آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:18:00:54
صور من هذا الزمان.. ظاهرة الغش المدرسي
علي صالح محمد

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

صور من هذا الزمان.. ظاهرة الغش المدرسي، قبل ايام لفت انتباهي حوار جميل بين بعض أعضاء عائله "الفيس بوك" تركز حول ظاهرة الغش في المدارس كظاهرة منتشرة بين أوساط الطلاب مع قدوم حمى الامتحانات الإعدادية والثانوية وما تشكله هذه الحمى من قلق وفزع  وارباك يصيب الأسر والطلاب معا، بسبب ان أساليب التقييم في المدرسة ما تزال تعتمد على الامتحانات الكتابية، مع زحمة  في المناهج والمواد الدراسية الكميه المعتمدة على التلقين، ويرى البعض ان هذه  الظاهرة تعد خطرا حقيقيا بل ومدمرا لهذا الجيل وعارفه، ولمست لدى البعض حماسا كبيرا من واقع الإخلاص المهني والقلق التربوي والدعوة الى اهمية وضرورة مواجهة هذه الظاهرة السيئة بتفعيل بعض  الإجراءات بما في ذلك إشراك اجهزة الامن للحد منها.

ويعرف الغش من الناحية التربوية بأنه "عملية تزييف لنتائج التقويم، ومحاولة غير سوية لحصول التلميذ على الإجابة من أسئلة الاختبار، باستخدام طريقة غير مشروعة".

الامر الذي لا يمكن الاختلاف حوله هو ان هذه الظاهرة وانتشارها لا يخدم باي حال من الأحوال الجانب المعرفي للطالب، وهي ظاهرة منتشرة في اغلب البلدان التي ما يزال نظامها التعليمي  يعتمد  على النمطية ولم تصلها بعد  رياح التغيير والتطور العلمي والتقني كما هو الحال في البلدان المتطورة .

وفي تصوري فان المعالجات لهذه الظاهرة يجب ان تتم من واقع  ان هذه الظاهرة هي نتيجة، وأي معالجة يجب ان تتجه بموضوعيه نحو معالجة الاسباب والجذور الحقيقية الكامنة وراء بروزها واستفحالها، بما في ذلك الثغرات التي يتسم بها النظام التعليمي القائم، حتى أصبحت امرا واقعا يشترك ويتنافس على تحقيقه بتباهي الطالب والأسرة وحتى (بعض ) المعنيين في مجال التعليم ، بل ان هناك من إدارات المدارس من يتسابقون على تحقيق اعلى درجات التنافس ، على اعتبار انه ليس من العدل ان يتاح الغش لطلاب في بعض المناطق ولا يتاح لغيرهم في مناطق اخرى!!

وفي هذا الاتجاه لابد من الاعتراف اولا بان هناك ازمة تعليمية كبيرة تعاني منها العملية التعليمية برمتها في بلدان عديدة بما فيها المتطورة بسبب الهوة التي احدثها  التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع على ارض الواقع وتخلف المدرسة عن هذا التطور، بعد ان كانت في يوما ما اي المدرسة هي من يقود وينتج  هذا التطور، وفي بلداننا المتسمة بالتخلف عموما، أصبحت الازمة مركبة بل ومضاعفة بسبب  المعاناة التي ينتجها النظام السياسي القائم، الذي يعاني من مظاهر الفساد والتدهور الاقتصادي والانقسامات والحروب ، اضافة الى ما تعانيه العملية التعليمية ذاتها  والنظام التعليمي العام من  قصور شديد وتدهور ذاتي يشمل كل حلقات وجوانب العملية التعليمية، بدءا من المنهج الى المقرر، ومن المدرس المؤهل  وظروفه المعيشية الى  الكتاب المدرسي، الى القاعدة المادية وتوفر كافه شروط العملية التعليمية المادية والبشرية... الخ. ولعل الأهم من كل ما ذكر ما هو مرتبط بالمنظومة التعليمية ذاتها التي لم تتطور أنظمتها المعتمدة على النمطية، لتحاكي التطور التقني في وسائل التعليم، وتستفيد منه، اذ ان المدرسة القديمة بطرقها التقليدية العتيقة ما تزال هي السائدة، وفيها الشيء الكثير من العيوب والثغرات التي تتيح وتساعد على بقاء وانتشار هذه الظاهرة، لهذا يمكن القول ان التعليم إجمالا من الابتدائية وحتى الجامعة يعتبر محو امية   من حيث الجودة بالقياس الى مخرجات التعليم وجودته في بقية بلدان العالم الي وضعت التعليم ضمن أولوياتها القومية ومفتاح تطورها وتلبية احتياجات الناس المادية والروحية، فكما يقول دانتون (بعد لقمة العيش اول حاجة للشعوب هي التربية).

والمؤكد ان هذا الحال سيستمر في بلدان التخلف الى حين يصبح التعليم والمدرسة بحق  أولى أولويات البلاد والعباد، واعتبارها الطريق للقضاء على الفقر ، او كما يرى اليابانيون (ان ثروة الشعوب تكمن بين أكتاف الناس)، والمثل الصيني يقول: (التعلم زوجة اثمن من الأحجار الكريمة).

ختاما يقول الشاعر:

عليك بالعلم لا تطلب به بدلا

واعلم بأنك فيه غير مغبون

العلم يجدي ويبقى للفتى ابدا          

والمال يفنى وان اجدى الى حين

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص