أثارت شحنة دقيق فاسدة مقدمة من برنامج الغذاء العالمي، موجة سخط شعبية كبيرة بمحافظة الضالع اليومين الماضيين، واتهامات للبرنامج والسلطات المحلية بالمحافظة بالفساد والاستهتار بحياة الناس.

ويقدم برنامج الغذاء العالمي شحنة دقيق تقدر بآلاف الأكياس شهريا للأرامل والأسر الأشد فقرا في محافظة الضالع منذ بدء الحرب، ويتم توزيعه عبر الشريك المحلي جمعية التكافل الخيرية ومقرها الرئيس بمحافظة شبوة شرقي البلاد.

وتسلمت الجمعية شحنة شهر سبتمبر الجاري بإشراف السلطة المحلية بالمحافظة والمقدرة ب 3 آلاف كيس دقيق زنة 50 كيلو جراما، لكن مواطنون وناشطون اجتماعيون اكتشفوا ان الدقيق فاسد ومدة صلاحيته شارفت على الإنتهاء، فيما يوجد بداخله سوس.

وعبروا عن سخطهم مما اعتبروه استهتار السلطة المحلية بحياة الناس بعد ان سمحت بإدخال الشحنة وتخزينها واجازت توزيعها على مواطني المحافظة التي تعيش ازمة إنسانية خانقة نتيجة الحرب الدائرة في عدد من مديرياتها بين الجيش والمقاومة الجنوبية من جهة وميليشيات الحوثي من جهة اخرى.

وطالبوا بإعادة الشحنة واستبدالها بأخرى صالحة، وإلزام برنامج الغذاء بالتقيد بشروط ومعايير الجودة الغذائية وطرق النقل والتخزين السليمة، كما واخضاع كافة المواد الغذائية والاستهلاكية المقدمة من الداعمين المحليين والدوليين للمحافظة، للفحص والتأكد من سلامتها، اضافة الى الاستغناء عن جمعية التكافل الخيرية، الشريك المحلي لبرنامج الغذاء العالمي بالضالع بإعتبارها تمثل محافظة شبوة، واستبدالها بشريك محلي من المحافظة، يهمه حياة مواطنيها.

وناشد مواطنون بالمحافظة في بيان لهم" المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع، بسرعة التدخل ومحاسبة الجهات المسئولة عن الشحنة وتوزيعها، وجاء في البيان : "نحن ابناء الضالع نناشد المجلس الانتقالي، بالتحقيق ومحاسبة المتواطئين في قضية الدقيق الفاسد الذي تقدمه منظمة الغذاء العالمي لابناء الضالع كمعونة من الامم المتحدة، بعد اكتشافنا انه فاسد ومنتهي الصلاحية".

واضاف " تدعي السلطة المحلية بمحافظة الضالع، انها ارسلت عينة من الدقيق لفحصه في عدن، لكن ذلك لم يحصل الى الان وظل قرار اللجنة المكلفة بالفحص حبرا على ورق، في الوقت الذي يشدد فيه برنامج الغذاء على سرعة توزيع الشحنة قبل موعد انتهاءها نهاية اكتوبر القادم".

واوضح ان برنامج الغذاء يريد التخلص من الشحنة وسرعة توزيعها بعد ان تأكد له انتهاء صلاحيتها وذلك يتم بالتواطؤ مع السلطة المحلية".

واختتم " نرجو من رئيس المجلس الانتقالي التدخل باسرع وقت ممكن ومحاسبة كل من له علاقة بذلك سواء من برنامج الغذاء او السلطة المحلية بالمحافظة" معتبرا انها جريمة انسانية غير مسكوت عنها قانونيا.

ونفى مكتب الإعلام في بيان صحفي له يوم امس صحة ما تدولته مواقع التواصل الاجتماعي عن انتهاء صلاحية الدقيق، معتبرا انها اشاعات تهدف الى الإساءة للسلطة المحلية والجهات الإنسانية الداعمة وفي مقدمتها برنامج الغذاء العالمي، مؤكدا ان شحنة الدقيق سليمة وصالحة للإستخدام بحسب تقرير رفعته لجنة مكلفة من محافظ المحافظة بالنزول الميداني وفحص الشحنة.

لكن اللجنة الخاصة بفحص الشحنة أكدت في تقرير لها حصلت " عدن تايم " على نسخة منه، الى وجود حشرة السوس بداخل الدقيق، وطالبت بسرعة توزيعه قبل انتهاء صلاحيته في شهر نوفمبر القادم، مشددة على ضرورة ارسال عينة من الدقيق الى المختبر الغذائي بالعاصمة عدن، الأمر الذي أعده ناشطون محليون اعترافا صريحاً بأن الدقيق فاسد ومنتهي الصلاحية، خلافا لما ورد في بيان مكتب وزارة الإعلام بالمحافظة.

وقال الناشط الاجتماعي زهير الجامد، ل " عدن تايم " ان اللجنة المكلفة من المحافظ، تمثل السلطة المحلية وليست لجنة محايدة، مشيرا الى ان بيان اللجنة فيه الكثير من التناقض والمغالطات، وان اللجنة اكتفت بالفحص النظري والحسي.

واضاف ان تقرير اللجنة اكد على سلامة الدقيق واجاز توزيعه، لكنه اكد في المقابل على وجود حشرة السوس بداخله وضرورة فحص عينه منه في عدن ما يعني عدم صلاحيته للإستخدام الآدمي.

وأشار الجامد الى وجود حالات فساد بين برنامج الغذاء ومسئولين في السلطة المحلية بالمحافظة وجمعية التكافل، ومطالبا بإيقاف توزيع الشحنة وتشكيل لجنة فحص محايدة ومتخصصة وارسال عينات من شحنة الدقيق الى عدن والكشف عن التقرير المختبري المقرر ان يصدر عن المختبر.

وكشف مواطنون من مديرية يافع المجاورة والتابعة لمحافظة لحج قبل أيام عن حالة مماثلة في شحنة دقيق خاصة ببرنامج الغذاء العالمي، فيما رفضت السلطة المحلية بمحافظة ابين قبل أيام ايضا، توزيع شحنة اخرى مقدمة من ذات الجهة لأسباب تتعلق بفساد الدقيق وانتهاء صلاحيته، الأمر الذي يضع برنامج الغذاء العالمي أمام سخط شعبي كبير ومسائلة قانونية بتهم عدة أقلها غسيل أموال واستهتار بحياة المواطنين.