آخر تحديث :السبت 17 اغسطس 2024 - الساعة:02:37:04
( آراء وملاحظات ) لا بد من قولها بصراحة ووضوح
صالح شائف

السبت 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

أولاً : ليس من الحكمة ولا من مصلحة الجنوب وقضيته إثارة أي شكل من أشكال المواجهة أو الرفض لعودة الشرعية إلى عدن ، وبغض النظر عن المواقف المؤيدة أو المعارضة لها أو المتحفظة عليها بشكل أو بآخر ؛ أو استدعاء الماضي وفتح أبواب الخصومة معها أو مع مؤسسات الدولة القائمة في الجنوب ومن يمثلها في هذه الظروف الحرجة ؛ وأيّا كانت المخاوف مبررة والأسئلة المثارة حول ذلك منطقية ومشروعة إلا أن طرح مثل هذا سيكون بمثابة فتح الباب الواسع والمناسب الذي ستنفذ منه القوى المعادية للمشروع الوطني الجنوبي بهدف ومحاولة وأده إن استطاعت فعل ذلك ؛ بعد أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقق من خلال افتعال المشاكل والصدام مع أجهزة السلطة والتحريض على عدم الاعتراف بها أو الاحتكام لـ ( هيئات خاصة ) مقابلة هزيلة وموازية لها قد يدعو لتشكيلها البعض ؛ وهو ما يعني إعاقتها عن مهمة إعادة الإعمار وحفظ الأمن وجعل الفوضى بديلا لها وسيتم ذلك تحت شعارات الدفاع عن الجنوب وقضيته وهو ما ينبغي للمقاومة الوطنية الجنوبية التنبه له مبكرا والحذر الشديد من مخاطر الوقوع في هذا المنزلق الذي قد يبدو مقنعاً وبراقاً لمن لا يفهم دسائس وخبث ودهاء القوى التي تقف ضد الجنوب وقضيته ، وقد يقع فريسة سهلة لها بعض ( المتطرفين ) وتوظيفهم في غير صالح قضيتهم ومن حيث لا يشعرون ..

 

ثانيا  :  إن الدعوة التي يوجهها البعض للرئيس عبدربه بصدد حسم موقفه من قضية الجنوب وحقه في استعادة دولته وفك ارتباطه بالشمال في هذه الظروف لهي دعوة غير مفهومة المقاصد وتفتقد للمنطق وتتجاهل الوضع القائم وتقفز فوق حقائق الواقع التي تشابكت فيها الأمور داخليا وخارجيا وأصبح مثل هذا القرار ليس بيد من يمثل الشرعية اليمنية وحدها والتي لا يعترف العالم بغيرها الآن ؛ بل وبيد الشرعية الإقليمية والدولية وقبل هذا وذاك هي بيد أبناء الجنوب ومقاومته الوطنية الجنوبية إذا ما أحسنت أدائها السياسي وأتقنت فنون ومهارات العمل والاستفادة من المعطيات القائمة وبكل تجلياتها ووظفتها بشكل عقلاني ومسؤول ؛ ووحدت صفوفها وقرارها وجعلت من العمل المؤسسي نهجاً حاكماً لنضالها وعلاقاتها التنظيمية الداخلية وفيما بين فصائلها المختلفة وعلى صعيد التفاعل والتعامل مع كل الأطراف الداخلية والخارجية ؛ والابتعاد عن السلوك العشوائي والمواقف الانفعالية وأن تتمكن من ضبط حركة تفاعلها مع أسس وقواعد الفهم الاستراتيجي والإدراك العميق للمتغيرات المتسارعة من حولها دون أن تفقد زمام المبادرة أو تنحرف عليها شوكة البوصلة في زحمة الأحداث المتسارعة ولا يحجب عنها غبار المعارك ونشوة الانتصار الجزئي المحقق في عدن والضالع من رؤية الهدف النهائي بوضوح .

ثالثا : إن استعجال الحل النهائي للقضية الجنوبية وقبل أن تحسم وتتضح الصورة النهائية للحرب الدائرة وقبل إلحاق الهزيمة العسكرية الحاسمة والكاملة والنهائية بالحلف الشيطاني ( الحوثي - العفاشي ) وجعل الجنوب محررا من قواتهم ومليشياتهم الإجرامية ؛ لهو نوع من التسرع المحفوف بالمخاطر الكبرى على القضية وأهلها ؛ ولن يقل خطورة عن مشروع التآمر عليها إن لم يكن أكثر إيلاما وتدميرا داخليا لها وسيكون لذلك تداعياته اللاحقة وهو ما نأمل عدم حدوثه بل ومنعه من الحدوث .

رابعاً : لن يستطيع كائنٌ من كان أن يسقط المشروع الوطني الجنوبي من بين ملفات الترتيبات السياسية النهائية التي ستلي التوقف الكامل للحرب ؛ بل ولن يستطيع أحد أو أية جهة من الجهات المعنية بذلك إنكار الدور الحاسم للمقاومة الوطنية الجنوبية في هذه الحرب ؛ وبالتالي فإن صمود واستمرار المقاومة وشمولية فعلها على أرض الجنوب وثباتها وتمسكها وحفاظها على نجاحاتها الميدانية لن يكون إلا في صالح الحل العادل والمنصف الذي يرضي شعب الجنوب ويلبي طموحاته ويستجيب لتطلعاته المشروعة في حقه التاريخي وسيادته على أرضه ؛ وهي ورقة تفاوضية بالغة القوة وعميقة المضمون ومتعددة الرسائل وسيقرؤها الجميع بوضوح كامل ودون لبس أو التفاف عليها ؛ ولذلك فإن الحفاظ على زخم وثبات المقاومة على الأرض وعدم الالتفات للجزئيات الصغيرة أو الدخول المبكر في التعبير عن الاستحقاقات أو التنازع حولها لهي الأولوية المطلقة التي ينبغي الحفاظ عليها وترجمتها على الأرض .

خامساً : الحذر من مخاطر الشائعات والحرب الإعلامية والنفسية التي تهدف لإثارة الفتنة بين أبناء الجنوب من خلال استدعاء الماضي وتوظيفه من قبل القوى المتنفذة في عاصمة القبائل وبأدوات جنوبية مع الأسف في بعض الأحيان في معركتها ضد الجنوب وكل الجنوبيين في محاولة لحرفهم عن مسارهم وإضعاف جبهتم والنيل من عظمة التصالح والتسامح الذي جسدته الدماء التي سالت وامتزجت في كل الجبهات والميادين ومن كل محافظات الجنوب الست تقريبا في الحرب الدائرة ؛ وهو أعلا وأعظم وأنبل ترجمة لمبدأ التصالح والتسامح الذي انطلق مدويا ومجنحا بالإخاء والمحبة والتضامن في سماء الجنوب الواحد الموحد من مقر جمعية أبناء ردفان في ١٣ يناير ٢٠٠٦ م بالعاصمة الخالدة عدن ؛ ومهد التربة الخصبة والأرضية الصلبة للانطلاقة المباركة للحراك الجنوبي السلمي الذي لم يعد سلميا بعد أن فرضت الحرب العدوانية الجديدة على الجنوب وأهله أن يحملوا السلاح عوضا عن رفع الرايات والشعارات وهم أهل لهذا وذاك وفي كل الظروف ..

 

سادساً : تفرض علينا حقائق التاريخ والجغرافيا وشبكة العلاقات الاجتماعية القائمة ومنطق الأشياء أن نفهم بأن نجاح الجنوب وانتصاره في تحقيق أهدافه المعلنة لا تعني وفي أي حال من الأحوال بأن ذلك سيكون بمثابة الحد الفاصل بين الجنوب والشمال وبأن كلاً منهما سيدير ظهره للآخر وكما لو أنهما جزيرتان منعزلتان عن بعضهم البعض ؛ بل على العكس من ذلك ستفتح أبواب التفاهم الحقيقي القائم على الاحترام والتعاون المثمر الذي يسمح بانسياب المصالح وتبادل المنافع وعلى قاعدة العلاقات المتميزة التي ستحكم هذه العلاقات مستقبلا بين الدولتين الشقيقتين وبعيدا عن أي شكل من أشكال الهيمنة أو الانتقاص من مكانة ودور وحق كل طرف في أي صيغة كانت يرتضيها الشعبان في سياق شراكة ندية ومتكافئة وبعيدا عن أوهام المشاريع الأيديولوجية سياسية كانت أم دينية؛ وأن يبقى دوما وفي كل الظروف القول الفصل في هذه الشراكة وطبيعتها وشكلها للمصالح والمصالح المتبادلة وحدها وهذا ما ينبغي إدراكه واستيعابه وبواقعية خالصة ومن غير شطط أو شعارات معلقة في السماء والتي لا يمنحها الواقع أي روح للحياة ؛ وعلى المتمسكين بشعار الوحدة أو الموت أن يتيقنوا تماما بأن ( وحدتهم ) لم يعد لها وجود في نفوس وعقول الجنوبيين لأنها قد قتلت وببساطة برصاصة شعارهم هذا ، وذبحت بسيوفهم المشتعلة بالنار التي أحرقت الجنوب وأهله وأحرقوا معها ( وحدة الموت ) ولأن مشروعهم قد كان عنوانه الموت وقد تحقق لهم ذلك ؛ أما نحن في الجنوب فمشروعنا هو الحياة والحياة باقية ومعها ستبقى قضيتنا حية لن تموت ..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل