينة في الصحراء من أصول مغربية، الأمر الذي جعل المغرب ترفض - حتى الآن -  أي حوار حول الاستفتاء بسبب الاختلاف على هوية الناخبين .

وتناول المشروع الثالث تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو ؛ وافقت عليه البوليساريو  لكن المغرب رفضته بحجة أن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب . أما الحل الرابع فربما أراده بيكر لفتح المجال للحرب بين الطرفين، حيث اقترح انسحاب الأمم المتحدة من الملف  وسحب قوات السلام من الصحراء .

وإذا كان جمال بن عمر قد عاش تجربة النزاع سياسيا ونفسيا بين بلده المغرب وبين سكان الصحراء التي تطمع بها المغرب، فعليه أن يتخلص من الذاكرة المغربية ويدرك أن الجنوب لن يسمح  بأي نوع من الطمع، وعليه ألا ينسى أنه يمثل حالياً المنظمة الدولية التي يجب احترام مبادئها ومواثيقها وأن قضية الجنوب ليست كقضية الصحراء حتى لو ادعت اليمن بأي رابط تاريخي بالجنوب مثلما تدعيه المغرب بالصحراء .

وعلى السيد بن عمر أن يكف عن القول أنه يبحث عن حل لقضية الجنوب .. فما عليه إلا  أن يرفع تقريراً نزيهاً إلى مجلس الأمن ليصف  فيه احتلال الجنوب كما يصفه عناصر نظام صنعاء، على أقل تقدير .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل