
التقى المتنفذ الإخواني اليمني/حميد الأحمر ؛ رئيس الوزراء المقال والمحال إلى التحقيق/أحمد عبيد بن دغر في مقرّ إقامته في العاصمة السعودية الرياض أمس الأول.
وجاء لقاء الأحمر بابن دغر عقب أيام من منشور نشره الأول في صفحته على فيس بوك دافع فيه عن بن دغر وهاجم الرّئيس/هادي و قرار الإقالة التي أصدره ، ووصل حدّ وصف ذلك القرار بالممارسات الخاطئة .
ويوم الأحد نشر الأحمر على ذات الصفحة صورة تجمعه بابن دغر قال : إنّها التقطت اليوم في السعودية ، مدح فيه بن دغر وقال عنه : إنّه "سياسيّ مخضرم، عرفناه وعرفه الجميع رجلًا وطنيًا وحدويًّا جمهوريًا صلب ، لعله اليوم يدفع ثمن مواقفه الوطنية القوية التي لم ترق للبعض".
ذلك اللقاء وما سبقه من الحنق الذي أبداه حميد الأحمر على قرار إقالة بن دغر ، يراه محللون ومراقبون وناشطون جنوبيون بأنـّه يكشف عن علاقة قويّة تربط الشّخصين ظلّـت لسنوات من تحت الطاولة ، وتكشفت مؤخراً عقب قرار الإقالة وما رافقه من قرار إحالة للتحقيق .
لكن آخرون يرونه محاولة من حميد الأحمر لـ استقطاب بن دغر أو إعادة ترميم العلاقة بينهما، وهو أمر لا يبدو واردًا ، إلا أنّه يظلّ تحليلاً لا يحمل مقدارًا كبيرًا من الدقة .
ما أبداه حميد الأحمر من حنق وزعل شديدين على إقالة بن دغر ، وحرصه على للقائه لاحقاً ينم عن وجود شيء كبير يربط الشخصين ، ويبدو بـ أنّ قرار إقالة بن دغر تسبّب بضررٍ كبيرٍ لديهما أو على الأقلّ لدى الأحمر الذي أبدى حرصاً شديداً على لقائه الأخير في السعودية ربما لترتيب أو إعادة ترتيب خطط العمل المقبلة .
وما يثير الاستغراب أنّ ما أبداه حميد الأحمر من استياء شديد حول قرار إقالة بن دغر وإحالته إلى التّحقيق : هجومه العنيف الذي شنّه ضدّ الرئيس هادي وقراره ، وصل حد تجريد الرئيس هادي من شرعيته بسبب ذلك القرار ، إذ قال حينها : "ستغرب من تجاهل الأخ الرئيس لبنود المبادرة الخليجية التي تعتبر أحد أهم المرجعيات التي يستمد منها شرعيته وهو يعلم أنّ المبادرة وآليّـتها التنفيذيّة لم تعطه حقّ تسمية رئيس الحكومة أو تغييره ".
وأضاف الأحمر : "لا يليق بنا في معركة استعادة الدّولة وإنهاء الانقلاب أن نرضى بالانقلاب على المبادئ والمرجعيّات من أيٍّ كان، وليست هذه هي الدولة المؤسسية التي بشّـرت بها مخرجات الحوار وأكّدت القرارات الدوليّة على احترامها، بعد أربع سنوات من المآسي لم يعد من اللائق استمرار الصمت على الممارسات الخاطئة...".
ما قاله حميد الأحمر لا يعطي الحق لـ ابن دغر بأن يبقى في منصبه ، وبحسب مراقبين سياسيين فإنّ ما جاء في منشور الأحمر يؤكّد أنّ بن دغر ظلّ في منصب رئيس الحكومة بشكل غير شرعي ولمدة عامين تقريباً ، مشيرين بأنّ منشور الأحمر لم يكن دفاعاً عن بن دغر لمجرّد الدفاع فقط بقدر ماهي إساءة وفضيحة ارتكبت على غفلة ويراد منها التلميع وإفراغ شحنة غضب امتلكته للحظات .
عرقلة إعادة توحيد حزب المؤتمر!
بدورها، قالت صحيفة العرب اللندنية أمس : إنّ "سجالًا نشب بين قياديين بحزب المؤتمر الشعبي العام كشف عن صعوبة ترميم صفوف الحزب، رغم الجهود التي تبذل في هذا الاتجاه، وتحرّكها أهداف مختلفة تتراوح بين حرص البعض على استعادة دور الحزب وضمان مكان له في مستقبل اليمن وفي أيّ ترتيبات لإيجاد مخرج سلميّ للصّراع الدّاميّ هناك، وبين رغبة أشخاص في الاستيلاء على الإرث الحزبيّ للرئيس السابق/علي عبدالله صالح ؛ واتّخاذه وسيلة لحكم البلد.
وبذل الرئيس الانتقاليّ اليمنيّ/عبدربه منصور هادي ــ خلال الأشهر الماضية ــ جهودًا لجمع أكبر طيفٍ ممكنٍ من قيادات المؤتمر، وقام لهذا الغرض بزيارة القاهرة ــ حيث يقيم ــ عدد من هؤلاء القادة، دون أن تتأتّى نتائج عملية لجهوده تلك، إذ ما يزال الحزب منقسما على ذاته بين قادة الداخل والخارج، ومن يوالون الانقلاب الحوثي، ومن يعارضونه بشدّة، كما لا يزال عدد مهمّ من المؤتمريين ينتقدون سياسات الرئيس هادي، ويعتبرونه غير مؤهّل لتوحيد الحزب تحت رايته.
وأثارت تغريدة ــ عبر تويتر ــ لـ أبوبكر القربي رئيس دائرة العلاقات الخارجية للأمـانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، دافع فيها عن تشكيل لجنة لتسيير نشاط المؤتمريين في الخارج، حفيظة عدد من قادة المؤتمر.
وقال القربي في تغريدته :"إنّ هدف تشكيل لجنة تسيير نشاط المؤتمريّين في الخارج هو تنظيم نشاطهم وتعزيز وحدتهم ودعم القيادة في الداخل بالرؤى والتحرك السياسي وبتنسيق كامل معهم، ومن أجل تفعيل دور المؤتمريين في الخارج، وليس الهدف خلق قيادة تنازع قيادة الداخل.. فالمؤتمريون في الخارج هم جزء لا يتجزأ من مكونات الداخل".
وردّ عليه سلطان البركانيّ الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر ورئيس كتلته البرلمانية بدوره في تغريدة مضادّة وصف فيها تصريحات القربيّ بشأن اللجنة المذكورة بأنّها "تصرف محزن".
وقال : إنّ تصريحات القربي تلك تعبّر عن موقفه هو وحده ولا تعبر عن قيادات المؤتمر الشّعبيّ العام كافة.
كما اعتبر البركاني أنّ تشكيل اللجنة يستهدف وحدة المؤتمر وإدارة شؤونه ونشاطه في الخارج وليس التبعية أو الارتباط (بصنعاء) متسائلا :"هل تناسى القربي دم الزعيم والأمين" في إشارة إلى الرئيس السابق وزعيم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي قتل في ديسمبر الماضي على أيدي ميليشيا الحوثي في صنعاء.
ويرى متابعون للشأن اليمني أنّ السجّال بين "رؤوس كبيرة" في حزب المؤتمر، وبلوغه تلك الدرجة من الحدّة، ووصوله إلى التّراشق بالتهم والتشكيك بالنوايا، لا يؤشّر فقط على صعوبة إعادة توحيد صفوف حزب المؤتمر ذي الدور التاريخي في اليمن، بل ربّما يؤشّر إلى نهاية "المؤتمر" كحزب موحّد، نظرًا للتباعد الشّديد الذي يصل حدّ التضادّ الكامل بين الرؤى والأهداف التي تقود مواقف وسياسات كبار قادة الحزب.
ويذهب أكثر المتشائمين بمستقبل المؤتمر الشعبي العام، إلى أنّ الحزب كان شديد الارتباط بشخص زعيمه/علي عبدالله صالح، ولا يوجد على الساحة من هو مؤهّل لجمع المتناقضات التي تمكّن صالح من تطويعها للحفاظ على وحدة حزبه، قبل أن يختار لأسباب توصف بـ"التكتيكية" الدخول في تحالف قاتل مع الحوثيين أراده تحالفًا ظرفيًا لكنّه عجز عن الخروج منه بسلام.
ولا يرى هؤلاء في الرئيس اليمنيّ الحاليّ/عبدربه منصور هادي صفات الشخصية القيادية ذات الكاريزما القادرة على إعادة تجميع حزب بضخامة حزب المؤتمر، ويرون في تحرّكاته الأخيرة صوب القاهرة مجرّد محاولة لكسب ولاء أكبر عدد ممكن من قيادات الحزب لرفد شرعيته التي تضرّرت كثيرًا من تجربة الحكم التي خاضها في ظروف صعبة، ولا يمكن وصفها بالتجربة الناجحة.
وتقدّر بعض المصادر القاعدة الشعبيّة لحزب المؤتمر بما يزيد على خمسة ملايين عضوٍ، وتقول :"إنّ تفكّك المؤتمر يجعلهم محلّ تنازع بين تيارات أخرى على رأسها حزب الإصلاح الممثّل المحلّي لجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثي الموالية لـ إيران".