آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:17:38:02
وداعًا وإلى جنة الخلد شيخنا مهدي عوض نائف المحمَّدي
غازي العلوي

الجمعة 31 نوفمبر 2022 - الساعة:17:18:30

ليس هناك أشد وقعًا على النفس مثل وقع نبأ رحيل شخص عزيز وقريب جمعتك به أجمل الذكريات وعشت معه أيامًا من أجمل أيام العمر بحلوها ومرها تقاسمت معه رغيف الخبز وتشاركتم الرأي والمشورة بالكثير من القضايا وقضيتم أوقاتًا طويلة تتذاكرون فيها كلام الله تعالى وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ولم يبخل في يوم من الأيام عن إسداء المعروف والرأي والمشورة وتقديم النصح لكل من قصده أو طرق باب منزله.

لقد كان نبأ رحيل الأخ الفاضل والشيخ الجليل/ مهدي عوض نائف المحمدي مؤلمًا وقاسيًا، ولكنها مشيئة الله ولا راد لمشيئته، فهكذا يرحل الطيبون دائما عن دنيانا الفانية، بصمت وبدون أي ضجيج وكأنهم يقولون "لا مكان لنا بينكم"، ربما لأن وجودهم بيننا كان له مكانة كبيرة في نفوسنا، وحبهم في قلوبنا غلب كل حب.

ماذا عساي أن أقول! فالخطب جلل والمصاب عظيم، وبماذا عساي أن أرثيك أو أتحدث عن صفاتك وسجاياك ومواقفك التي جسدتها طوال مشوار حياتك؟! هل أتحدث عن مهدي الشيخ الداعي إلى الله؟! أم أتحدث عن مهدي رجل الخير والبر والإحسان ونصير الفقراء والمساكين؟! أم أتحدث عن مهدي الثابت على مبدئه ومنهجه الراسخ الذي لم يتزحزح عنه قيد أنملة؟! أم أتحدث عن مهدي صاحب الكرم والجود والمعروف؟! أم.. أم.. أم.. ماذا عساي أن أتحدث أو أقول! فشهادتي فيه مجروحة ومهما تحدثت فلن أستطيع أن أوجز سجاياه وصفاته ومواقفه.

لقد تألمت وحزنت على هذا الرحيل أيما ألم وحزن، كيف لا نتألم ولا نحزن على فراق من كان للعلوم النافعة معلمًا وناشرًا في زمن قلّ أن تجد فيه من يصدح ويجاهر بتعاليم دينه؟! كيف لا نتألم ولا نحزن على فراق من كان للمساكين أخًا وعضدًا؟! وكيف لا نتألم ولا نحزن على من كان للفقير عونا بعد الله ومساعدا؟! كم شخصًا منا سيفقد تلك البشاشة على محياه؟ وكم واحد سيفتقد النبل والسخاء والجود والكرم، والتواضع ودماثة الخلق والشهامة والصدق وصفات كثيرة تندر أن تجتمع في رجل واحد في هذا الزمان رغم الظروف الصعبة ومرارة العيش؟!

سنفتقد ضحكاتك التي ما تزال تجلجل في أذنيّ ومداعباتك للأطفال وصغار السن، سنفتقد صوتك وأنت تصدح بالأذان، سنفتقد تلاوتك للقرآن الكريم وأنت تؤم المصلين، سنفتقد لمواعظك ومحاضراتك التي اعتاد سكان منطقة الجبل (شرق القشعة) أو ما أسميتها أنت منطقة "لوقطة" سماعها قبل صلاة العشاء وتراويح رمضان، سنفتقد تلك الجلسات وتلك النقاشات وسنفتقد مشاهدة تلك الجموع التي اعتادت الصعود إلى الجبل لمجالستك وقضاء أوقاتها معك.

لقد كان - رحمه الله - من ضمن أوائل من حملوا لواء الدعوة إلى الله في منطقة القشعة والمناطق المجاورة لها بالإضافة إلى رعايته لحلقات تحفيظ القرآن الكريم وتكفله باستضافة شيوخ العلم الذين يأتون من خارج المنطقة، كما ساهم ببناء العديد من المساجد عبر تواصله وعلاقاته برجال الخير، وأدخل البهجة والسرور على الكثير من الأسر الفقيرة واليتامى، وللفقيد الراحل مهدي عوض نائف بصمات خير كثيرة وعديدة لا أستطيع إيجازها في هذا الحيز اليسير.

 ختاما، لا نقول إلا ما يرضي ربنا، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا أبا عزام لمحزونون، رحم الله ضحكة لا تنسى، وملامح لا تغيب عن الذاكرة، وحديثًا لطالما اشتقنا لسماعه، فليرحمك الله ويجعل الجنة مثواك في عالي عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وعزاؤنا لأولادك وإخوانك عبده نائف ومحمد ورمزي وأولاد إخوانك وكافة آل المحمدي في القشعة بمديرية الملاح ردفان بمحافظة لحج.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص