آخر تحديث :الاحد 03 اغسطس 2025 - الساعة:01:23:42
منطقة "مثعد" بأزارق الضالع.. تاريخ وحضارة جنوبية عريقة منذ الأزل
(كتب/ د. حبيب بن سفيان الهاشمي المثعديّ*)

هجرة "مثعد" التابعة قبليا لبلاد الأحمدي وإداريا مديرية الأزارق محافظة الضالع سكنها الشريف علي بن سفيان الحسيني الهاشمي وهو سني العقيدة شافعي المذهب سنة ألف من الهجرة النبوية قبل أربعمائة عام بعد مجيء جده الأول من الحجاز إلى عدن وهو سفيان بن عبدالله المدفون في الحوطة عاصمة محافظة لحج والتي سميت باسمه حوطة سفيان وعند وصوله إلى مثعد اختار أن يعيش بين قبائل المنطقة بسلام ووئام صاهر القبائل حوله واتخذ جلساء من خيرتهم ورؤسائهم ومن أشهرهم الذين دونوا له الوثائق التاريخية القاضي عاطف بن زيد الأحمدي والقاضي عبدالوهاب الحزفري الحميدي وجعل منطقة مثعد هجرة (أي: يحرم القتال فيها) وكانت مأوى لمن تقطعت به الحبال وملجأ لمن ابتعد من الفتن والقتال حتى كان الشريف ابن سفيان له راية بيضاء للسلام – مازلنا نحتفظ فيها حتى اليوم- يرفعها في الحروب بين القبائل فتتوقف المعارك وتضع الحرب أوزارها احتراما وإجلالا وتوقيرا، كان لابن سفيان مال واسع وأرض مترامية الأطراف فوقفها وحبسها فبدأ بالوافدين قبل أولاده وهكذا سار أولاده من بعده بين جيرانهم دائما في سلام وحسب اطلاعي على مئات الوثائق التاريخية لم أعلم ولم أقرأ أن أحدا من بني سفيان قتل وسفك دم على مدى أربعة قرون مما جعل لهم الاحترام والإكرام بين جيرانهم وما زلت شخصيا أحس بهذا التوقير والإجلال أينما ذهبت وحللت في بلاد الأحمدي، ومع أن أهل مثعد دائما مسالمون لكنهم لم يتأخروا عن واجبهم نحو قضيتهم ففي أول شرارة ثورة الحراك الجنوبي كانوا في مقدمة الصفوف ومنهم من اعتقل مرات وفي حرب 2015 كان منهم في مقدمات الصفوف وقدموا شهيدين من أبنائهم وما زال بعضهم في الجبهات وهم في النهاية ليسوا بملائكة ولا معصومين يخطئون ويصيبون ومن تورط منهم وخرج عن الإجماع فهو يمثل نفسه وهذا الأمر ليس مقتصر عليهم فهم كغيرهم من القبائل فيهم الصالح والطالح والكمال لله، ومن لا يعرف مثعد فهي الوحيدة في الأزارق التي تحتوي على مركز سلفي لأهل السنة والجماعة ومنهم المجاز في علم الحديث النبوي الشريف، وفيها أكثر من ثمان حلقات للقرآن الكريم وتتصدر مديرية الأزارق في عدد حفظة القرآن ففقها ما يربو على عشرين حافظا وبعضهم بالقراءات الكبرى والصّغرى، وقد كتبت هذه الحروف بعد المصيبة والحادثة الإرهابية الشنيعة على أهل وعزوتي ومسقط رأسي وفي أثناء صلاة الجمعة تحت ذريعة التحوث بمسمى أن كل هاشمي حوثي والتي روجها كثير من الكتاب الذين سقطوا في وحل الفرية وذاعوا الكذبة التي تبلغ الآفاق دون معرفتهم بالقرية وأهلها ولا شهدوا الحادثة ووقائعها، مبررين للتطهير العرقي بحق أناس راكعين ساجدين آمنين صائمين للست من شوال من عصابة ليس لها أي صفة شرعية تجردت عن كل القيم والأخلاق والإنسانية فضلا عن مخالتفها الشريعة والقانون، لقد اقترفوا إثما وانتهكوا حرمات في مكان مقدس وفي عبادة معظمة، وفي يوم عظيم، قتلوا منارة العلم وقبلة الطلاب الأستاذ محمد خالد أبو تمام الناطق الإعلامي للمجلس الانتقالي الجنوبي وأخاه محسن طالب العلم السلفي الذي كلما دخلت المسجد وجدته قد سبقني يقلب صفحات الكتب أعدموا ميدانيا خطيب الجمعة الأستاذ محمد مثنى عبيد الذي لجأ للقرية نازحا من منطقة رباط عمارة بمديرية الحشا بعد سقوطها بيد الحوثيين ونجاته بأعجوبة من الوقوع في أسرهم كما أعدموا عبده صالح وهو جندي في اللواء 33 مدرع في معسكر الجرباء بالضالع بجانب طه عبدالله محمد وبمعرفتي ويقيني أحلف غير حانث والذي رفع السماء بلا عمد أن هؤلاء جميعهم ما شهدوا مشهدا مع الحوثي أو يكونوا يوما جزءا من مؤمراة أو خلية كما زعموا، وعليه يجب على العقلاء والكتاب أن يحافظوا على النسيج الاجتماعي، وأن يتثبتوا بما يكتبون وعلى الجميع أن يشعر بالمسؤلية والخطر المحدق حولنا وأن ننتصر للمظلوم ونقف صفا واحدا ضد الظلم إن أردنا النجاح والفلاح والنصر والتأييد، كما نحذر كل من يقف إلى جانب المجرمين أن يتركوا القضاء للفصل حتى لا تقع فتنة وينال الجاني بما يستحقه وفق كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي نهاية المقام لا أنسى أن أشكر أهلنا في بلاد الأحمدي ممن مشايخ وعقال ووجهاء وأفراد وعلى رأسهم الشيخ أحمد محمود الحسني ومدير عام المديرية ومحافظ المحافظة ومدير أمن الضالع وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وكل الكتاب والصحفيين والدعاة والخطباء وطلبة العلم الذي وقفوا إلى جانب الحق ودانوا هذه الجريمة الإرهابية البشعة، وأسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

*باحث في الدراسات الإسلامية والإمام والخطيب لدى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف-الكويت.


#

شارك برأيك