آخر تحديث :الاحد 28 ابريل 2024 - الساعة:23:20:00
معضلة القيادة الجنوبية
طلال محمد الأمين

الاحد 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

إن معضلة القيادة الجنوبية هي معضلة العقلية العربية الصحراوية منذ جساس وكليب والبسوس (الأنا المتضخمة ) المعضلة تكمن في النظر لمصلحة الوطن من خلال مصلحة الفرد أو القبيلة وإن تعارضت المصلحتان ضحي بمصلحة الوطن على مذبح الفرد أو القبيلة أو الطائفية.

ها هي قوى وتيارات الحراك الجنوبي والقيادات  تتصارع بسبب مصطلحات مثل مصطلح فك الارتباط أو مصطلح التحرير والاستقلال أو مصطلح استعادة الدولة وهي من الناحية الغائية  تؤدي نفس الغاية ألا وهي أن يصبح للجنوبيين دولة مستقلة معترف بها من قبل دول العالم وهيئاته الدولية والإقليمية ويختلفون أيضا على البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لما بعد الاستقلال وهذا من المضحك المبكي أو كما قال العرب شر البلية ما يضحك وذلك لعدة أسباب أولها أن هذا الخلاف ليس وقته الآن لأن الهدف الاستراتيجي والوحيد الآن هو عودة الجنوب دولة حرة مستقلة ، ثانيا أن هناك خطوط عريضة وعامة قد اتفق عليها الجميع وهي شكل الدولة وهو شكل اتحاد فدرالي، نظام الحكم ديمقراطي سواء كان رئاسي أو برلماني، النظام الاقتصادي هو نظام رأسمالي اجتماعي  كما هو موجود في الدول الاسكندنافية.

ثالثا إن الخلافات الأخرى فيما دون ذلك هي خلافات طبيعية ضرورية وصحية أيضا لأنها هي عنصر المفاضلة والتنافس بين الأحزاب في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ولو كانت لا توجد هذه الاختلافات لوصلنا إلى حيث لا نريد هو الحكم الشمولي.

من ذلك يتضح أن الخلافات وليس الاختلافات تكون من أجل الوطن بل هي خلافات من أجل مصالح فردية وقبلية ومناطقية ألسبت لباس الوطنية والوطن منها براء ويظهر ذلك جليا في الخلافات الدائمة وعلى طول الخط وبقاء المشكلة دون حل فالجميع يبحث عن الحل الضائع ولكن الكل يعرف أنه يبحث في المكان الخطأ.

أما إذا أردنا أن نفند دعاوى خلافهم حول مصطلحات فك الارتباط والتحرير والاستقلال واستعادة الدولة وتقرير المصير فهذا بسيط جدا وذلك من خلاف مع مدلولات ومتطلبات كل واحد منها فالوسائل تحدد الغايات والغايات تستدعي الوسائل والتحرير والاستقلال يتطلب كفاح مسلح وتحرير الأرض وفك الارتباط هو أيضا لا يتطابق مع وضع الجنوب لأن فك الارتباط لا يكون إلا بين كيانين موجودين ومعترف بهما من قبل المجتمع الدولي كما هو موجود في القضية الفلسطينية فمجلس الأمن والأمم المتحدة معترفان بدولة فلسطين وهذا ليس هو الحال في قضيتنا فلا مجلس الامن ولا الأمم المتحدة معترفان بها .

ثالثا استعادة الدولة: فهذا المصطلح يتطلب موافقة الطرفين وهذا غير موجود أيضا لأن لا أحد في الشمال يجرؤ على فعل ذلك ولكن هناك احتمال ضئيل جدا جدا لحدوث ذلك وهذا الاحتمال لا يتحقق إلا عند وجود دولة حقيقية وإرادة سياسية قوية وهذا مستبعد الحدوث على المديين القريب والمتوسط في الشمال لأن هذا يتطلب أن تعترف حكومة صنعاء بأن كلفة بقاء الوحدة باهضة جدا ولا تمكن أيا كان من بناء دولة حقيقية قوية في الشمال إلا إذا استعاد الجنوب دولته.

رابعا: تقرير المصير:

ويعمل به عندما ينتفض جزء من أي كيان سياسي (دولة) بسبب الظلم الواقع عليه ويكون هذا الجزء له حيز جغرافي متماسك وسكاني متجانس وهذا الجزء لا يريد البقاء في وحدة مع الجزء أو الأجزاء الأخرى عندها يطالب بحق تقرير مصيره وهذا المبدأ مبدأ اصيل في القانون الدولي والقانون الانساني وهو ما حدث في جنوب السودان الذي كان قد ضم إلى شمال السودان قبل أكثر من مائة وخمسين سنة أو مثل ايرلندا التي كانت بلدا مستقلا قبل أكثر من 300 سنة أو مقاطعة كاتالونيا في اسبانيا.

وهذا المصطلح هو ما ينطبق على قضيتنا وهو من الناحية الأنسب والأكثر أمنا لخروج آمن من هذه الوحدة الملعونة والسبب أن الجنوب بعد حرب صيف 94م تم تجريفه من كل المقومات سواء أكانت مؤسسات أو أحزاب أو منظمات مجتمع مدني أو امكانيات مادية وأمنية وعسكرية لذا لابد من فترة يشرف عليها المجتمع الدولي يتم فيها بناء المؤسسات الدستورية والقانونية والسلطة السياسية ثم بعدها يحدث تقرير المصير من خلال الاستفتاء.

هذا ما يجب أن تعيه قوى الحراك الجنوبي والقيادات الجنوبية حتى لا تقول بعد فوات الاوان كما قال البحتري :

وتقتل من وتر أعز نفوسها

              عليها بأيدي ما تكاد تطيعها

فإذا احتربت يوما ففاضت دوماؤها

        تذكرت القربى ففاضت عيوبها

شواجر أرماح تقطع بينها

    شواجر ارحام ملوم قطوعها

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص