آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:15:30:50
نعم .. الشعب الجنوبي مسلح .. وستـبقى ثورته سلمية !
د. عبيد البري

الجمعة 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ربما اعتـقد نظام صنعاء بأن اختيار الشعب الجنوبي للطريق السلمي في ثورته منذ البداية كان نوعاً من الضعف أو الاستجداء .. وربما عبر عن ذلك الرئيس اليمني هادي في 21 فبراير الماضي في خطاب له قائلا : " نقول للذين لم يستوعبوا المتغيرات ولا الواقع الجديد اليوم أن دعواتهم للكفاح المسلح بتحريض من الدولة التي تدعمهم بالمال والإعلام والسلاح لن تـنفـعهم بل إنها ستؤدي إلى ضياع قضيتهم العادلة التي ستكون أهم محور في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي " .

فالنظام يحاول تصوير قضية الجنوب أمام العالم بأنها بيد جماعة يمكن سحبها منها بمجرد تلفــيق التّهَم الخبيثة للحراك الثوري الجنوبي ، بينما هم يعرفون أن الحراك هو ثورة الشعب الجنوبي صاحب قضية الجنوب التي يصفها الرئيس بأنها "عادلة وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي" ، لكنها بالأصل قضية وطن وشعب .. وأقل ما توصف بـه هو "استعمار الجنوب" كما وصفها اللواء علي محسن الأحمر في مؤتمره الصحفي عام 2011م ، مع أن الفرق كبير بين الاستعمار الأوروبي المعمِّر وبين الاحتلال اليمني المدمِّـر !.

لقد أصبح الجنوب بعد الاحتلال جزءً من فوضى السلاح في اليمن الذي توجد فيه أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بيد المواطنين المدنيين . وكان غريباً على الشعب الجنوبي أن يرى الأسواق تُـفـتح في الجنوب لبيع مختلف أنواع الأسلحة الفردية والذخائر بما فيها القنابل ومضاد الدبابات .. أسلحة وُضعت في السوق لتشجيع المواطنين الجنوبيين على اغتنائها واستخدامها ضد بعضهم البعض في الثارات القبلية الدفينة التي سعت السلطة إلى إثارتها بينهم مع مختلف أنواع الفتن التي عفا عليها الزمن بعد أن نال الجنوب استقلاله الوطني عن بريطانيا عام 1967م .

إن إطلاق مئات الأعيرة النارية في الجو في مدن الجنوب أمام مرأى ومسمع سلطات الدولة المدنية والعسكرية في حفلات الزفاف هو دليل على حيازة الأسلحة الرشاشة في المدن بشكل علني ، ويدل أيضاً بأن السلطة تؤيد وتخطط لنشر الفوضى في المدن .. وعندما يخرج المواطن إلى ساحات النضال السلمي تاركاً سلاحه في منزله استجابة لمبدأ سلمية الثورة الجنوبية وأخلاقياتها نرى السلطة تـفـتـك به دون وازع من ضمير .

ألم يكن باستطاعة الشعب الذي أندفع إلى عدن للتظاهر بالملايين كقوة بشرية قادماً إليها من الأرياف الجنوبية التي لم يخلو فيها بيتاً من السلاح أن يدخل إلى عدن بالأسلحة الشخصية ، ليصبح مجموع الأسلحة في ساحة واحدة مساويا لملايين المشاركين ؟! .. وهل كان الرئيس سيتهم تلك الملايين الثائرة بأنها قدمت إلى عدن بأسلحة إيرانية ؟! .. كلا ، فهو يعرف أن اغتـناء السلاح ثقافة سائدة في اليمن ، وأن الشعب الجنوبي مسلحاً مثلما الشعب الشمالي مسلحاً أيضاً !.

وبدون شك أن الرئيس هادي الذي عرف أخيراً بأن للشعب الجنوبي قضية عادلة ، يعرف أيضاً بأن الحراك الذي يسعون إلى عزله عن الشعب الجنوبي ليس حزباً ولا فرقة منقسمة إلى جناح مسلح وجناح يفـتــقر إلى السلاح ، بل هو الشعب الجنوبي الثائر الذي اختار الطريقة السلمية لثورته ؛ وبالتالي فالحراك السلمي هو كل هذا "الشعب المسلح" الذي تعمّد أن يترك السلاح جانباً أمام من يعتبرهم إخوانه في الشمال وإن كانوا من الظالمين !.. ولأن دروس الماضي جعلت الحـراك يدرك أن الخارج من الحمام ليس كالداخل إليه ! .

فهل لا يزال على الشعب الجنوبي أن يشرب البحر يا فخامة الرئيس ؟!.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص