آخر تحديث :الجمعة 12 يوليو 2024 - الساعة:02:47:49
آخر كلام !!
د. ليلى علي عقيل

الجمعة 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

أحب جداً أن أكون في بلدي .. و يغمرني إحساس طفولي بريء وقوي بالرغبة في أن أمارس مفهوم يطلق عليه (بنت البلد الجدعة) التي تعرف خبايا الأمور ، إذ أن هذا يشعرني بأنني لم أبعد عنها و بأنني لم أعش في غربة طويلة و بما أن صنعاء تمثل المحطة الأولى في رحلتي إلى اليمن ، فإنني أبدأ بالتطبيق فور وصولي إليها  و أول الضحايا هم سائقي التاكسي .. أختي التي عاشت في صنعاء بعض سنوات كانت قد نصحتني بأن أشترط السعر قبل ركوب أي تاكسي و رغم استغرابي، إلا أنني أحاول أن أطبق هذا الأسلوب !!

كما يجب فأبدأ بالمساومة و المناقصة، حتى أنني أشعر بالتعب و يضيع الوقت و تهدر الطاقات و لكني استمر حتى النهاية ، قد يفكر البعض أن المسألة هي مادية بحتة تكشف عن موطني الأصلي الذي يعرف عنه الحرص ،و لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق فمع مرور الوقت أصبحت المسألة بالنسبة لي  مسألة كرامة و مبدأ ، فكيف أستغل و أنا في بلدي !! و كم أشعر بالإهانة الشديدة عندما أعلم أنه تم استغلالي و أرى نظرات الرثاء في عيون أهلي.

و أكثر ما أخشاه تلك الحيلة  الذكية التي يلجأ إليها أصحاب التاكسي فيخيرني و يترك لي الأمر في اختيار المبلغ الذي أريده فيسقط في يدي و أظهر على حقيقتي و جهلي فكيف لي أن أقدر المبلغ و أنا لا أعرف الطرق و لا المسافات و لكني أختار سعر بالصدفة و أتعمد أن أقوله بثقة : هذا آخر كلام ! و أستميت على موقفي حتى النهاية ، تعبت من الأدب الزائد كم هو رائع عندما تشتري بعد تعب و مساومة و تشعر أنك تستحق ما اشتريته . كم هو رائع أن تكون في بلدك تشاغب و تمارس طقوسها الجميلة التي تفتقدها في الغربة.. لن يعي كلامي هذا إلا من عاش مثلي بعيدا عن بلده.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص