آخر تحديث :الجمعة 08 اغسطس 2025 - الساعة:10:39:50
ما المهارات والأساليب المتنوعة لمهنة (التسول)؟
(تقرير/ "الأمناء نت" / عادل حمران)

 كادت ظاهرة التسول لا تتم إلا في المساجد تجد عددًا من الفقراء يقفون على استحياء أو إمام محلات الصرافة وأسواق القات وكان في الغالب من يمتهنون هذه المهنة نساء أو من كبار السن الذين عجزوا عن توفير قوت يومهم وضاقت عليهم الحياة بما رحبت .

 

تغيرت تفاصيل الحياة كثيرا اليوم وأصبحت ظاهرة التسول مهارة يقودها خبراء وأخصائيون عبر عصابات منظمة أفرادها أغلبهم من الأطفال يتم توزيعهم على شوارع ومساجد وأسواق المدينة وكل جماعة لهم طريقتهم وأساليبهم الخاصة حتى بات الناس لا يميزون بين المتسول المستحق و غيره .

 

أساليب متنوعة

تطورت مهارات مهنة (التسول) كثيرا واتخذت أساليب متنوعة ما أن يدرك الناس حقيقة النوع الأول حتى يسارعون في اختراعات جديدة وكل طريقة لها وقعها على قلوب الناس ربما يتذكر الكثيرون طريقة القصاصات الورقية التي كان يتم توزيعها وما أن تبدأ في القراءة حتى تصعقك العبارات لما لها من تأثير عميق في النفس " لا تحتقروا وقوفي أمامكم فأنا من أسرة فقيرة مات أبي وخلف لي أسرة كبيرة وليس لهم معين بعد الله سواي " كان لتلك القصاصات تأثير كبير و أموال طائلة كسبها قادة عصابات التسول؛ أما الأطفال فلم يكونوا إلا ممثلين أذكياء قدموا أدوارهم بنجاح منقطع النظير ولكن سرعان ما انكشفت اللعبة وظهرت الحقيقة وخصوصا أن معظم المتسولين يملكون نفس الأوراق ويتحدثون عن نفس المعاناة حتى راود الناس الشك من حقيقة أقوالهم وبدأوا يدركون الحقيقة التي يحاول إخفاءها جميع المتسولين .

ولكن العصابة سرعان ما غيرت طريقها إلى طرق أخرى منها طرق القبلات التي يمنحها المتسولون لكل من يجدون أمامهم بغرض اكتساب ودهم و التعاطف معهم وطرق أخرى منح عدد من الأطفال جرع مخدرة و يتم تمديدهم على الأرض وتجلس بجانبهم امرأة تدعي زورا بأنهم أطفالها... المشهد محزن للغاية فصورة الأطفال وهم يفترشون الأرض و يلتحفون السماء تدمي العين و توجع القلب ومع كل مشهد يبادر الناس بما استطاعوا لكن الكثير قد لا يصدقون بأن معظم حالات التسول منتظمة وخلفها عصابات كبيرة تكسب من معاناة الناس وكل من تشاهدونهم مجرد ممثلين فالحقيقة يقف خلفها أناس لم نرهم ولا نعرفهم .

 

بين تبعات الحرب وتحويل التسول إلى مكسب

وهذا ما أكده السكرتير الإعلامي للواء شلال شائع النقيب خالد السنمي بالقول "من المحزن بأن تصبح ظاهرة التسول مكسب تقف خلفها عصابات تحاول بين الفينة و الأخرى اختراع أساليب متنوعة ومؤثرة حتى صرنا لا نستطيع التمييز بين المحتاج الحقيقي والممثل".

وأضاف لـ"الأمناء": "أتذكر موقف حزين أمام سوق قات خور مكسر كانت تقف امرأة تحت أشعة الشمس الحارقة وأمامها يتمدد أربعة أطفال أجسادهم مغلفة بخرقة ممزقة عجزت عن ستر هياكل عظامهم المشهد كان محزن والأطفال ممدون دون كلمة أو صوت مزقت قلبي تلك المرأة وساعدتها بما استطعت وعند عودتي وجدت طفلًا حاول التحرك من موقعه منعته فلم يمتنع ثم أخرجت حذاءها وضربته على راْسه عدة ضربات صاح عليها الناس؛ لكنها تجاهلتهم وأكملت ضربه... بكى الطفل وأبكى الكثير من القلوب؛ لكن تصرفات المرأة كشف الحقيقة التي لم يقبلها الناس بأنها ليست أمهم وليسوا أطفالها وكل الحكاية تمثيل فالأم التي تبحث لطفلها عن طعام و عافية لن تضربه بحذائها أمام الناس وتصوب ضرباتها على راْسه وكأنها تقطع شجرة بفأس قديم... صاح غسان بوجهها شتمها حتى توقفت قال لها: لستِ أمه دافعت عن نفسها بأعذار واهية وكلمات نابية".

واسترسل السنمي "لا ننكر بأن الحرب خلفت الفقر والمجاعة ودمرت آلاف الأسر ولكن يجب على الحكومة الشرعية اتخاذ الحلول لهذه الظاهرة الدخيلة على عدن فيفترض بأن نجد الأطفال في المدارس لا في الشوارع فبقاء المشكلة بدون حراك أنتج مشاكل أخرى؛ منها انتشار السرقة و الاغتصاب و الجرائم التي تستهدف الأطفال قبل غيرهم، نناشد وزير حقوق الإنسان و المنظمات الإنسانية والدولية عمل حلًا لهذه الظاهرة التي باتت اليوم تؤرق حياة الكثير و تنذر بمستقبل مخيف لمئات الأطفال في شوارع وأزقة المدينة .

 

ظاهرة قبيحة...!

من جانبه، قال إمام وخطيب مسجد الهاشمي الشيخ حامد: «إن التسول ظاهرة قبيحة تُسيء إلى سمعة المجتمع، وتُعكر صفوّه، وتُشوه صورته، وتجعل المتسول يظهر بصورة المحتاج والذليل، وقد نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يُذلّ المؤمن نفسه، بقوله (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) أخرجه الترمذي، كما حذّر من هذه المهنة ونفّر منها؛ لأن صاحبها يفقد كرامته في الدنيا ويسيء إلى آخرته؛ لِما روى البخاري ومسلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)).

وأضاف، "حرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان، وصون نفسه عن الابتذال والتعرض للإهانة والوقوف بمواقف الذل والهوان، فحذّر من التعرض للتسول الذي يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي خصها الله تعالى للإنسان؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الإسراء 17، كما حرّم الإسلام المسألة على كل مَن يملك ما يُغنيه عنها من مال أو قدرة على التكسب، سواء كان ما يسأله زكاة أو تطوعاً أو كفارة، ولا يحل للمتسول أخذه، قال بعض أهل العلم: «لو أظهر الفاقة وظنه الدافع متصفاً بها لم يملك ما أخذه؛ لأنه قبضه من غير رضى صاحبه، إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة»؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ». رواه مسلم، وقوله «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» رواه الترمذي، ولهذا فالمحترف لهذه المهنة القبيحة يأكل أموال الناس بالباطل، ويُطعم أبناءه سُحتاً، أي: مالاً حراماً".

وتابع: "ومما يسيء إلى صورة بلدنا المبارك أن نرى أطفالاً صغاراً ونساءً أُرسلوا من قِبل أوليائهم إلى الطرقات والمساجد وإلى المستشفيات.. وغيرها، وعاشوا في الشوارع حفاة، وبلباس مبتذل، يظهرون العوز والفاقة والكآبة ليستثيروا عواطف الناس، وأنهم ما أخرجهم من بيوتهم إلّا الجوع".

واختتم حديثه بالقول: "وقد عالج الإسلام هذه الظاهرة المسيئة بتحريم التسول، والحض على العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده؛ لقول صلى الله عليه وسلم: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». رواه البخاري، أما من كان في ضيق وكربة؛ فعليه بتقوى الله عز وجل وبذل الأسباب في ذلك، وهي في بلدنا كثيرة ولله الحمد، فالمتسول يأخذ أموال الناس بغير حق وسيسأل عنها أمام الله عز وجل، والتسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها".

 

واقع صعب

يتشارك ظاهرة التسول عدد من مختلف فئات المجتمع الصغار والكبار والنساء والرجال، وينتشرون في أزقة و حواري وشوارع ومساجد المدن والأرياف ، يتعذرون بالفقر والحاجة والمرض والحرب والجوع ومشاكل البلد الكثيرة ، حتى أصبح الناس لا يستطيعون التمييز بين الصادق والكاذب وبين ميسور الحال من المحتاج ولأننا في بلد بلا نظام ولا قانون ولا حكومة ولا حقوق إنسان؛ صاروا يبحثون عن قوت يومهم كلٌ بطريقته الخاصة هروبا من مرارة الواقع و جحيم الجوع والعطش ولولا تعاون الناس وتراحمهم لمات الكثير من الجوع ومن يحب الخير؛ فإنه يعمله لوجه الله وليس لعيون البشر...

وهذا ما بينته الإعلامية ريحانة بامحسون في حديثها لـ"الأمناء" قالت: "حينما ضاعت الدولة وجدنا الناس يتسكعون في الشوارع و الجولات وخصوصا الأطفال ؛ لأنه من المفترض بأنهم يتواجدون في المدارس بحثا عن العلم لا في الشوارع ، يعتقدون بأنهم يكسبون المال لكنهم يخسرون طفولتهم يوميا و يذهبون بأنفسهم إلى المجهول وهذا بحد ذاته وجع ومشكلة كبيرة تضر الجميع ، نتمنى من المنظمات المحلية و الدولية أن تجهز مراكز لتربيتهم و تعليمهم فوجودهم في الشوارع سينهي حاضرهم و مستقبلهم".

وأضافت: أتمنى من الجميع التعاون فبلدنا يمر بمرحلة حرجة وأيام قاسية وخصوصا مع تدهور العملة و ارتفاع الأسعار بشكل خرافي أصبحت الأسر أمام خيارات صعبة؛ فلا تتوقعوا بأن هناك أحد يتمنى أن يقف في قارعة الطريق يبحث عن رزقه من أيادي الناس و جيوبهم ...أعتقد بأن واقعهم الصعب أخرجهم يتحملون رياح المدينة وحرها يفترشون الأرض و يلتحفون السماء رأس مالهم وجبة واحدة تقيهم مرارة الجوع لساعات قليلة ، رغم إيماني بأن التسول ليس حلًا ولن يغير واقعهم لكن ليس أمامهم خيارات أخرى وخصوصا العجزة و كبار السن و المرضى؛ فإذا لم نعينهم و نساعدهم فمن لهم إذا ؟ الكثير يهدرون أموالًا طائلة في أسواق القات فَلَو أخرجوا جزءًا يسيرًا من أموالهم لمساعدة المحتاجين لقضينا على نسبة كبيرة منهم".

وفي ختام حديثها  قالت بامحسون: "التسول ظاهرة دخيلة على مجتمعنا وأعتقد بأنها ظهرت بعد الوحدة ، حين تدهورت حياة الناس و تدهور اقتصاد الدولة ، نتمنى من الجميع مد يد العون للمحتاجين ولا تتعذروا بأنه ما نعرف المحتاج الصادق من الكاذب تصدقوا بما استطعتم وربنا يحاسبهم؛ فالصدقة لوجه الله وما نقص مال من صدقة وما تقدموا لأنفسكم تجدوه عند الله ، ولا تكون الصدقة للمحتاجين فقط تفقدوا أهلكم و جيرانكم ، ساعدوهم ما استطعتم فالكثير لا يعلم بحالهم سوى الله و تمنعهم عفتهم من سؤال الناس حاجة أو الوقوف أمام أبوابهم تذكروا بأن الراحمين يرحمهم الرحمن".


#

شارك برأيك