- الضالع.. مقتل بائع متجول على يد موظف بمكتب اشغال دمت
- قوات الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط عدد من الأسلحة غير المرخصة في مديرية المنصورة
- خبير اقتصادي يصف الحكومة بالفاشلة ويحذر من أزمة اقتصادية عميقة تهدد بوقف الدورة الاقتصادية تمامًا
- تحقيق يكشف تفاصيل جهاز "الأمن الوقائي" وأبرز قيادته وتركيبته وطبيعة تنظيمه
- برعاية المحرّمي وتمويل إماراتي.. تدشين 10 مشاريع في قطاع المياه بمديرية المحفد أبين
- برعاية المحرّمي وتمويل إماراتي.. تدشين 10 مشاريع في قطاع المياه بمديرية المحفد أبين
- المخدرات وتداعياتها على الشباب والمجتمعات.. مؤتمر دولي في عدن يدعو لتحمل المسؤولية التضامنية
- مصدر حكومي: رئيس الوزراء يغادر الى السعودية للتشاور حول الدعم الاقتصادي
- وزير النقل يلتقي سفير بلادنا لدى جمهورية مصر العربية
- وزير الخارجية يؤكد على اهمية دعم الحكومة وايجاد آلية عمل مشتركة لضمان حرية الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر
الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
من المفيد جداً العودة إلى دروس حرب 94، عندما أعلنت دول الإقليم، بطريقة شفافة، بأن الوحدة لا تُفرض بالقوة، وبذلت جهود سياسية ودبلوماسية وعقدت لقاءات وأصدرت بيانات وأطلقت حراك في أروقة مجلس الأمن الذي أوفد الإبراهيمي، ليترك يَباس وجهه النافر من اسمه "الأخضر" وجع مستدام في الذاكرة. وقد توهمت جموع اليائسين من أهل الجنوب حينها بأن دول الإقليم تسعى بجد لتكوين لوبي تمهيداً للاعتراف بالدولة الجنوبية العائدة من ركام الحرب؛ لكنها ما أن حلّ نهار 7/7 حتى صمتت كالأضرحة المستكنَّة، وسارعت إلى التعامل مع الأمر الواقع بأعلى درجات البراجماتية .
وربما كان ترسيم الحدود، بعد بضع سنوات من ذلك اليوم، مبادلة لغض الطرف عن هضم الجنوب بصورة نهائية.
ولا نجزم الآن هل أدركت دول الإقليم بأن ذلك كلفها الكثير حتى اليوم؛ لأن الحرب الدائرة منذ مارس 2015 هي درس قاس في التاريخ لدول المنطقة التي اتخذت عام 94 "نصف موقف"، دون أن تدرك بأن "نصف الموقف يؤلم أكثر". ولو كان هناك حزم مع الحق الجنوبي حينها لما تغول الإرهاب والتطرف في جنوب الجزيرة وهدد العالم، ولما عاش الإقليم حالة قلق وعدم اليقين، انتهت إلى حرب كبرى غير محددة أو محدودة، وغير مضمونة العواقب.
لقد كان إعلان المملكة السعودية في مارس 2015، بأن عدن خط أحمر بمثابة الصاعق الذي فجر طاقات الجنوبيين باتجاه ميادين القتال ظناً منهم بأن الدماء النازفة تصب في سبيل حرية الجنوب واستعادة دولته؛ لكن، وبعد أن قدموا قوافل طويلة من الشهداء وما يزالوا، أصبحوا حذرين للغاية من "خديعة اليوم التالي". لأن السكوت عن محاولة تفكيك الجنوب وإشعال الفتن فيه، والمواقف الضبابية للمملكة تجاه قضيته العادلة، وإمكانية التغيير في خارطة التحالفات، مؤشرات تبعث على الخوف الحقيقي.
ومع ازدياد القناعات باستحالة الحسم العسكري في اليمن، واستحالة استمرار الحرب دون نهاية محسوبة، وفي ظل الأجواء الخليجية المأزومة مؤخراً، لا يستبعد مراقبون أن المملكة قد تتبنى مقاربات معقدة تسعى من خلالها إلى إعادة ترتيب بعض الملفات، والعودة "جزئياً" إلى سياسة الاحتواء المتعدد، وفتح نافذة جديدة (...)، خاصة وأن المجتمع الدولي بات يقتنع بأن الحرب في اليمن لم يعد بإمكانها تحقيق أي تغيير في المعادلة سوى تعميق البؤس الاجتماعي… وأن السلطة الشرعية مجرد أداة بيروقراطية ضعيفة، منكمشة داخل مصالحها اليومية وغير مؤهلة لاستيعاب المتغيرات الكبرى التي حلت في الشمال والجنوب ولم تقدم أي نموذج مقنع للداخل والخارج في إدارتها العسكرية والمدنية.
لهذا على الجنوبيين أن يفهموا بأن السياسة ليست حالة روبوتية جامدة.. وأن إدارة ملفات وطنية كبرى تتطلب القفز على الغرائز إلى العقل بأعلى مستويات الكفاءة والحضور، وعليهم واجبات يؤدونها على مدار الساعة، تختلف عن الحملات التبشيرية بالمفاجئات والوعود العاطفية في أسواق السوشيال ميديا.
إن عالم اليوم بقواه الإقليمية والدولية لا ينظر، مع الأسف، إلى الحقوق السياسية والوطنية لأي طرف في أي نزاع إلا من خلال حجمه وقوته وتماسكه، بمعنى أن ميزان القوى العسكري على الأرض هو الذي يقود إلى/ أو يفرض التسويات السياسية، وأي شيء دون ذلك ليس سوى تفاصيل مكملة.
ومن هذا المنطلق يتعين على الجنوبيين أن يحسبوا أولاً بطريقة رياضية عامة ماذا لديهم غير التأييد الشعبي؟ لأن المرحلة الشاقة تتطلب ما هو أكثر من الحالة الجماهيرية… بمعنى هل تلك "الأحزمة والنخب" وكل أشكال "المقاومات" يمكن أن تشكل قوة موحدة في لحظة حرجة؟ وهل بإمكان "المجلس الانتقالي" أن يستكمل "بطريقة نموذجية" حواراً موضوعياً مع المكونات القريبة، وينجح في بناء الثقة وتجسير الثغرات مع الآخرين؟ وهل لديه قنوات حقيقية ليفهم ماذا يريد الإقليم غداً، وليس اليوم فقط؟
من الممكن جداً أن يصبح الجنوب مشروع سياسي كبير يدعمه الإقليم والعالم، لكنه من الممكن أيضاً أن يصبح في يد الآخرين مجرد ورقة في أي تسويات قادمة؛ لهذا فإن على من يمثل الجنوب أن يراكم أوراق القوة مثلما راكم الدماء .
وعليه: أن يتمتع برشاقة عالية وديناميكية غير مسبوقة، خاصة والظروف، المحمّلة بأثقال تفوق قدرات الجنوب المحاط بالخصوم، تتطلب مطابخ وعقول وكواليس، وتتطلب الابتعاد عن صناعة "القائد الرمز"، فالناس تكره ملامح التاريخ الذي أوصلها إلى هذا الحال، مثلما تكره أن ترى في الواقع ما يذكرها ببداية مشوار الستينات والسبعينات الذي أغلق الفضاءات وفتح لها ثقب تنفذ منه إلى عالم المصائب المتلاحقة.
وأولاً وأخراً على الجميع إدراك أن من يعدّ نفسه لمواجهة السيناريو الأسوأ هو الذي سينتصر، وأن "السلاح الذي حار حتى انتحر" لم يكن في التاريخ الجنوبي إلا بسبب الفتن الداخلية .
فأي "الفراتات" نختار "إن نضب الفل "مرة أخرى" من بئر ناصر؟ "مع الاعتذار لسعدي يوسف".