
تشهد محافظة شبوة منذ انهيار هدنة قصيرة بوساطة محلية الأربعاء الماضي اشتباكات متقطعة، بين النخبة الشبوانية وقوات الإخوان، وقوات قادمة من محافظة مأرب المجاورة .
وزاد من تعقيد الوضع في شبوة استقدام حزب الإصلاح لقواته في مأرب، في إصرار من أجل السيطرة على المحافظة، بأوامر من نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، وفق تقارير محلية .
وتفجرت الأوضاع بشكل مفاجئ بعد اتفاق توصل إليه الأطراف في شبوة على يد بعض المشايخ في المحافظة؛ لكن حزب الإصلاح وأطرافًا مؤيدة له في الشرعية بدوا حريصين على عودة الاشتباكات، بعد استقدام قوات من مأرب .
ويكشف السياسي اليمني، أحمد الصالح مدير مركز عدن للأبحاث في واشنطن، كيف أفشل قادة الإصلاح الهدنة في آخر لحظة، إذ كتب على حسابه في موقع تويتر: ”وكلاء محافظة شبوة أحمد عبد الحبيب وسالم البابكري يصدرون بيانًا يحملون فيه محافظ شبوة الإخواني كل المسؤولية عن التصعيد، إذ أشار البيان إلى وجود اتفاق تم التوصل إليه بين الطرفين يجنب المحافظة المواجهات؛ لكن المحافظ وقوات الإصلاح انقلبوا عليه وفجروا الموقف عسكريًا“.
وترتبط التطورات الميدانية في شبوة بأغراض سياسية تسعى إليها أطراف حزب الإصلاح المسيطرة على الحكومة الشرعية.
ودعا هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي السعودية إلى إرسال لجنة لتقصي الحقائق في شبوة، وكتب على حسابه في تويتر: ”بينما وفد المجلس الانتقالي برئاسة سيدي الرئيس عيدروس الزبيدي في السعودية تلبية للدعوة الكريمة، يفتعل من لايريد للزيارة النجاح تحرشات بنقاط النخبة الشبوانية، لتجد نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها، ونوجه دعوة عاجلة للتحالف لإرسال لجنة لتقصي الحقائق، ومعرفة من المتسبب بتفجير الوضع هناك“.
ويضيف بن بريك في تغريدة أخرى: ”احترام النخبة للتحالف بقيادة السعودية والالتزام التام بالتهدئة والنظر في الحلول مع التحالف، هو ما جعل النخبة تتوقف في شبوة والاكتفاء بالتأديب الذي حصل، وفي حال تكرار الاعتداء والتحشيد من حزب الإصلاح الإرهابي فلن نقف نتفرج، التزام قطعناه على أنفسنا أمام شعبنا وسيهب الجنوب كله لشبوة“.
ويرى محللون أن اهتمام حزب الإصلاح وقادته في الشرعية بمعركة شبوة مرده إلى بعدين، الأول: محاولة توصيف الاشتباكات على أنها امتداد لرغبة في التوسع لدى المجلس الانتقالي بعد أحداث عدن، وربط ذلك بدعم إماراتي، في محاولة جديدة لدق إسفين الخلاف بين السعودية والإمارات، إثر الفشل في نفس المهمة بعد سيطرة الانتقالي على المواقع الحكومية في عدن مؤخرًا.
أما البعد الثاني - يقول المحللون- هو رغبة من قوى إقليمية في السيطرة على المحافظة النفطية، عبر وكلاء محليّين، يمثلهم حزب الإصلاح الإخواني، الذي يستغل الظرف الحالي لتحقيق أهداف مرسومة مسبقًا.
وكان لافتًا للمراقبين الدعم الإعلامي الكبير الذي تقدمه الأذرع الإعلامية التابعة لقطر، وخاصة الجزيرة، في مؤشر يؤكد أهداف مشروع حزب الإصلاح المرتبط بمحور الدوحة وأنقرة.
وبين تلك الأهداف والأبعاد يتساءل يمنيون لماذا يدخر حزب الإصلاح العتاد والسلاح عن جبهات القتال ضد الحوثيين، وصنعاء أقرب إلى مأرب من شبوة، ويوجه بنادقه إلى صراع داخلي بين أبناء الجنوب؟
مساعي"الإصلاح" في شبوة
يجيب على هذا السؤال الكاتب السياسي ناصر المشارع قائلا: "مليشيات الإصلاح ومن خلال تفجير الوضع في شبوة والدفع بتعزيزات إلى المحافظة لمواجهة أبناء شبوة من قوات النخبة لا علاقة لها بالوحدة ولا بالداخل اليمني؛ إنما هدفها يتعدى الحدود والسعودية بيت القصيد وللوصول إلى ذلك يسعى الإصلاح بالتعاون مع ثلاثي الشر في عدة اتجاهات متلحفا بعباءة الشرعية".
ولخص المشارع أهداف الإصلاح من أحداث شبوة في ثلاثة اتجاهات، وقال: "الاتجاه الأول: استغلال الظروف المحيطة بالمشهد اليمني وخلاف الإمارات مع الرئيس هادي لشق عصاء التحالف واستفراد السعودية بقرار الحرب والسلم حتى تضعف المملكة ومن ثم إعادتها إلى حضن تركيا قطر إيران ليبدأ مشوار الضعف والهوان وتفكيك منظومة الصمود العربية السعودية؛ الإمارات مصر".
ويضيف المشارع : "الاتجاه الثاني: بسط السيطرة على منابع الثروة وإبقاء شبوة وحضرموت تحت ولاية الإصلاح وأرباب المصالح من قوى تحالف حرب ?? بالاستفادة من مشاكل الثأرات القبلية في شبوة و الحسابات القبلية الأخرى وهذا يعني إطالة أمد الصراع؛ لأن الجنوبيين لن يقبلوا أن تكون تلك المحافظات بأيدي عدوهم اللدود وهذا يعني أيضا إطالة أمد الحرب وإضعاف السعودية في تفرعات الحرب باليمن واستنزافها في وحل الصرعات وصولا لذات الهدف المشار إليه سلفا ".
أما الاتجاه الثالث حسب المشارع فهو: "فقدان الثقة الشعبية بمؤسسة الرئاسة وشخص الرئيس هادي في حال استمر موقف الرجل كما هو غير راض عن تحركات الإصلاح وهذا يعني التحشيد شمالا ضد الرئيس هادي من خلال ماكينة الإصلاح الإعلامية واستغلال جهل المجتمع وبما يمتلكه الحزب من قوات في مأرب وبقية المحافظات وعلاقته الوطيدة بالتنظيمات المتطرفة (رفاق الجهاد) ليقلب الطاولة على الجميع وإن حدث ذلك فالاحتمالات المطروحة هي الدفع بتعزيزات وتوسيع دائرة الصراع في محافظات شبوة المهرة حضرموت أو تسليم مأرب والبيضاء للحوثيين وهدم كل إنجازات دول التحالف في هذه الحرب ولكم أن تتخيلوا الموقف في حال حدث كيف سيكون وضع العربية السعودية أمام خصومها في المنطقة وستكون أمام خيارات أحلاها أمر من العلقم".
نصيحة للتحالف
وبعد أن استعرض الكاتب السياسي ناصر المشارع أهداف حزب الإصلاح من معركة شبوة، أرسل في ختام مداخلته رسالة - نصيحة - للتحالف العربي.
وقال المشارع : "نصيحتنا إلى دول التحالف أن لا تتساهل في مثل هكذا مواقف ؛ بل يتوجب الوقوف بقوة في وجه هذا الحزب الخبيث وتقطيع أوصاله وإضعافه وتقديم الدعم للجنوبيين قبل أن يملك زمام المبادرة ليتحول بعدها إلى خنجر مسموم يطعن الاَمة العربية في خاصرتها و في أهم موقع استراتيجي بالعالم".
معركة كل الجنوب
ويؤكد القيادي الجنوبي أحمد عمر بن فريد أن معركة شبوة هي معركة كل الجنوبيين وهي معركة شرف وكرامة .
وقال بن فريد: "تخوض شبوة اليوم معركة الشرف والكرامة وهي معركة كل الجنوب اليوم وحتما ستنتصر ، وسيجر الخونة والعملاء ذيول الخزي والعار إلى حيث يقيم سيدهم الذي ما إن يصلون إليه إلا وسوف يرخصهم بأقل مما اشتراهم، أما الأبطال فسوف تناطح جباههم جبال الكور شموخا وإباء".
ويعزز الناشط الجنوبي يونس المشوشي ما ذهب إليه بن فريد فيما يخص معركة شبوة ، حيث قال: "ليست معركة شبوة وحدها، بل هي معركة أبناء الشعب الجنوبي قاطبة وسوف تكون أول مداميك الاستقلال الكامل عن نظام عصابات صنعاء وتجار حروب الشرعية.. فمن غباء حزب الإخوان أن يحاولوا الوقوف أمام الشعب الجنوبي بعد ما أعلن وبدؤوا تحرير أرضهم".
كسر شوكة الإخوان
يجمع جنوبيون على أن القوات التي تقاتل في شبوة هي قوات توالي الإخواني علي محسن الأحمر وتدعم إرهابهم، واعتبروها معركة كسر شوكة الإخوان وإرهابهم .
وفي هذا الصدد يقول الكاتب السياسي د.حسين الدياني: "الحقيقة أن القوات التي تحارب بـِاسم الشرعية في عتق توالي ولاء مطلق لعلي محسن الأحمر وليس لهادي وعلى استعداد أن تحمل السلاح في وجه هادي إذا طلب منها ذلك وهذا الأمر يجعل قوات النخبة الشبوانية تتعامل معهم بحزم!".
من جانبه قال المتحدث بـِاسم المنطقة العسكرية الرابعة محمد النقيب: "بكل تأكيد معركة تطهير وتحرير شبوة من الجماعات التخريب والإرهاب هي معركة كسر شوكة الجنرال الأحمر القائد العام والمؤسس لذات التنظيم الإرهابي الإخونجي وسيدفع بكل مخزونه من الإرهابيين".