آخر تحديث :الاحد 05 مايو 2024 - الساعة:00:21:07
القوى الدولية ترجّح كفة الاعتماد على الجنوب
عادل المدوري

السبت 24 مايو 2019 - الساعة:11:22:58

الأحداث السياسية في الجنوب والشمال تتلاحق بشكل متسارع لتؤكد بأن هناك نوايا حقيقية لإنهاء الحرب، وأمامنا فرصة متاحة لتحقيق سلامٍ دائم في الجنوب والشمال، حيث تشهد هذه الفترة مساعي دبلوماسية مكثفة على مستوى وزارة الخارجية للمملكة العربية السعودية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى مستوى البعثات الدبلوماسية، والسفارات العربية والأجنبية وممثلين عن جماعة الحوثي وكل من له علاقة بالحرب أو بالسلم في اليمن.

وقد تكون الأيام القليلة القادمة حاسمة ومفصلية لملف الحرب ومصير الجنوب والشمال والحكومة الشرعية ومأرب والحوثي واليمن بشكل عام، وينبغي أن نتوقف عند تصريحات الخارجية السعودية وكذلك تصريحات لمسؤولين حوثيين بارزين أكدوا وجود اتصالات مباشرة بين قيادات من جماعة الحوثي وقيادات من المملكة العربية السعودية كان آخرها الخبر الذي نشرته وكالة "الأناضول" التركية وكشفت عن اتصالات بين نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان ورئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط.

وهناك لجان سياسية وعسكرية بين الجانبين تم تشكيلها وتعمل من أجل البحث عن حلول سياسية لإنهاء حرب اليمن التي أصبحت مكلفة لجميع أطراف الحرب، وتعتبر هذه التحركات السياسية خطوة كبيرة ومهمة ومتطورة جداً، وستكون تلك التحركات والاتصالات مفتاحًا للتفاوض المباشر بين جميع الأطراف اليمنية والتحالف العربي لإيجاد حلول تطرح على طاولة مفاوضات الحل النهائي.

إشارات ورسائل وتصريحات هامة نتلقاها تباعاً على أن البلاد مقبلة على تغييرات إيجابية نحو السلام، وكان مارتن غريفيث، المبعوث الأممي إلى اليمن، قد أشار في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن أن الغارات تراجعت خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة 80%، كذلك توقفت جماعة الحوثي عن هجماتها على السعودية، وربَطَ تلك التطورات بالتوقيع على اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

 كذلك تصريحات للسيناتور الجمهوري الأمريكي البارز "ليندسي غراهام" لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الذي كشف عن خطة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط والمتضمنة إيقاف الحرب في اليمن ومعالجة الوضع ضمن خطة سلام تدعم استعادة الدولتين في الجنوب والشمال، واللتان كانتا دولتين مستقلتين لكلٍ منهما حدود وجغرافيا وسيادة وعلَم حتى العام 1990، مع ضمان أن تكون الدولتان منزوعتين من السلاح الثقيل حسب ما أكد السيناتور الأمريكي.

كذلك تسريبات ورسائل سياسية هامة مررت عبر منصات تويتر لباحثين سياسيين إماراتيين أشارت عن إمكانية إشراك جماعة الحوثي في مستقبل اليمن، وهو ما يفهم وبحسب المعطيات عن وجود سيناريو مدعوم من القوى الدولية يتضمن الاعتراف بدولة بالشمال للحوثيين ودولة أخرى بالجنوب للمجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء دور الرئيس هادي والحكومة الشرعية التي كانت وما زالت مخترقة من قبل جماعة الإخوان المسلمين المدرجين على لائحة الإرهاب الدولي.

 ولا شك أن اتفاق الرياض، الذي باركته جميع القوى الدولية الكبرى والفاعلة، كان بمثابة حجر الزاوية الذى يمسك أركان البناء، وانطلاقاً منه تستطيع القوى الدولية وضع الحلول لحرب اليمن وأزمات اليمن المزمنة، حيث أن جميع الحوارات السابقة، كالحوار الوطني والمبادرة الخليجية، لم تتطرق إلى أصل الأزمة اليمنية وهي قضية الجنوب، التي باتت اليوم القوى الدولية تدرك أهميتها أكثر من القوى السياسية اليمنية، وكان اتفاق الرياض كلمة السر ومفتاح الدخول لحلحلة مشاكل اليمن.

فاتفاق الرياض برعاية وحضور المملكة العربية السعودية كطرف رئيسٍ راعٍ وضامن قد جب ما قبله من اتفاقات وحوارات ومبادرات ويؤسس لمرحلة جديدة، فبعد اتفاق الرياض تحركت المياه الراكدة، وتحركت الدبلوماسية على جميع الأصعدة، وكما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الكلمة التي أقامها أثناء توقيع الاتفاق بأن اتفاق الرياض هو فاتحة خير وسلام لليمن ولأبنائه في شماله وجنوبه.

ومما سبق نستنتج الخلاصة وهي: إن التحالف العربي والقوى الدولية سترجح كفة الاعتماد على الجنوب وعلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وبالتالي لن يسمح التحالف العربي باستهداف عدن من قبل قوات حزب الإصلاح - وكلاء قطر وتركيا - أو الحوثيين - وكلاء إيران - وهذا ما عملت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة منذ بداية عاصفة الحزم في العام 2015م وبدعم ومباركة الأشقاء في المملكة العربية السعودية.

فالإمارات والسعودية والقوى الدولية لديها مشروع دولي، وتدرك تماماً أهمية عدن ومضيق باب المندب وأهمية الجنوب في شوكة الميزان الدولي وفي الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وعلى ذلك ستعمل السعودية والإمارات على إقامة توازنات استراتيجية حقيقية باليمن لإنهاء الحرب، ولن تكون تلك التوازنات بمعزل عن جماعة الحوثي وإن كان الحوثي لا يبدي احتراماً لجواره الإقليمي، إلا أنه سيكون من الحكمة المحافظة على الأقل على حق الجار بحسن الجوار.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل