آخر تحديث :السبت 09 اغسطس 2025 - الساعة:09:32:43
(عدن) .. لماذا العيون تصر على الاشتياق ؟!
(الأمناء نت / فؤاد مرشد :)

أعجوبة .. هذه المدينة الجنوبية المطلة على المحيط وممرات العالم على أجنحة الحنين تحلق بنا في سماوات الذكريات وتهبط على مرافئ الأفئدة وأحضان المقلتين ، ترتشف الشاي العدني بنكهة المدينة العريقة وتستمع إلى أغاني الصباح وحكايات البنفسج .
تحتضن المساجد والكنائس والمعابد وتتجاوز المسافات بأكاليل من ورد في لوحة بديعة مطرزة ببساطة الناس وتعايشهم ،لا تسألك من أنت ؟ ؟ ولماذا ؟ فيها يبقى كل شئ أمره يومئذ لله .
تبهرك هذه القامة ، لأنك أمام هامة ،شامة وعلامة في خد الجزيرة والخليج ،وقيمة مستدامة على صفحات المنطقة والتاريخ والتفاصيل ، صافية صفاء الماء الرقراق ،منسدلة على جدار الجزيرة كشجرة رياحين تهدي كل شبر وردة وتمنحها شذى الريحان .
كانت توزع عشقها على الكل منذ كانت المنطقة صحراء وابل وخيمة . 
لا ومضة ولا ضياء 
بينما صباحها احد صباحات الزيزفون ،وليلها يتلالئ على صفحة البحر ورمال الشواطئ ووجه الموج .
كل شئ يسرد لنا التميز والانجاز والإصرار والعنفوان .
الميناء ،والقلعة ،والصهاريج ،والأزقة والمباني ،أناشيد العمال وأهازيج الصيادين .
مدينة مطرزة بألوان الطيف وكرنفالدغاتلفرح فيها تحضر الحياة بكثافة ويتزين الكون ، السماء تزداد صفاء والبحار تمتلئ باليواقيت وتكتسي الأرض بالبراعم والورود ،والفضاء بالطيور والفراشات ،ويفوح المدى بالياسمين وأريج الأقحوان .
أعجوبة مدينة المدن ... 
أي يد تلك أبدعت! وأي آنية استطابت وفاضت ! ،كأنها ملكة الأساطير ، ترتدي حنين السفن للمواني واشتياق العاشقين إلى حيث المولد, والحبو , و الكلمات الأولى ، إلى حضن الأم ، وأحلامهم الوردية وملاعبهم ، والى الخطوة الأولى حيث تعلموا السير لأول مرة .
أسراب البجع لا يحلو له المقام إلا في أحضانها ولا يصطاف إلا في أحداقها ،على يمين طريقها البحري تجدونهم وكأنهم في حفلة عيد سعيد وعرس لا ينتهي ،
كل شئ له موعد مع الفرح والحنين والذكريات .
لماذا العيون تصر على الاشتياق؟! والقلوب إلى الحنين؟! والطيور على البقاء والغناء ؟! لأنها مدينة الحياة وقِبلة المتيم وقوس قزح .
لأنها لا تكمم الأفواه ولا تصادر الأفكار، ولا تكفَّر الأسئلة .
يقولون تغيّرت ! لا ، لم تتغير .. وهل تتغير السماء والبحار؟ والفراشات والورود !! ،فقط جرح في جسمها الغض ،وبقعة لون مفتعلة ، وثمَة لدغات على الوجنتين .


#

شارك برأيك