آخر تحديث :الاحد 28 ابريل 2024 - الساعة:12:22:08
بين المد السياسي والجزر العقائدي
جلال عبده محسن

الاحد 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

مفهوم القيادة لا تحتاج إلى دليل يقودنا للتعرف عليها، فهي تتجلى بوضوح في شخصية هذا القائد من ذاك..لها دلالاتها وأبعادها التي تستوعب كل التغيرات والانفتاح على الآخرين، تجمع ولا تفرق، تبشر ولا تنفر، تقدم مصالح الآخرين على مصالحها الشخصية، ونجدها تمسك بالعصا من الوسط لتوازي بها الآراء نحو التوافق والانسجام وباتجاه تحقيق الهدف للخروج بأفضل الحلول والنتائج التي تلبي معظم الآراء والتوجهات .

هذا هو مفهوم القيادة أو الزعامة التي تلتف حولها الجماعة، فما بالكم بالحديث عن زعامات يفترض بها أن تكون بحجم القضية التي يناضلون من اجلها كالقضية الجنوبية، تحمل في طياتها قضية شعب عانى كثيرا من تراكمات سنوات الوحدة العجاف وما لحق به من ظلم وقهر واستبداد منذ تلك الحرب الظالمة في صيف عام 1994م والذي فتح من خلالها نظام صنعاء ومن تحالف معه نيرانه على شريكه في الوحدة لإقصائه من فوهة آلاته التذميرية بحجة الحفاظ على الوحدة المزعومة وأصر على تعميدها بالدم بدلا من تعميدها بالمحبة والإخاء وإزالة الفرقة في ظل دولة مؤسسات يسودها العدل والنظام والقانون كما هو حال ألمانيا الموحدة والقوية اليوم، الأمر الذي نتج عنه دولة الرجل المريض في ظل نظام خلف ورائه أوضاع مأساوية على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمزيد من الفقر والجوع والفساد والبطالة، سرعان ما تداعى وسقط في ظل ثورات الربيع العربي، بعد أن كان بوابة للتسلق والعبور لتقلد المناصب، وهو النظام الذي أعاد إنتاج نفسه لأكثر من مرة عن طريق التزوير ودفع الرشاوى في الانتخابات السابقة، حاول جاهدا من خلالها أن يقنع الآخرين بنزاهتها وشفافيتها، وسخر لذلك المال والرجال ليخلق من حوله هالة زائفة سرعان ما تلاش وميضها. ومن رحم تلك التراكمات والمعاناة وبالصبر والثبات والنفس الطويل وبعزيمة الرجال، افرز الواقع قيادات جديدة غير تقليدية من غير الأحزاب والتنظيمات السياسية، وهو ماعرف بالحراك السلمي الجنوبي منذ العام 2007م والذي شكل رفضا لذلك الواقع وتنامى دوره وتأثيره يوما بعد يوم ووجد له استجابات واسعة من مختلف القطاعات الشبابية والنسائية والعسكرية والمدنية ومختلف منظمات المجتمع المدني ليشكلوا حزاما واقيا للحفاظ على مكونهم الجنوبي من خلال التصالح والتسامح وغلق ملفات الماضي نحو مزيد من التماسك خدمة للقضية.

إن القضية الجنوبية وهي تتجاذبها اليوم عاملان أساسيان هما: المد السياسي والمتعلق بمكونات الحراك الجنوبي وما يحمله كل مكون من رؤية خاصة به تختلف عن رؤية الأخر على الرغم من وحدة الهدف، ووفقا لذلك المد فهي تنظر للقضية من ناحية موضوعية ومنطقية وفقا لما ألت إليه الأوضاع نتيجة العبث بالوحدة وبمضمونها الوطني والاجتماعي كمشروع سياسي مما أدى إلى فشلها في تحقيق قيمة مضافة للمواطن اليمني من حيث مستوى حياته ونمط عيشه وتفكيره وان ليس هناك ما يمنع من إعادة النظر في ذلك المشروع السياسي والذي لن يتحقق إلا بالنضال الواعي وسبيلها إلى ذلك هو وحدة الصف.. القاعدة الصلبة التي تتحطم عليها كل المشاريع التي تنتقص من القضية وعدالتها،أما العامل الأخر فهو الجزر العقائدي لدى بعض أطراف الشمال ممن يصرون على إلباسها ثوب القداسة كفريضة دينية ولهم في ذلك حساباتهم التكتيكية التي ينطلقون من منظورها، ولا يزال شعار هذا النمط يقول:" إن خطيئة الوحدة خير ألف مرة من براءة أي خيار أخر" حتى وان كانت تلك الخطيئة على أساسها الهش الذي لا يمكن البناء عليه.

وبين المد والجزر تتأرجح القضية وتظل تتلاطمها الأمواج، ومن منظور اليوم يظل العامل الأول هو العامل الحاسم متى ما توحدت الصفوف، فالأمر لا يحتمل المزيد من التصدع كما جرى مؤخرا بين من أيدوا عقد المؤتمر التأسيسي الأول وبين من طالبوا بتأجيله، وهي أمور كان بالإمكان تجنبها، فالقضية اكبر من أية خلافات ولان العامل الأخر يقوى بضعف العامل الأول ويضعف لقوته، لذلك فان أصحاب الجزر يسعون جاهدين لان  تظل القضية تحت جزرها حتى لا تقوم لها قيامة وقد بدت تباشير حلها وشيكة بأذن الله تعالى .               

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص