آخر تحديث :الاربعاء 24 ابريل 2024 - الساعة:02:24:55
جعفر .. عظمة الحياة .. شموخ الشهادة
أحمد بوصالح

الاربعاء 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

 في صباح مختلف ومغاير لكل صباحات عدن المدينة الباسمة في وجوة ابنائها .
في صباح عدني لم يمت لتلك الصباحات العدنية التي عادة ماتبدأ ساعاتها بامتزاج شدو النوارس بإصداء صوت المآذن الداعية لامة محمد للصلاة وهدير الأمواج بصخور حقات وصيرة ورمال جولد مور .
صباحات عدن التي تدشن حضورها في رقعة الكون بصدوح حناجر المرشدي واحمد قاسم والزيدي وبن سعد وصباح منصر وفتحية الصغيرة  واسكندر ثابت وخليل محمد خليل المنبعثه من أثير إذاعة عدن العريقة التي تلقتطها بحس مرهف المسامع في منازل احياء المدينة الجميلة ومقاهيها ونواديها ومطاعمها وحافلاتها ومرافق العمل فيها مبشرة بيوم عدني متميزا كالعادة.
بخلاف كل الصباحات العدنية كان صباح ٦ / ديسمبر من العام الماضي ٢٠١٥م مختلفا ومغايرا كما أسلفت كونه دشن دخوله في حاسبة الزمن بحادثة كارثية بكل المقاييس زلزلت كيان كل مواطن محب للجنوب وحالم بعودته.
في ذلك الصباح الأسود طالت أيادي الإجرام حلم عدن وأمل الجنوب ونالت منه محولة امال العدنيين الى كابوسا مرعبا أجتاح مكنوناتهم ونشر الحزن في نفوسهم وقلوبهم بل وأجل مواعيد أفراحهم وتأجيل أمكنة وأزمنة الحلم الذي أنتظروه ومايزالون منتظرون إنبلاج فجره الموعود وإشراقة شمسه الساطعة بالحق والجمال .
نعم نالت كمية كبيرة من متفجرات الموت الموضوعة في سيارة فاخرة من القضاء على آخر رجال عدن والجنوب العظماء ووضعت نهاية مأساوية لمشوار الترميم و البناء الذي دشنه الشهيد جعفر منذ اللحظة الاولى لتقلده مهام رجل العاصمة عدن وتمكنه ببدايته المسئولة وأدواته الجدية من رسم بسمات الامل على شفة كل حالم بعودة بهاء ورونق عدن الذي أعتاد عليه أبنائها وزائريها .
جعفر ذلك الحلم القادم من ساحات الحرب  وميادين القتال الذي جاهد بمعية الكثير من الابطال الشرفاء بغية تحرير عدن من جحافل الشمال الذين داسو ترابها الطاهر باقدامهم اللاقطة لكل قذارات الاستحواذ والسيطرة ولطخو لوحة جمالها الآسر بالوان مطامعهم الوجودية وسلوكياتهم الخارجة عن قواميس ومراجع التعامل البشري .
جعفر الذي نال شرف حمل مشعل النضال وظفر ببيرق التحرير المصبوغ بدمه السائل على تراب الحسيني شرف البطولة وبالتالي ثقة التحالف العربي الداعم لتحرير عدن واخواتها الجنوبيات بتكليفه بقيادة المرحلة الاثقل بمخلفات الغزو والأصعب من مرحلة الحرب نفسها ووضع مشروع ترميم عدن وإعادة بنائها وإصلاح كل مادمرته أيادي الغزاة والياتهم القاتلة على كاهلة في ظروف أستثنائية ومرحلة أقل ما يقال عنها انها الأدق والأصعب في تاريخ المدينة العظيمة التي أنجبته وأرضعته حليبها وأسكنته جوارحها .
كل خطوات بداية الشهيد جعفر محمد سعد رحمة الله عليه التي كانت بمثابة الانطلاقة الناجحة على مضمار  العناء والكد الطويل كانت بمثابة الناقوس الذي نشرت خطورته الرعب في قلوب أعداء عدن من حاملي معاول تهديمها وقتل امال كل من ينتمي اليها.
في مثل هذا اليوم دوى صوت الانفجار الذي استهدف العدني الغيور جعفر ومعه دوت صيحة كل أم وكل أب عدني على فراق أبنا بارا له وانهمرت دمعات كل طفل عدني أخذت منه ايادي الارهاب أبيه ونزعت منه حضن الحنان عنوة.
نعم أستشهدت ايها البطل ورحلت نهائيا عن عيان مدينتك وابائك وأمهاتك وأبنائك ولكنك سكنتهم كما سكنتك مدينتك ومدينتهم عدن وأستوطنت حبا في قلوبهم الى الابد.
فألف رحمة عليك ايها الرجل الشجاع ومليون دعوة لك بالغفران من الله العلي القدير فنم قرير العين كونك قدمت ماعليك وأديت واجباتك نحو مدينتك وأهلك كاملة وأستحقيت أنبل الحب وأصدق البكى والحزن وأفضل الدعاء .
 رحمة الله تغشاك أيها الفارس الشجاع ولانامت أعين قتلتك ومغيبي طلتك المليئه بالحب والمشبعة بمفردات الأمل والغد الجميل .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص