آخر تحديث :الخميس 12 سبتمبر 2024 - الساعة:19:23:52
آخر الأخبار
تكــلم لكي أراك !!
احمد محمود السلامي

الخميس 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

الكلام مهم وله قيمة حقيقية في حياة البشر فهو وسيلة مثلى للاتصال والتواصل بينهم وكذا وسيلة للتعريف بالذات وتكوين صورة تحليلية أولية عن شخصية المتكلم ، ولا يمكن أن نتعرف على فكر أو أراء الأشخاص إلا إذا تحدثوا  وعبروا عن تلك الأفكار الشخصية الهامة أو التافهة أو المشاكسة تكــلم لكي أراك عبارة لها معنى فلسفي عميق ، لا تزال تُستخدم إلى يومنا هذا منذ أن قالها الفيلسوف اليوناني سقراط لأحد تلاميذه قبل الميلاد بــ 400 سنة ويقصد  سقراط  هنا ! أنه  لا يرى الناس كما يبدون من مظاهرهم !! 

ولو وصل الناس لهذا العمق من التفكير لاختاروا الصمت عن النطق والكتابة، دائما ما نتمنى في أنفسنا لو أن فلاناً من الناس بقي صامتاً ونرى أن هذا أفضل له ولنا !!

أحياناً الكلام قد يرفع صاحبه إلى أعلى المستويات وقد يعصف به إلى سابع أرض وهذا يعتمد على ذكاء الشخص المتكلم ولحن حديثه واختيار الأفكار  المركزة التي تصلح لهذا المقام أو ذاك ، كما أن للتوقيت دوراً مهماً في توفير مناخ التأثير القوي للكلام  أو  الضعيف  لكن الأمر المحير هو  إصرار بعض المتكلمين  على الاستمرار والمضي في التكلم والتحدث بصوت عالٍ لا تستطع أن تفهم منهم فكرة محددة جلية وواضحة ! 

ومن المؤسف حقاً توظيف الكثير من أولئك المتكلمين والخطباء لخدمة السياسة والصراع على السلطة مستخدمين الكثير من المفاهيم والأطروحات السياسية والدينية  في إطار فرق وجماعات متعددة منذ عصر الدولة الأموية الذي أصبحت فيه أكثر بلاغة وحتى الآن ، وهم يتفاوتون في المقاصد والأهداف فمنهم من لديه قضية عادلة أو مساهمة إنسانية واجبة ومنهم من يستعرض فصاحته وقدراته الكلامية ويزهو  بها مثل  طاووس منتفخ الأوداج يزهو بألوان ريشه الجميلة  ، وآخرٌ يصمُ الآذان بكلامه  من أجل الكسب المادي أو من أجل الجاه والسلطة. اليوم يحاصرنا الكلام ( الخطابة ) في كل مكان و يغزو منازلنا وعقولنا وينتهك خلوتنا وخصوصياتنا ويتسلل إلى هواتفنا دون إذن مسبق !! فقد تحولت الخطابة من قوة تتكلف بالإقناع الممكن كما عرفها الفيلسوف الإسلامي ابن رشد ، إلى وسيلة تتكلف بتثبيت المثل الشعبي القائل : ( التكرار يعلم الحمار ) ، تخيلوا لو أن صاحب المقولة ( سقراط ) عائش إلى الآن ! هل سيدافع عن مقولته الشهيرة؟ أنا أتصور أنه سيتخلى عنها  وأنه سيغيرها إلى : لا تتكــلم كي لا أراك ! .

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص