آخر تحديث :السبت 11 مايو 2024 - الساعة:11:39:52
"الأمناء" تنشر تقريرًا مطولًا عن الخطّـة الأمريكية بشأن اليمن ومصير الجنوب فيها
("الأمناء" تقرير/ علاء أبو شوكت:)

"الأمناء" تقرير/ علاء أبو شوكت: بدت تصريحات وزير الدفاع الأمريكيّ/ جيمس ماتيس  ــ حازمة ــ وتنبؤ بأنّ هناك بوادر لمنعطف جديد ستذهب إليه اليمن، غير أنّه لم يتبيّن ما أن كانت إيجابية أو سلبية،الأمر الذي يضعنا أمام مفترق طرق؛أهمها : إما حرب كارثية قادمة، بسبب مصالح الأمريكان في اليمن، أو تسوية قد لا ترضي أطراف عدة، وربما يكون الخيران الاثنين متاحان.

فوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس كشف عن المعالم الرئيسية لرؤية المجتمع الدولي لنهاية الحرب في اليمن، واصفـًا أنّها تقوم على محاولة تقديم ضمانات لدول المنطقة تتضمن حماية أمنها القومي، عبر حزمة ضمانات تشمل حدودًا منزوعة السلاح، ويمن دون صواريخ بعيدة المدى.

واعتبرت صحيفة العرب اللندنية أنّ هذه هي المرّة الأولى التي يتحدث فيها وزير الدفاع الأمريكي صراحة عن هذا الأمر، وقالت "إنّ تلك الخطوات كفيلة بدفع عجلة التّسوية السياسيّة في اليمن، دون الإشارة إلى المرجعيات والقرارات الأممية".

تصريحات ماتيس خلال مؤتمر "حوار المنامة 14" بداية الأسبوع الجاري، أظهرت تزايد الرّهان الدّوليّ على إحراز تقدم في جهود السلام في اليمن من خلال الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي مارتن غريفت، والتي من المفترض أن تتوج، في نوفمبر القادم، بعقد جولة جديدة من المشاورات في إحدى العواصم الأوروبيّة.

وقال ماتيس "قد حان الوقت لوقف الحرب في اليمن،وإن التسوية السياسية يجب أن تكون بديلة عن القتال"، مشيرًا إلى أنّه يجب التطرق للقضايا الرئيسية في المشاورات المرتقبة التي قال إنّها الفرصة الأفضل للحوثيين للتعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن.

واشار إلى أنّ بلاده تقف ضدّ توريد الأسلحة من إيران إلى التنظيمات الإرهابية في اليمن ولبنان، مؤكدًا أنّ واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تطوير إيران برنامجها النووي.

وتابع "إيران تهدّد الأمن العالمي,والولايات المتحدة أحبطت مساعيها للحصول على السّلاح النوويّ"، مشيرًا إلى أنّ طهران تسعى للهيمنة خارج حدودها وتتدخل في شؤون الدول المجاورة.

وطالب وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس النّظام الإيراني بالتوقف عن التدخل في شؤون الآخرين إذا ما أراد العودة إلى النظام العالمي، مشددًا على أنّ الشراكة مع دول الخليج أساسية بالنسبة إلى بلاده، مشدداً على استمراريتها.

وأوضح أنّ الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز الأمن في المنطقة لمواجهة الإرهاب وأيّ أعمال عدائيّــة.

ودعا ماتيس إلى ضرورة استمرار تبادل المعلومات والاستخبارات لمواجهة التّطرّف والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.

مراقبون سياسيون اعتبروا أنّ تصريحات ماتيس بأنّها محاولة لإعادة إحياء خطة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري العابرة للمرجعيات اليمنية والدولية، والتي قوبلت برفض شديد من الشرعيّة اليمنية حينها.

وقالوا لـ"الأمناء" إنّ تصاعد الرغبة الدولية ــ بشكل غير مسبوق ــ في إغلاق الملف اليمنيّ والتفرغ لمعالجة الملفات الأخرى العالقة في المنطقة،مؤكدين أنّ ذلك اتّضح جليًا من خلال تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفت أمام مجلس الأمن الدولي مطلع شهر سبتمبر الماضي، حول فشل تحضيراته لمشاورات "جنيف3" التي ألغيت بسبب امتناع الحوثيين عن الحضور، وقال غريفت إن "الجهود لم تنجح، لم ينجح الأمر، أعدكم بأنّ هذا الأمر لن يتكرر".

ويعتقد المراقبون السياسيون في تصريحات متفرقة لـ"الأمناء" إنّ مغادرة الرئيس هادي الأسبوع الماضي إلى أمريكا دون الإعلان رسميًا من مكتبه عن سبب الزيارة له علاقة بالضغوط التي تمارسها واشنطن عليه للقبول بتنازلات كبيرة لصالح الحوثيين تمهيدًا لتسوية تنهي الحرب.

ورجحوا إلى إمكانية لقاء هادي في واشنطن بغريفت المتواجد هناك بالتزامن مع زيارة الرئيس هادي لـ أمريكا.

ويتصف الموقف الأمريكي بالتناقض تجاه القضايا العالقة في المنطقة، فبينما تتخذ واشنطن موقفا متصلبا إزاء إيران وحزب الله، فإنها تتبنى في ذات الوقت الرؤية الأوروبية المتساهلة مع المليشيات الحوثية.

 

الحلّ الأنسب للجنوب

وعن قول ماتيس : يجب أن يكون هناك حكم ذاتي في اليمن، حيث أكد مراقبون سياسيون لـ"الأمناء" إنّ هذه الخطة هي الخطة التي يتم تداولها من خلف الكواليس في أروقة المجتمع الدولي، وإنّه المبعوث الدولي يعمل منذ أشهر على هذا الجانب بطريقة غير معلنة.

وقالوا : إن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي تأتي بعد الوصول إلى قناعة بأنّ الحرب لم تعد تجدي نفعًا، وإنّ السلاح المتواجد سيشكل خطرًا على العالم والمصالح الأمريكيّ في اليمن.

وتابعوا "الحكم الذاتي يراه الجانب الأمريكي والدول الأوربية أنّه الحل المناسب في اليمن في ظل عدم قدرت الدولة الهشة على السيطرة على كل البلاد وهو أمر بات حتمي نظرًا لمصالح العالم".

وأكّدوا أنّ "الجنوب سيكون أكثر المستفيدين من هذا الحلّ الذي لا وجود الأقاليم فيه".

وكان ماتيس شارك السبت الماضي في مؤتمر المنامة للأمن وكشف خلال حديثه للمؤتمر عن ترتيبات تجريها بلاده لتسوية المشهد السياسي بشأن اليمن ترتكز على تقسيم اليمن إلى مناطق مع حكم ذاتي بعد عملية تدريجية لنزع السلاح.

وقال وزير الدفاع الأمريكي "أعتقد أنّ الجزء الأول من المعادلة هو أن نضمن أن تكون الحدود منزوعة السلاح حتى لا يشعر الناس بـ أنّ عليهم أن يضعوا قوّات مسلحة على طول الحدود. يجب ألا يكون هناك أكثر من الجمارك وشرطة الحدود هناك لتسريع تدفق البضائع والناس يذهبون ويأتون بشكل قانونيّ".

وأضاف "ثانيًا...أعتقد أنّ نزع السلاح وفق جدول تدريجي طويل. أنا أقول إننا لسنا بحاجة صواريخ توجّه في أي مكان في اليمن بعد الآن. لا أحد سيغزو اليمن. سوف نعود إلى الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، وبحيث تعطي المناطق التقليدية لسكانها الأصليين؛لكي يكون الجميع في مناطقهم، ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد، ولنترك الدبلوماسيين يعملون على إضفاء لمساتهم السحرية الآن. لكن ذلك يجب أن يبدأ كما أرى على طول هذين الخطين".

ومن حديث ماتيس تبدو الرؤية تقسيمات مختلفة للمناطق اليمنية إذ تبدو الصورة أن يتمّ التقسيم بحيث تكون المناطق الخاضعة حاليًا تحت سيطرة الحوثيين بحكم ذاتيّ وخصوصًا (إقليم آزال) فيما تبقى بقية المناطق المحرّرة مقسمة ما بين الحكومة الشّرعيّة وبين المجلس الانتقاليّ وكذا أتباع صالح بقيادة ابن شقيقه طارق، بحسب صحيفة العرب اللندنية.

وطالب ماتيس أطراف النّزاع بالدخول في مفاوضات جادة لـ إيقاف الحرب في نوفمبر...ويبدو أنّ الرؤية الأمريكية لأزمة اليمن ستكون خيار التقسيم - وهي آخر الحلول لـ إيقاف الاقتتال.

وقال ماتيس في تصريحات له في المعهد الأمريكي للسلام في واشنطن: "30 يومًا من الآن نريد أن نرى الجميع على طاولة المفاوضات بناء على وقف لإطلاق النار وانسحاب من المناطق الحدودية ووقف القنابل التي تحول دون جهود المبعوث الأمميّ الخاصّ لليمن[مارتن غريفيت]".

ووصف ماتيس المبعوث الأمميّ قائلاً: "إنّه جيد جدًا، ويعلم ما الذي يقوم به"، وأنّه يعمل على جمع أطراف الأزمة اليمنية في السويد لإنهاء الحرب الأهلية.

وكان بومبو قال في بيان: "حان الآن وقت وقف أعمال العنف، بما فيها الصواريخ والغارات التي تنفذها طائرات بدون طيار من مناطق يسيطر عليها الحوثيون ضد المملكة العربية السعودية والإمارات"، لافتاً إلى أنّ "الغارات التي ينفذها التحالف في المناطق المأهولة في اليمن يجب أن تتوقف".

 

الحوثيون يرفضون خطة أمريكا

بدورها: رفضت جماعة الحوثيّ بشكل غير مباشر رؤية وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس التي أعلنها خلال اليومين الماضيين حول حل الأزمة اليمنية.

وانتقد عضو المفاوضات في جماعة الحوثيين عبد الملك العجري، الذي زار العاصمة الروسية موسكو مع متحدث الحوثيين محمد عبد السلام نهاية الأسبوع الماضي، الرؤية الأميركية، وقال في تغريدات نشرها على حسابه في موقع "تويتر أمس الأول إنّ "حديث ماتيس عن مناطق حكم ذاتي يكشف عن نواياهم التفتيتية وهي مرفوضة من كلّ القوى الوطنية".

وأضاف العجري "حديث (ماتيس) وزير الدفاع الأمريكيّ عن إمكانية حصول من أسماهم (الحوثيين) على منطقة حكم ذاتي، كما لو أن أنصار الله يمثلون قومية عرقية أو إن اليمن بلد اثني متعدد العرقيات أو إن الصراع في اليمن اجتماعي وليس سياسيًا".

 

حراك أمريكيّ ليمن ما بعد

وكشفت مصادر في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بأن "زيارة هادي إلى أمريكا ليست لغرض العلاج فقط، بل لغرض العلاج وترتيب سياسي قادم في إطار المشهد العام".

وقالت المصادر إنّ :"المجتمع الدولي والأمم المتحدة، أقنعوا هادي بـ أنّ مسألة العودة إلى عدن لم تعد مجدية في هذا المشهد العام، وأنّ الترتيب نحو مخرج من الحرب هو المجدي، وأنّ الأمر يتطلب منه تقديم تنازل بهذا الاتجاه، ولن يتحقق الأمر دون ذلك".

وأضافت إنّ الترتيب الأمريكي للمشهد اليمني القادم، واضح من خلال التحركات التي تقوم بها أمريكا بعد زيارة هادي لها. فبعد الزيارة قبل الأخيرة، وصل قائد "القيادة المركزية الأمريكية" جوزيف فوتيل، إلى عدن والتقى هيئة الأركان العامة في قصر المعاشيق، وبعدها بأربعة أيام توجه فوتيل، إلى الرياض حيث التقى نائب الرئيس علي محسن الأحمر؛ الأمر الذي يؤكد بوضوح أنّ ما يجري ترتيب لمشهد يمني جديد".

وتوقعت مصادر سياسية مقرّبة من مكتب هادي، أنّ "يتم خلال اليومين القادمين تعيين نائب للرئيس، بدلاً عن علي محسن الأحمر، وبتوجه أمريكي وبمباركة إقليمية".

كل هذه الترتيبات، هي جزء "من ترتيب عام يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، الذي كشف بعد يومين من زيارة هادي إلى أمريكا، عن جولة مفاوضات سياسية يجري التحضير لها في مدينة أوروبية، نهاية نوفمبر القادم".

وبحسب جريفيث "ستكون الجولة هذه المرة مباشرة بين الطرفين".



شارك برأيك