آخر تحديث :الجمعة 09 اغسطس 2024 - الساعة:01:09:08
ثقافة الفجور
م. جمال باهرمز

الجمعة 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

دولة الجنوب قبل الوحدة دولة ذات مؤسسات مدنية راقية شهد لها العالم واحترمها المجتمع الدولي على كل الأصعدة. نعم لم يكن تزرع فيها فاكهة التفاح والعنب وكان يتم استيراده بالنادر ولكن كان التأمين الصحي والتربوي -التعليمي والغذائي والاجتماعي متوفر للجميع وعلى أعلى المستويات.. وكان سمت هذه الدولة العدل والمساواة في كل شيء (الناس سواسية كأسنان المشط في الحقوق والواجبات أمام الدولة). حتى وإن وجد بعض الظلم فهو يوزع بالعدل أي (المساواة في الظلم عدل) بل إن الرعاية الاجتماعية لمواطني هذه الدولة كانت الأفضل وفي الترتيب الرابع عالميا. فكان الجنين وهو في بطن أمه ترعاه مراكز الأمومة والطفولة المنتشرة في كل المديريات وبعد ولادته وبلوغه سن معين يذهب إلى الحضانة ثم إلى التعليم الأساسي والثانوي والجامعة في الداخل أو الخارج وكل هذه المراحل برعاية الدولة وبدون أي مقابل مادي (بالمجان) ثم يتم توظيفه وتسكينه وحتى في أرذل العمر عند التقاعد يتم إشعاره قبلها وإعطائه حافز ومكافأة وتكريم وتذكرة سفر خارجية لقضاء إجازة للراحة والعودة في إحدى الدول ولم يكن هناك فارق يذكر بين رواتب الموظفين والمسؤولين وتم القضاء على طبقة المهمشين وإشراكهم في المجتمع وأصبح لهم ما للبقية من حقوق وواجبات ويمتهنون أعلى وأفضل الوظائف (دكتور- مهندس- محامي- صحفي .......) .- والحقيقة أنها دخلت الوحدة ليس مع الشعب ولكن مع عصابة وأسيادها في الإقليم وكانت النية مبيتة بالغدر بهذه الدولة وبالوحدة فاتحدت عمليا هذه العصابة مع أرض وثروة الجنوب ..وفي سبيل الإبقاء على هذا الخيار تم تعميم أدوات هذه العصابة لطمس هوية شعب الجنوب وقتل وإسكات ثائريه ونشطائه وقياداته وعممت ثقافة صادمة للجنوبيين لم يألفوها أو يعرفوها وهي ثقافة الفجور...هذه الثقافة نذكر منها أمثلة هي كقطرات قليلة في بحر مما تم نشره في دولة الوحدة المغدور بها وباسمها :

- فتاوى التكفير المتسلسلة ومنها وأولها فتوى وزير العدل بتكفير شعب وإبادته بحجة أن أعداء الدين الجنوبيين المشاركين في الدفاع عن الجنوب في حرب 94م جعلوا شعبهم دروع ...وللقضاء على المفسدة الكبيرة يجوز إبادة الشعب كمفسدة صغيرة.

ولازالت الفتاوى سارية المفعول ولم يتراجع عنها أي أحد لا سلطة ولا علماء ولا مجلس نواب أو شورى أو مجلس القضاء ولا حتى قبيلة وبالتالي القتل مستمر على ذمة تلك الفتاوى.-  - عندما يستعمل أساليب عصابات المافيا لإسكات وقتل وترهيب النشطاء والمعارضين لسياسات التدمير والاحتلال ويتم تكميم أفواه البعض بالابتزاز الأخلاقي أو المادي أو التهديد بالأقارب.

- حينما أغلب مجلس النواب يتقاطروا لأطلاق سراح ابن تاجر نافذ وتهنئته بسلامة العودة لأهله ...ومحافظة جنوبية كاملة يتم تشريد أغلب أهلها وتدمير بيوت سكانها وبنيتها ونشر عصابات قوى النفوذ الإرهابية في مدنها وقتل ناشطيها ولا يصرح أو يستنكر أو يتعاطف أي عضو منهم حتى هذه اللحظة.

- حينما يشكو موظفو الدولة عن عجز المعاش الشهري بالإيفاء بالالتزامات المنزلية فيصرح رئيس الدولة باستجداء الرشوة ويقول (قلبوا أياديكم). - عندما يعمم انتشار العشوائي في مدن الجنوب للقضاء على جمال وتخطيط ونظام المدن وتحسينها مستقبلا... ويتم القضاء على الإبداع والمبدعين في الرياضة والأدب والفن وكل المجالات ويصبح الإبداع رجس من عمل الشيطان وفي الجانب الآخر .. شيخ فتنه جاهل هو الآمر الناهي والمسؤول عن رقاب البشر. - عندما الجيش يتبع النافذين ويصبح جزء منه عصابات إرهابيه ولوجستية للإرهاب ولا يتبع الوطن ... ويمارس مهام القتل في المدن.

والحدود تحرسها وتنقص منها الدول المجاورة ....- يتم تجهيل الأجيال وإعماد تدني مستوى التعليم وبالمقابل صرف المليارات على معاهد وجامعات التطرف خارج رقابة الدولة ونشر الطائفية لتكوين عصابات إرهابية عابرة للقارات ويصبح أرقى أنواع المعرفة هو تداول المنفعة عن بول البعير وإرضاع الكبير وطاعة الأمير وجواز لبس الثوب القصير ...والنقل قبل العقل وتعميم وتوزيع كتب التراث الذي كتبها المستشرقون في القرون الوسطى وإدخال الإسرائيليات في هذه الروايات والكتب وجعلها قوانين أولى من القرآن وينقسم المجتمع إلى طوائف متناحرة.

- حينما يتم نشر المخدرات من عصابات محمية من نافذين في الدولة لشل قدرة الشباب في الجنوب وانهاكهم حتى لا يطالبوا باستعادة دولتهم ولا حتى بحقوقهم من تعليم وتوظيف وحياة كريمة.

- حينما يقضي على القطاع العام الناجح باسم الخصخصة لصالح نافذين ومشاركين في دعم الحرب على الجنوب من بيوت تجارية والقطاع الخاص..... وإحالة عشرات الالاف من الموظفين إلى خليك في البيت.- تعميم الإحلال الوظيفي وضياع حقوق الأولوية للمسجلين في قيود الخدمة المدنية فيصبح ابن الوزير وزير وحاشيته موظفين عنده.. والمستحقين بالوظيفة بطالة وعالة. وتجد ازدواج وظيفي لمن يتبع قوى النفوذ فشخص لديه ست وظائف ... ويعمل لدى الشيخ وخريج جامعي في الجنوب بلا وظيفة.

- بعد هذا العرض المختصر لتعميم ثقافة الفجور في الجنوب ..الذي لا يعرف هذه الثقافة.. ونتيجة لصمت أغلب النخب الثورية والمثقفة من شعبنا في الشمال ...أليس الحق كل الحق مع هذه الملايين من الجنوبيين التي تخرج وتناضل لاستعادة دولتهم والتي تعتبر الجنة مقارنه بما هم فيه الآن :(وضاع من وطني بريقه / ومضى كلا في طريقه / وسجلت كل الجرائم ضد معتوه / وأقفل ملف القضايا العتيقة / ضاع حق الأيادي صانعة الحضارة / حق من تصبب عرقا / على المكائن والمناجل والمطاحن / في عدن الحب والمنارة.... / واختفت المبادئ من علم التجارة / الغش أرقى أنواع الشطارة / وأصبح في وطني تقليب الأيادي/ أفضل وأجمل وأسرع عبارة/ ضاع من وطني بريقه / وتشردت عقول النور / في الدول الشقيقة والصديقة / وأقصيت ضمائرنا الشريفة/ وفصلت على اللص الوظيفة / حين خان الشريك شريكه).

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص