بعد انتصار الثورة أكتوبر البلشفية في روسيا ذهبت امرأة ارستقراطية كبيرة في السن لمقابلة لينين في مكتبه. حاول الحارس ثنيها عن ذلك متذرعاً بانشغال الزعيم ولكنها أبت الانصراف وأصرت على رؤية لينين حينما بلغه أصرارها أومأ لهم بإدخالها . دخلت بهدو وجلس على كرس يمين الطاولة وعينيها الى الأرض الى أن حياها لينين وسألها عن حاجتها؟ رفعت رأسها ونظرت الى عينيه وقالت: أتيتك كي تجاوبني على سؤال بات يقلقني منذ قيام ما تسمونه (ثورة) وتسنمك أمر الكرملين. أندهش لينين من طلبهاغير المتوقع! وقال: تفضلي . قالت العجوز : أريد أن أعرف هل الثورة البلشفية من تصميم وإبداع العلماء أم من افعال عامة الشعب ؟! أبتسم لينين واعتدل في مجلسه ورد عليها مزهوا : أنها ياسيدة ثورة البروليتاريا؛ العمال والفلاحين ؟! قالت العجوز- وهي تهز رأسها وتتفرس في رأس لينين الاقرع الصغير- أها... ثورة عمال وفلاحين... الآن عرفت السبب لماذا الثورة قلبت روسيا رأسا على عقب؟! إذ لو كانت من تصميم وإبداع العلماء لكانوا جربوها اولاً على القرود والحيوانات قبل البشر ! ثم نهضت وأنصرفت بهدو ولينين مذهول من السؤال الذي لم يكن يخطر له على بال في تلك الأيام العشر التي هزت العالم.

يا ترى ماهو المغزى البعيد الذي رمت اليها هذه النكتة الروسية التي اشتهرت في عهد جرباتشوف والبروستيكا، إذ أتذكر بانني قراءتها في مطلع تسعينيات القرن الماضي في مجلة روسية كانت تترجم الى العربية وظلت عالقة بالذاكرة حتى اليوم؟!

ورغم كل ماقيل سيبقى لينين أحد أهم الشخصيات الثورية والسياسية في التاريخ.

ختاما علينا أن نتذكر أن رجل السياسة يدعو الناس الى الثورة لتغيير وضعهم، بينما يدعوهم رجل الدين الى تحمل عبء حملهم بصبر لأن هذا قدرهم، أما رجل العلم فيعمل على اكتشاف الوسيلة التي تمكن الناس من الخلاص من عبء الثورات وأسبابها ونتائجها الباهظة الأثمان وتجاوز وضعهم المرهق كله، بتأسيس المجتمع والسياسة على قواعد علمية قانونية متينة عادلة وآمنة ومستقرة، وهذا هو السر الذي يفسر نمو وتقدم وازدهار المجتمعات التي أمتلك العلم وطبقته في مختلف مجالات حياتها وبريطانيا هي أولها. ولا بديل عن العلم في القضاء على الظلم والجهل والمرض وبناء المجتمعات وتنميتها. كما تشهد التجربة التاريخية في كل مكان من زوايا قريتنا الأرضية . وجمعتكم مباركة