آخر تحديث :الاثنين 14 اكتوبر 2024 - الساعة:22:25:14
الازمة الاقتصادية لو كان لها رقبة لقطعتها
عياش علي محمد

الاثنين 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

بعد ان تعكرت على رجل السياسة حل الازمة الاقتصادية، تمنى من كل قلبه لو كانت لها رقبة لقطعها بضربة واحدة من سيفه.

لكن الازمات الاقتصادية لها رقاب كثيرة ولا يستطيع المرء ان يحسم امرها بضربة واحدة بالسيف، ومثل تلك الازمات لا تحتاج الى آليات القوة البسيطة والمركبة للقضاء عليها، بل تحتاج الى قدر كبير من الوعي السليم يفكر فيها ويتفهمها، ثم يحاول معالجتها، حسب المؤشرات التي اعطته انذارا مبكرا بحلول الازمة الاقتصادية، اما اذا غاب الوعي السليم وهاجر المنطق موقعه، فأنه من الافضل ايداع عقل هذا السياسي ورشة تنعشه لترميم وعيه واعادة صياغته وبناء عقل سياسي جديد يساعده على تجاوز محنته.

والازمات الاقتصادية في اليمن ليس لها حلولا سحرية، ولا يعتمد عليها على اللجوء الى آليات القمع والقوة فهي مثل الاشباح اذا استخدمت ضدها القوة او عالجتها بشيء من التهور، وقد يتصور المرء انه استطاع تطويع الازمات وان امر خطرها قد زال، ولكنها تظهر لك من جديد متحدية سيفك المسلول وكأنها تقول لك (كأنك يا بو زيد ما غزيت).. وعاده تلجأ الانظمة السياسية الى القوة القهرية للمجتمع هربا من مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية استعصت على النظام حلها، فيكون لجوءه الى القمع ليحول الانظار عن فشله لقضايا المجتمع والبلاد، وليصرف النظر عن حقائق الامور التي تمر بها البلاد.

ويعف الكثير منا، ان الظروف التي يواجهها الرئيس عبدربه منصور هادي، تعد ظروفا بالغة الدقة وفائقة الخطورة وهي ظروف تكاد تكون اقسى واشد من تلك الظروف التي عاشها سلفه من قبل، لكني لا اعتقد ان تلك الظروف سوف تعمل على تحويل الرئيس هادي الى شخص اخر تغير من صفاته السلمية، فمثل عمره الافتراضي لا يلجأ الى اعمال العنف بأي شكل من الاشكال وكما قال المارشال ديغول الذي كان رئيسا لجمهورية فرنسا (ان الانسان لا يستطيع ان يمارس الديكتاتورية وهو في عمر يناهز الثالثة والستون).. وقد تكون تلك الظروف المستعصية على الحل هي نقطة التحول في الميزان السياسي او في مراكز القوى ومع ذلك فأن لكل تحول تاريخي ثمنه السياسي، وقد يتأرجح ذلك الثمن بين عدم الاستقرار الامني او يقود الى نهضة وبداية للرخاء الاقتصادي والسياسة الحكيمة اذا تعاملت مع تلك الظروف وفقا لمبدأ التوافقي الذي يقوم على بناء توجه سياسي ثابت على اساس مبدأ التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة المدنية فاذا نجح هذا التوافق المشترك فانه سيكون بمثابة علامة مضيئة في طريق استقرار البلاد ورخاءه.

لكن التداول السلمي للسلطة او محاولة بناء الدولة المدنية تحتاج الى تنمية اقتصادية مستدامة، وتحريك الكادر الوظيفي الذي يعيش حاليا حالة ركود توارثي وبقاءه في الوظيفة متوقف على استقبال الهدايا والعطايا والرشوات، كما ان الامر كذلك يحتاج الى تحويل وظائف الاجهزة الحكومية الى وظائف تقوم على تقديم الخدمات للناس ومنافعهم لا مجرد استغلالها عن الناس وممارسة الابتزاز عليهم.

والتنمية الاقتصادية في اليمن التي صرفت الدولة عليها كثيرا من الاموال ولم تظهر مؤشرات وجودها على الحياة الواقعية حتى الان واصبحت بؤرة تستنزف الاموال دون ظهور تقدم في الحياة الاجتماعية، ولهذا تحولت التنمية الى مظاهر معقدة تعطي انطباعات سلبية على الرغم من ان التنمية لها خطوات اقتصادية ليست عسيرة على ذوي الاختصاصات الاقتصادية.. ويمكن اعتبارها عنصرا يتكون من اربعة اركان وحسب وهي توفير (التعليم والعمل والمستشفى والمسكن) وهذه هي التنمية التي يحصل فيها الانسان على العمل والتعليم والرعاية الصحية والسكن وبدون ذلك تصبح التنمية صورية لا تحت للمنظور بصلة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص