آخر تحديث :الخميس 16 مايو 2024 - الساعة:20:38:40
من دفتر يوميات ثائر جنوبي معتصم ..الليلة الـ (47) في الخيمة !!
احمد الربيزي

الخميس 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

اعوجاج في ميزان العدالة ندركه تماماً ولا يحتاج منا إلى ذكاء خارق لنتبينه، هذا إن سلمنا بوجود عدالة دون الدخول في جدلية نسبيتها وفيما لو كان لها ميزان يحدد مقدار ميلانها وتأرجح كفتها في سماء بلادنا المغدور بها (الجنوب)،  هذا الاعوجاج الواضح ليس في وجه العدالة التي أوجدها الخالق والذي قد يبتلي أمة بأعمال مفسديها لكن الأمر في من أبتلاه الله ليكون على أيديه مقدرة نسبية لضبط ميزانها المتأرجح هكذا هي هواجس هذا الليلة الـ(47) منذ خيّمنا في ساحتنا الثورية ساحة الاعتصام المفتوح.

في هذه الليلة بعد أن عُدتُ مع الجماهير المكلومة من تظاهرتها من المعلا بعد القمع الوحشي الذي تعرضت له مسيرتها السلمية وقد استنشقت ما وصل إلى أنفي مما جادت به قنابلهم السامة .. ما أقبح فعلتهم !.. أسوداً في وطني المحتل وفراشات في صنعاء.

وضعت رأسي المتعب على قطعة البلوك التي أتوسدها في خيمتي وبدأت تثقلني هواجس ليلتنا الاستثنائية وهمومي تتضاعف مثيرةً في نفسي ألآم التوجع، تتزامن مع حشرجة صدري وآهاتي، والقهر المكبوت الصادر من كل خيام الساحة المقهورة يشعل ثورة، لا أدري ما طعم الحزن الآتي من عمق الآمال، من جذر الإصرار، لكني أعرف أن أحزان الثائر ليست ككل الأحزان فالثائر لا تسقط له دمعة، لا يصرخ، لا يبكي .. أحزان الثائر تُولّد ثورة.

في الجهة الأخرى مازالت هتافات الجماهير المقموعة الساخطة تتعالى في سماء الساحة، تتعالى حتى أرجاء المدينة المذهولة. الحزن السائد يتلوى في الساحة والقلق المتزايد قد يوقظ جنود البوابة من أبناء العربية اليمنية في بوابة معسكر قاعدة الشهيد بدر الجوية، هذه القاعدة التي كانت مصدر فخر كل جنوبي كونها خط الدفاع الأول لدولتنا قبل إعلان سيئة الصيت (الوحدة) في عام 1990 واليوم صار الخط الأول للمحتل اليمني في مواجهة الخيمة المنحوسة التي لا تملك حتى سكيّنة أو خنجر.

ما أجمل ثورتنا السلمية حين تعلّم هؤلاء العسكر فن الرقص..! فخلال الـ(47) يوماً قد ألفوا أصوات زواملنا الثورية وأهازيجها الشعبية، الطربية منها والراقصة ، وقد يتناسوا في لحظات بل وفي أوقات كثيرة تعليمات قادتهم الذين يحثوهم على مزيدٍ من اليقظة حتى لا تثور الخيمة القريبة المقابلة ، فتجدهم يتغنوا أغانينا وتتراقص بنادقهم على وقع أناشيد ثورتنا السلمية.

خيمتي الأقرب إليهم لا تخشى هؤلاء العسكر حتى في أشد حماسة بعض قصائدنا الثورية الصادحة من هذه الخيمة المسكينة المقهورة (صومعة رهبان الشعر الثوري) النابتة في ساحتنا الثورية حين يمُر شُعراء العصر السلمي ليعرضوا على أسماعي حماسياتنا الثورية، تتآلف أوتاد الخيمة وتشتد الأوتار وتغني للحرية وتدق نفير القوم، حتى في هذه الأجواء لا أخشى المتربص المتيقظ بجوار الخيمة حين يُعمر بندقيتهُ المهترئة منتشياً بحمّية الدولة المحتلة لبلادي.

مرت حولي كحات متقطعة من الخيمة الشرقية تتبعها أُخرى، وعيناي الثابتتان في سقف الخيمة لا ترنوا إلى شيءٍ غير أحلام الصبر وإيماني، وآمال الثوار، ومتانة أوتاد الخيمة.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص