آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:20:23:08
من شمولية الجنوب إلى شماليته والعودة مرة أخرى
شهاب احمد الحامد

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كفزّاعة خيال المآتة أو على غرارها تفعل الأنظمة الشمولية كي تتمكن من الهيمنة على الأفراد ، أو أن تسعى بكل جد لتنظيم كل مظاهر الحياة العامة والخاصة إن أمكنها ذلك . ولمن لم يعرف خيال المآتة فهو هيكل من عصي يكتسي بجلباب ليكون على هيئة شخص فارد  ذراعيه ، ينصبه الفلاحون وسط الحقول فيخيف الطيور التي تلتقط الثمار أو الحب المزروع.

اليوم وبعد أن أصبحت كلمة الشمولية أو النظام الشمولي إهانة يلاحق عليها المتلفظ بها في المجتمعات الغربية ، نجد من يمارس علينا صيغة استبداد جديدة هي أقرب إلى الديكتاتورية منها إلى الشمولية ، وذلك بمحاولة تشكيل الشعب بقالب معيّن وتدجينه وفق مفاهيم إيديولوجية معينة وان بأثر رجعي ، أو إشغال الشعب بعدو وهمي واسطوري أو إيهامه بعدو ما وتحميسه ضد هذا العدو.

أتذكر الان كيف كانت تتم عملية تنويمنا مرغمين بعد أن ترسم مخيّلتنا الصغيرة أشكالا متعددة كل مساء للشبح الوحش عمر صلفوح !. وكنا ندعو الله سرا وجهرا أن لا يرينا مكروها سواه مع الدعاء بالنصر والتأييد لدولتنا الفتية التي لولاها لتمكن (العميل) صلفوح من ذبحنا وأكلنا جميعا ، وعلى هذه الكيفية وبمثل هذا الاسلوب ابتدت الدولة الفتية في الجنوب آنذاك أولى خطواتها بحملات الطيش والارجاف وتزييف التاريخ وتشويه وقلب الحقائق وتخوين رفاق النضال ووضع قوائم سوداء بحق كل من يتم إقصائه وإبعاده من الجنوب وظهور مناضلين (هشتي) كبدل فاقد ،ثم السير منفردة في اتجاه اليسار الخالي تماما من الأشقاء والأصدقاء.

يعلم أكثر أبناء الجنوب الكثير والكثير من التفاصيل الدقيقة لمسلسل الصراع الدموي في تاريخ دولة الجنوب الشمولية والذي يصر جل رموز تلك المرحلة أن يمروا عليها سريعا باعتبارها (أخطاء) لا تستحق التوقف ، وبهكذا استخفاف وتسطيح ورعونة تتالت الجولات والنزالات حتى أرهقت الدولة وخارت قواها مع احتدام الصراع الداخلي في رأس الهرم وانهارت بانهيار المعسكر الأحمر فكانت لحظة الهروب إلى وحدة مع الأشقاء في اليمن وباشتراطات شمولية كالمعتاد أقصت بموجبها كل الفرقاء السياسيين بل وأخرجتهم من صنعاء.

هذه المرحلة (شمالية الجنوب) لا تحتاج إلى مزيد من التوضيح والسرد كونها واقع معاش وحتما سنجد أصدق من يعبّر عن هذه المرحلة ويضعها بين قوسين ، هناك في ساحات الجنوب الثائرة ولكن لابد من الإشارة إلى ما يوجب الربط في سياق المقال ، ولأن هذه المرحلة قد دحبشت المزاج العام وغيرت المفاهيم وسربلت القيم و الأيادي باتجاه المال العام حتى إنه لم تعد تستفزنا كلمة (كلتها امطيور) التي أتت في سياق حديث احدهم عن مبالغ مالية طائلة خصصت لمشاريع تنموية ، نعم لقد أكلتها الطيور بل وأكلت دولتنا الجنوبية بكل ما فيها ولم يجد خيال المآتة أو فزاعة جماعتنا نفعا هذه المرة .

اليوم وقد تململت الجنوب واقتربت أو تكاد من الفكاك من شماليتها ، يعاود البعض الحنين إلى ممارسة وصايته وإعلان ملكيته الحصرية للجنوب وشعبه بنفس الآلية والأسلوب والوسائل بل ونفس الفريق والملعب وحتى التشكيلة وطريقة اللعب وربما الفريق المنافس ، ويظهر ذلك من خلال الاشتراطات والوصايا التي يسوقها بعض الزملاء الكتّاب مؤخرا بقصد التشويش والبلبلة في الشارع الجنوبي وهي محاولة بائسة لترهيبنا واستغفالنا  وخداعنا وإشغالنا وإيهامنا بوجود عدو محتمل وتحميسنا ضد هذا العدو تماما كما حصل في المرحلة الشمولية الاولى، وأكاد أجزم أنه لم يعد الجهل بالتاريخ أو المفاهيم المغلوطة أو عدم توفر المعلومة هي المبررات الوحيدة لفداحة ما يقدم عليه دعاة الشمولية الجدد وكل ما أخشاه أن يكون للجينات الوراثية علاقة بالأمر .. وسامحونا .

                                                                                                      

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص