آخر تحديث :الخميس 02 مايو 2024 - الساعة:11:00:52
دور الإنجازات العلمية والإقتصادية والرقي الإجتماعي في صناعة التحولات على مستوى العالم
محمد مرشد عقابي

الخميس 10 مايو 2020 - الساعة:10:22:26

 

تفوقت أوروبا لاسيما الغربية منها على غيرها منه شعوب العالم الأول في التصنيع الرصين والإبتكار المبهر وإستثمار العقول والأفكار، وأسست اليابان لحرفانية عالية المستوى professionalism عبر تنشئة الفرد منذ الدرس الأول حتى تخرجه من الجامعة على الأختراع والخلْق وإتقان الصنعة بطريقة غريزية في إستثمار مثالي للموارد البشرية، والشخص المحترف هو ذلك الذي يجيد الصناعة ويحيق بأسرارها عبر المعرفة التي يمتلكها والمؤهلات العملياتية الرفيعة التي يحوز عليها من المران والتجارب والأخلاقيات في أدق تفاصيلها حتى تلك المتعلقة بطريقة التعامل مع الزبون والإلتزام بقواعد ملابس معينة ويشكل المهنيون في الدول التي ارتقت سلم التطور النسبة العالية من افراد الطبقة العاملة والمتعلمة.

يقول البروفيسور عبد الظاهر محمود السقا : كثير من نوابغ العالم في العادة لا تبرز عندهم الألقاب وإن حملوا شهادات عالية لانهم يدركون جيداً ان العبرة في النتائج وإلا فما معنى ان تحمل مسمى براقاً، وانت لا تتقن ممارسة الوظيفة ولا تحسن أداء الواجب وهو امر تكابد منه الكثير من دولنا العربية حيث اللهاث وراء المسميات الأكاديمية الشكلية واتخاذها سلماً للمناصب والمراتب العليا فيما الواقع لا يفصح عن مهنية لدى البعض من حامليها ولا إنجازاً مادياً أو مهارة يعول عليها.

ويستدرك بالقول : قواميس العمل الغربية لا تصنف حاملي الشهادات العالية ضمن الفئة المهنية إلا إذا رافق ألقابهم البرهان العملي لا التنظيري ذلك ان كتابة الأفكار على الورق لن يكون المقياس وتأليف النظريات لن يجدي نفعاً ما لم يؤتي ثماراً، ولهذا السبب يقود المهنيون المجتمع حتى في مجالات السياسة والإقتصاد ويصعد الى مركز القرار ذوو القدرات على التنظير والتطبيق، وفي الجامعات العريقة يكون دور الأستاذ لا ينحصر في إعطاء الدروس للطلبة بل ربما قضى جل وقته في مختبرات التجارب وفي المصانع لتقديم الأستشارات وفي مراكز البحوث للوصول الى نتائج عملية مبرهنة للإفتراضات، لذا لا تأتي المهنية عبر التدارس النظري فحسب بل يشاء لها ان تستمد روحها من الحنكة العملية حتى في مرحلة الدراسة للأفراد الذين لا يتخرجون من الجامعات والمعاهد أشخاصاً نظريين بمسميات فحسب بل افراداً عمليين مارسوا العمل والإبتكار والإنجاز في المختبرات ومراكز التطبيق وبين المجتمع.

وتابع حديثه بالقول : تنتشر في الدول العربية المئات من الجامعات التي تلقن فيها الدروس بطريقة بصرية بحتة وازدحمت الساحة بالألقاب "العلمية" ويألف الطلاب في كل عام مئات الآلاف من الأطروحات التنظيرية التي لا تتعدى كونها تلفيقاً لمقالات ومعلومات ونظريات وكل ذلك من اجل الحصول على اللقب وليس من اجل وضع النظرية على سكة التطبيق بل ان رسالة الدكتوراه او الماجستير سرعان ما تركن على الرف حتى من قبل حاملها والعكس يحدث تماماً في الدول المتقدمة ذلك ان المدارس المهنية تخرج مئات الآلاف من الطلاب سنوياً من مبرمجين وصناعيين وحرفيين يبنون البلاد ويوفرون الخدمات ويبتكرون المشاريع ومن دون القاب ورسائل شكلية فيما يضيع الإنجاز المهني في المدارس والمعامل والمتاجر والدوائر الحكومية والمؤسسات الأهلية في الدول المتخلفة وغالبيتها الدول العربية، لهذا ينسحب ذلك على استئمان الفرد بالموظف الحكومي واستاذ الجامعة والمدرس والمنتوج الوطني بسبب تغييب معايير الجودة في الخدمة.

ويختتم بالقول : يتجاوز معنى الحرفانية الى ابعد من توظيف الفكر في الواقع الى القدرة على ابتكار أساليب الإدارة وتسهيل أمور المراجعين والإرتقاء بآداب الوظيفة والإلتزام بها وهو امر لازالت بيئة العمل العربية تعاني منه.

يقول مدير الموارد البشرية في شركة مابل هوليستيكس : "الحرفانية علامة على الموثوقية والمسؤولية" فالأمة صاحبة الإنجازات العلمية والإقتصادية والرقي الإجتماعي لا تركن الى التنظير وتفريخ الشهادات والتسميات الأكاديمية الشكلية ولا تعتمد في مصيرها على المدعين المعرفيين او الذين اوصلتهم الى مراكز القرار المحسوبية والمنسوبية والعلاقات بل على الإحترافيين العمليين القادرين بشكل عملي ومبرهن على الإبتكار والإنجاز حينها تدور عجلة التطور الجامدة بسبب مقودها المدار من قبل طارئين على القيادة الذين يتقمصون شخصيات "مهنية" و"اكاديمية" لا تمت لهم بصلة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص