- الرئيس الزُبيدي يزور مقر قيادة القوات المشتركة بالعاصمة السعودية الرياض
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الاثنين بالعاصمة عدن
- الأرصاد تحذر من اضطراب مداري في بحر العرب
- بين العجز والارتفاع.. رحلة مؤلمة لأسعار العملات في الأسواق اليمنية!
- سفن أمريكية بمرمى نيران الحوثيين.. رسالة إيرانية لـ"صانع القرار" في واشنطن
- نقيب الصحفيين الجنوبيين: نمد أيدينا لكل من يشاركنا ويساعدنا على تحقيق هدفنا
- الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات
- مطالبات للحوثيين بالإفراج الفوري عن طاقم السفينة جالاكسي
- إعلان تشكيل قيادة "مؤتمر مأرب الجامع" والأخير يحدد هويته واهدافه
- محافظ لحج يشدد على متابعة وإزالة التعديات على أراضي الدولة
الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
أيهما أحب الآخر؟ اليمن أحب التخلف .. أم التخلف أحب اليمن؟ سؤال راودني في حين كنت أستمع الى البروفيسور الهندي (سونها)، عميد معهد التنمية الاقتصادية في الهند، الذي كان يلقي علينا درساً عن التخلف، فاستغربت ذلك الدرس؛ وأنا الذي جئت الى الهند لأتعلم مراحل التطور التي قطعتها الهند في تاريخها السياسي والاقتصادي، وما وصلت إليه اليوم من تطور.. وقد لاحظ البروفيسور استغرابي، وقال لي بعبارات أكاديمية: لا تستغرب يا (عياش) إعطاءكم هذه المادة، فالذي لا يفهم التخلف لن يعثر على التقدم، وإذا تخلفتم عن فهم تخلف بلادكم، فإنكم ستجدون صعوبات تنتظركم ولن تخرجوا منها إلا بفهم هذا التخلف، وبناء السياسات بعدها لتلحقوا بالدول التي عاشت مثلكم التخلف، ثم تجاوزته بفعل هذا الفهم!!
هززت رأسي معلنا فهمي لمادته، واحتياجي لهذا الفهم من بروفيسور متواضع يأتي على دراجته الهوائية، وسلته التي يحملها على ظهره، ويضع أمامك كل أمثلة التخلف التي كتبها في سلسلة كتبه العلمية المرصوصة في غرفة الدراسة.
ولا تزال دروسه عن التخلف ترن في أذني كلما شاهدت تدهورا في الطاقة الكهربائية، التي يتكرر انقطاعها صباح مساء، وقلة الأجور وتفاوتها بين موظف وآخر بفجوة تتسع لجبل شمسان، وتأخر الأداء الوظيفي وعدم اكتماله وتناسقه بين الوزارة والاخرى، والاستغناء عن كوادر سياسية وعسكرية وأكاديمية لا يزال الوطن بحاجة إليها!!
لكن حرب صيف 1994 أعطتني درساً عملياً في التخلف اكتمالاً لنظرية التخلف، التي قدمها البروفيسور (سونها)، وأكثر تلك الأحداث إيلاما ما تم تدميره من اصول وموارد اقتصادية وبشرية بسبب تلك الحرب، واهمها موجة التخلف التي صاحبتها، فقد تم تدمير مصنع معجون الطماطم في الفيوش بلحج، الذي كان ينتج اعظم منتجات الطماطم وتوفر مادته الخامة، كل ذلك لم ينفع امام التخلف الذي استغنى عن خدمات تلك الصناعة، واستبداله بمنتوج مستورد في الخارج.
وتم تدمير الصناعات الغذائية (مشروع الدواجن)، الذي كان يؤمن لسكان لحج وأبين وعدن وحضرموت تمويناتهم من البيض واللحوم، واستبدل التخلف مشاريع الدواجن في تلك المحافظات الجنوبية، وإبعادها عن حياة الناس، والفاجعة المتخلفة أنه تم بناء قصور فارهة محل مصانع المنتوجات الغذائية.
وآخر مثال على ذلك التخلف، وليس آخره، ما تم حول مصنع الغزل والنسيج الذي كان قد بدأ في إدخال خطوط إنتاجه الى السوق، فجرى تدميره هو الآخر، وتحطيم زراعة القطن التي تمثل المادة الخام لصناعة النسيج، ويحاولون اليوم بيع ماكناته، والاستغناء عن خدماته، رغم جهود البعض ممن أداروا دفة هذا المصنع لإحيائه من جديد وإنعاش آلاته بقدراتهم الذاتية، لكن التخلف يقف امام من يريد تطوير هذا المصنع، وإنقاذ عماله من الهلاك لأن عيون التخلف واقفة تراقب النزعة الاصولية في تحويل المصنع الى مزارات وأمكنة لا تمت للصناعة بصلة!!
هل أحب اليمن التخلف؟ أم أن التخلف هو الذي أحب اليمن؟.. هذا السؤال يفضي الى معنى ان بعض الجماعات التي تسمى اليوم الجماعات النافذة قد أحبت التخلف الى حد الجنون، ولا تريد ان تفارق العيش في أوحاله، فالتخلف يجلب لها المزيد من المصالح والثروات التي لا تستطيع ان تحصل عليها إذا كانت هناك دولة مدنية، وحكم النظام والقانون.. لهذا فهم يقاتلون لبقاء هذا التخلف الى الأبد!!
وقد أعجبتني كلمات فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي دق ناقوس الخطر وسمى هذا التخلف باسمه، في أحاديث متلفزة انتقد فيها سلوك بعض القطاعات في دولته، وإصراره على المضي قدما للتخلص من الآفات التي اجتمعت كلها في اليمن،
لتحدث إرثا زمنيا من التخلف، الذي لم يمسسه أحد من قبله.. فكان صائبا عندما لوح بعصاه لاجتثاث القائمين على هذا التخلف، فزاد احترامي له، وربما حظي باحترام جميع اليمنيين، الذي أصبح اليوم واحداً من رموزه الوطنية الشجاعة، الذي تحب وطنه أكثر من نفسه.