آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:31:26
حتى تقبل "الصلاة"
فضل مبارك

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كثر الحديث واللغط هذه الأيام عن "المؤتمر الجنوبي الجامع" .

وفيما يسعى مناصروه إلى التعريف بـ "الجامع" على أنه "المنقذ" و"السبيل" الوحيد للخروج بالقضية الجنوبية إلى بر الأمان ، فإن معارضيه يقدمون رؤية أخرى لمحتوى وأبعاد "الجامع" من خلال وصفه بأنه مسعى في إطار أجندات أصبحت معروفة من خلال ما يتكشف كل يوم عن "خفايا" الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر وتجييره لصالح طرف سياسي معين.

في فترة سابقة كانت تحضيرية المؤتمر الجامع قد أصيبت بما يشبه "الكساح" وتركها كثير من أعضائها المؤسسيين، بعد أن شعروا بحالة من الإحباط ، بسبب ما يطبخ خلف الكواليس ويقدم على أنه رؤى وطنية خالصة لوجه الله ولوجه الجنوب.. فيما هي في الأساس باتت معروفة وتهدف إلى التأثير وإقصاء طرف سياسي معين باستذكار صفحات الماضي.

ها هي اليوم بعد "العودة الحميدة" تنتعش "التحضيرية" بعد تغذيتها بـ "حقنة" لتتسارع عملية التحضير ومعها يتم عملية فرز لأعضاء اللجنة وفقا وهوية سياسية/ مناطقية وتسفر عن إقصاء عدد من الأعضاء الذين أبدوا خلال الفترة الماضية آراءً وملاحظات موضوعية، وانتقدوا سياسة "التكتم" والسرية في بعض أعمال التحضير، ورفضت الأعمال والمبادرات التي قدموها حتى للطرح للمناقشة في اجتماعات اللجنة التحضيرية.

كم نتمنى أن ينجح "المؤتمر الجنوبي الجامع" في لملمة الصف الجنوبي المتناثر، ويعمل على تقريب وجهات نظر القوى السياسة وصياغة توافق وطني جنوبي يسهم في تقديم صورة حضارية ديمقراطية سلمية.

لكن الهمس الذي أخذ يرتفع صداه مؤخرا في الساحة الجنوبية وخرج عن إطار المقايل إلى النشر والبوح العلني، وكذلك ما صدر عن بعض أعضاء اللجنة التحضيرية من الذين تم إقصاؤهم عنوة، أو ممن قدم استقالته من عضويتها.. ونخشى فيما نخشاه أن يكون ما ذهبت إليه القوى المعارضة للجامع حقيقة واقعة ولا غبار عليها من أن المؤتمر الجامع لم يكن لخدمة القضية الجنوبية ، ولم يأت من أجل لم الشمل وتوحيد الصف وإعلاء شأن الجنوب وقضيته، بقدر ما جاء وفق برنامج سياسي معد سلفا في إطار خطة شاملة تتبناها بعض الأطراف من أجل تمزيق الصف أكثر وأكثر،  وزرع مزيد من العثرات والعراقيل أمام أي تقارب أو توافق وخلق حالة جديدة من التمزق وتعميق بؤر الفتنة بين قوى الجنوب السياسية بوجه خاص وأبناء الجنوب بشكل عام.

ما نلاحظه اليوم من خطوات لا تنبئ عن التوجه إلى "مؤتمر جنوبي جامع" لكن الأمر يشير إلى أنه من خلال "نية" وأجندات المؤتمرين والموجهين للمؤتمر بالظاهر والباطن توحي وكأنه يسير إلى عقد مؤتمر ثوري للإعلان عن إشهار مكون سياسي حراكي بوجهة نظر واحدة ولا تقبل الآخرين فقط بل تعمل على إقصائهم وتخوينهم والتشهير بهم في أوساط المجتمع وتصويرهم وكأنهم سبب بلاء الجنوب.

وبذلك فإن "الجامع" يصبح ذا باب واحد.. مع أن المعروف أن يكون للجامع "أبواب" كثيرة وكبيرة من منطلق تسميته التي تدل على الاتساع.. حتى تستطيع كل القوى المختلفة أن تدخل من أي باب تشاء وتلتقي في صحن الجامع كساحة ينبغي أن تكون نقية طاهرة لا تقبل فيها الصلاة بغير نية صادقة ووضوء صحيح.

لقد خلق – حتى اللحظة – سير الأعمال والتحضير للمؤتمر الجامع حالة من التمترس بين القوى السياسية التي انقسمت إلى فريقين: فريق الجنوب العربي وفريق اليمن الجنوبي أو اليمن الديمقراطي.. وفيما يسعى الفريق الاول لإقصاء الثاني وفرض رؤاه بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة التي يستخدمها ضد خصمه، فإن الآخر يتمسك بما يرى أنه الصواب والمشروعي من خلال إصراره على أن يكون السعي لاستعادة دولة اليمن الجنوبي حتى يتم التعاطي معها قانونيا ورسميا باعتبارها كانت دولة قائمة معترف بها دوليا، وبعد أن تسترد يكون لكل حدث حديث في اختيار أي مسمى للدولة.

ولعل ما يعيب "المؤتمر الجامع" قبل أن يولد أن يعمل جاهدا على فرض رؤية "الهوية الجنوبية".. وفق معطيات وآراء بعض القوى السياسية دون التشاور وطرح كل رؤى القوى الآخر على بساط البحث والحوار، وأيضا والأهم فإن ذلك الطرح ليس وقته، لأنه يعقد القضية ويلقي مزيدا من العراقيل أمامها.. حيث إن موضوع الهوية موضوع اختلاف بيّن ، وقد يقود إلى مزيد من التمزق وإصرار تلك القوى على استحضار موضوع الهوية وفرضها كأهم بنود المؤتمر؛ إنما يعلن عن فشل المؤتمر قبل انعقاده.

كذلك فإن إصرار بعض القوى على استعراض مشكلتها وما تعرضت له من ظلم سياسي وإقصاء خلال فترة قيام دولة جنوب اليمن لا يعطيها الحق في تعميم "حالتها" واعتبارها حالة عامة للجنوب وقواه السياسية بقدر ما هي حالة خاصة ومسعى تلك القوى للانتقام وتصفية حساباتها ضد خصوم الأمس وفق منطق وقانون اليوم ومعطياته في ظل انتهاء زمن الحرب الباردة الذي قسّم دول العالم الصغيرة إلى تابع ومتبوع.. لأن ذلك المسعى لا يعبر عن حصافة سياسية وربما يسقط أوراق عديدة من رصيد هذه القوى التي هي بحاجة إلى مزيد من المناصرين والمؤيدين.

وبذلك فإما أن يكون جامعا مستوعبا للجميع.. أو اختصار الوقت والجهد وعدم إشغال الناس بمزيد من المشاريع والاكتفاء بجعله تحالفا وطنيا للقوى المتوافقة على رؤيته وهدفه.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل