آخر تحديث :الجمعة 16 اغسطس 2024 - الساعة:13:16:44
عن الإستراتيجية الإقليمية لإلغاء استقلال دولة الجنوب
د. عبيد البري

الجمعة 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

 بعد ساعات قليلة من احتفالات الشعب الجنوبي بالعيد الـ 22 لاستقلال دولة الجنوب عن الاستعمار البريطاني ، قررت قيادة الحزب والدولة في الجنوب أن تكون آخر احتفالات شعب الجنوب بالحرية والاستقلال لدولته الجنوبية بدخول تلك القيادة في وحدة اندماجية مع قيادة الشمال التي كانت متواجدة آنذاك في عدن لانتظار القرار السياسي البديل لمرحلة التوجه الاشتراكي بعد سقوط النظام الاشتراكي في عقر داره (الاتحاد السوفييتي) وفي بعض دول المنظومة الاشتراكية .

ففي ذلك الوقت كانت قيادة الشمال ودول الإقليم تدرك تماماً بأن الشعب الجنوبي متمسكاً بأيدلوجية القومية العربية وليس بأيدلوجية الاشتراكية العلمية التي ألتزم بها قادة الحزب الاشتراكي وحدهم ثم تـنكروا لها وللتجربة الجنوبية لاحقاً .

وبالرغم من ارتباط القيادة الأعلى في الحزب الحاكم في الجنوب بالقيادة السوفييتية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في علاقة تتنافى مع المصلحة الوطنية ، فقد عاش الشعب الجنوبي حراً مستقلاً في وطنه بعد أن قدم أغلى التضحيات للحفاظ على سيادة دولته على كل شبر من أرضه وعلى مكتسبات ثورته ... ومع كل ذلك ، ضربت قيادة الحزب عرض الحائط بإرادة وحرية ومصالح ومقدرات الشعب الجنوبي بدمج الشعب الجنوبي الحر  بشعب يرزح تحت سلطة عسكرية ورثت صفتها العصبوية القبلية المذهبية المتخلفة من عهد الإمامة الملكية .

لقد ارتكبت القيادة الجنوبية السابقة خطأ ً فادحاً ليس فقط في عدم إيجاد حلاً  لتجاوز تلك المرحلة أو بهروبها إلى الوحدة ، بل في تعاملها مع الحقائق التاريخية ومع المعطيات السياسية الإقليمية تعاملاً سلبياً بغرض الخروج من مأزقها كقيادة لها سلبياتها ، مع علمها التام بأن قرارها يعد توريطاً خطيراً للشعب الجنوبي والأجيال اللاحقة . وكلنا يتذكر أن أول اتفاق للقيادتين في 30 نوفمبر كان على تشكيل لجنة ترسيم الحدود مع دول الجوار ؛ حيث أن الجمهورية العربية اليمنية لا تملك حق السيادة على كل الأرض اليمنية بموجب معاهدة الطائف ولم تكن قادرة على الاعتماد على نفسها في ميزانية وطنية مستقلة .

فهل تستطيع قيادة الجنوب السابقة أن تـنكر بأن الإعلان المفاجئ  لوحدة بين نظامين متناقضين سياسياً واجتماعياً وثقافياً ليس إلا لإفشال الوحدة العربية بينهما ، وبالتالي قيام حرب بين الطرفين كتحصيل حاصل بحيث تكون نتيجتها القضاء على دولة الجنوب والاستيلاء على الأرض والثروة الجنوبية للتعويض غير الشرعي عن الأرض التي سلمها الإمام يحيى للسعودية ؟! .

ألم يكن توقيت الوحدة وما تلاها من أزمة وحرب متزامناً مع موعد تجديد معاهدة الطائف ؟! .. وفي السياق نفسه ، أليس التوقيع النهائي على المعاهدة في جدة عام 2000م بعد الاستيلاء الكامل على الجنوب  تأكيداً آخر على المضي في الإستراتيجية الإقليمية وأحد ثمار الموقف من الجنوب ؟! .

ولذلك ، فإن جهداً سياسياً يقع على كل القيادات الجنوبية التي صمتـت طويلاً  كي تقوم بواجبها الأخلاقي والوطني لإبراز الحقائق التاريخية والأسرار السياسية على المستوى الوطني والإقليمي بكامل الوضوح أمام الرأي العام المحلي والعالمي ؛ هذا إذا ما أرادت الاستفادة من مبدأ الشعب الجنوبي العظيم في التصالح والتسامح والتكفير عن ذنوبها بحق شعب الجنوب . وعليها أن تترك قيادة الحراك المقاوم  سلمياً في الميدان للشعب الجنوبي فهو كفيل بها ! .

 

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل