آخر تحديث :الثلاثاء 25 فبراير 2025 - الساعة:10:45:34
كليّة طب الأسنان تنفض غُبار الحرب عن جسدها (1-2) (تقرير)
(لقاءات / أحمد حسن عقربي- تصوير/ قيصر ياسين )

تُعدّ كلية طب الأسنان إحدى الكليات الطبية الهامّة التي يعوّل عليها الوطن وعمادة الكلية الجديدة ، ولا شك أن مسيرة الكلية صادفتها الكثير من المنغصات  كما أوضحت لنا القيادة الجديدة مما انعكس سلباً على العملية التعليمية و الأكاديمية برمتها وعلى الارتقاء بأدائها الأكاديمي والتعليمي والبحثي وعلى مخرجاتها وعلى الاستغلال الأمثل للإمكانيات وعلى توخي المعايير العلمية البحثية وتشجيع مبادرات الطلاب العلمية وأيضاً على مستوى العلاقة بين الطلاب والعمادة  من ناحية وبين الطلاب من جهة اخرى. 

 

البداية من الصفر

         وكانت البداية مع الأخ الأستاذ الدكتور/ محمد حسن السقاف ، القائم بأعمال العميد للكلية الذي شمل حديثه الإجابة على جميع الأسئلة ، وأعاد الى الأذهان في البداية واقع الكلية بعد الحرب قائلا: "نحن لا ندّعي أن الكلية نُهِبت ، وإنما تعرضت  أثناء الحرب لأضرار في الشبابيك وزجاج النوافذ والأبواب، إلى جانب تراكم أكوام الوساخة ، لكن الكلية - والحمد لله - لم تُقصف ووجدنا أنفسنا أمام صفر من الإمكانيات؛ ولكننا صمّمنا أن نعمل شيئا. وبمبادرة من د. باسلامة القائم بأعمال رئيس الجامعة قمنا وإياه والدكتور أحمد علي مهدي بالتشاور في الأمر وكيف نبدأ .. وإن بدأنا بالإصلاحات فمن أين الفلوس؟ لكن القائم بأعمال رئيس الجامعة ومن كان معنا قالوا : " دبّر حالك !.."

وهكذا تحركنا من تحت الصفر ..لا فلوس ..لا دعم ..وعملنا على تدبير الفلوس "بالسلف " .. ودبّرنا مبلغ 130000 ريال .. تكاليف تصفيات عمال النظافة ونقل الأتربة والركام الذي كان في كل مكان .. زجاج الشبابيك المهشّم.. إصلاحات الألمنيوم التي تضررت. وبهذا الخصوص وتحت وطأة الحاجة المادية راسلنا الكثير من الجهات الرسمية ومجلس الأمناء وأمين عام الجامعة ..ولكن لا حياة لمن تنادي. وبهذا المبلغ البسيط  بدأنا بالتصفية وقدرنا أن نقنع أصحاب الألمنيوم بعمل الإصلاحات اللازمة بتعهدات شخصية ملزمة ، وقد اضطُررنا إلى ذلك حتى لا نبقى نتفرج على واقع الكلية المؤلم والمُزري.

أما كيف عالجت الكلية الواقع التعليمي والأكاديمي بعد الحرب؟ ،  فقد أوضح الأخ القائم بأعمال عميد الكلية قائلاً: "في أول اجتماع لمجلس الجامعة بعد الحرب طالبنا – كأول خطوة - بإلغاء قرار الإجازة الأكاديمية الذي تم اتخاذه " كإجراء عقابي " من قبل الإدارة السابقة نتيجة مطالبة الطلاب بحقوقهم ..وهو إجراء ظالم بكل المقاييس، لم يراعِ ظروف الطلاب ، وقد وصفه البعض بالانتقامي .. وقد كان حقاً كذلك. هذه كانت الخطوة الأولى ومن بعدها خطوات هامة أخرى ، وكان التواصل مع الطلاب وأنتم تعرفون أن عدن كلها نزحت .. والعائلات تشردت ..البيوت نُهبت ومنها ما تهدّم نتيجة الحرب الظالمة لمليشيات عفاش والحوثي على الجنوب ..والأوضاع في غاية الصعوبة .. الطلاب لم يصدقوا أن القرار الظالم المتعلق (الإجازة الأكاديمية ) قد أُلغي - وهذا كان إحباط للطلاب وأسرهم - وأن الدراسة ستبدأ في أول لحظة نتمكن من ترتيب الأوضاع في الكلية .. وانتشر الخبر ، وجاء الكثير من الطلاب الذين يتواجدون قريباً ، ولا أنسى الفضل للأخوة أعضاء الهيئة التدريسية الذين وقفوا معنا يداً بيد في أصعب اللحظات ، وأصعب الظروف.. وأخص بالذكر الدكتور/ أحمد علي مهدي المحضار ، والدكتور/ صالح يحي ، والدكتور/ أحمد الصاعدي ، والدكتورة/ نادرة إسحاق ، والدكتور/ مروان التميمي ، و د. منور  ، ومجموعة من المعيدين والمنتدبين والطلاب ، و خاصة طلاب المقاومة ، هؤلاء وقفوا وساعدوا وثبتوا، وفي الواقع لم نكن نعلم من أين تكون البداية؟ مبنى الكلية كان أشبه زريبة خراب!.. القاعات والكراسي كثير منها تكسّرت والمكيفات كلها خربانة ، أما المكاتب فمغلقة.. مكتب العميدة ، ومكتب النائب الأكاديمي وشؤون الطلاب.. والمستودع والمالية. .الخ.

القرار الصعب

ويواصل: "القرار الصعب كان كيف ندخل إلى هذه المكاتب؟.. وكان من الممكن بحسب اعتقادنا أن تكون تلك المواد قد سُحبت أو نُهبت ، وحتى لا نُستدرج إلى الفخ استقر الرأي مع الدكتور أحمد علي أن لا نسمح لأحد بالدخول أو الاقتراب من مكتب الإدارة إلا بوجود لجنة جرد ، وبحضور ممثل عن الجامعة والأمن وبعض الأساتذة المحترمين وهو ما حصل ، هذا التفصيل مهم جداً نظراً لحساسية الموضوع خاصة وأنه كانت لدينا في الهيئة التدريسية مطالب ومواقف واضحة  لمقاومة أي فساد في الكلية قبل الحرب  أو إصلاح الوضع المتردي جدا في الكلية ، إضافة إلى مطالب الطلاب ، واحتجاجاتهم والتي عرفها الجميع في حينه ، وظهر أن هذه الخطوة الاحترازية كانت محقة ، إذ اكتشفنا كثيراً من الأمور ، فبعض أجهزة الكمبيوتر الهامّة قد اختفت من الكلية أو سُحبت  إلى (البيوت) بالرغم من أن الكلية لم تتعرض للنهب أو التدمير؟.. وهكذا استطعنا أن نوثق الخروقات بطريقة رسميّة لا شكّ فيها. .وإن شاء الله نحن نعمل على رفع تقرير للجهات المختصة حول هذا الموضوع ليتخذوا الاجراءات المناسبة ، وسيحدّثكم أيضا الأخ النائب الأكاديمي في ما يخص هذا الموضوع.

ويتابع: "إننا بعد الحرب نفتقد إلى أبسط المقومات الإدارية والتعليمية والفنية ، وقد طرقنا أبواب منظمة الهجرة الدولية ، فوفرت لنا مشكورة أعمال السباكة وتأهيل الحمامات ، ثم أخذنا بالآجل (كلعاً ) مواد الأسنان من أجل البدء بالعملية التعليمية ، لأنها لم تتوفر لدينا حتى تأتينا مخصصات الكلية بالرغم من أننا استمرينا بمراسلة جميع الجهات الحكومية إلا أنها لم تسمعنا ..ولكن الأستاذ القدير الدكتور/ حسين باسلامة فتح لنا باباً في التواصل مع الأخوة في الكويت عبر الصندوق الخيري الكويتي ، وهو الذي قدّم ما يُشكر عليه ..قدّم لأول مرة في تاريخ هذه الكلية دعماً محترماً ، وجهداً أخوياً كبيراً.. ونحن عملنا بشفافية ، فكل ما قدموه وضعناه أمام الجميع ، إدخال كراسي أسنان جديدة ، وقد لبّوا طلباتنا في استحداث عيادة لقسم من الأقسام التي سبق وأن اتخّذت الإدارة السابقة قراراً جائراً بإلغائها.

وأضاف: "انتُزِعت كراسي الأسنان منها ووُضِعت هذه الكراسي في غرفة الحراسة (ببساطة هكذا)!! ، وتمّ تحويل العيادة إلى مكتب لإصدار مجلة لم يُصدر منها  إلا عدداً  واحداً عام 2013 وهو بمثابة دعاية إعلامية من قبل الإدارة السابقة.. وانتهت العيادة ، وذهبت الكراسي التي كلّف الواحد منها أكثر من 25000  دولار؟!!!.. وهذه كانت غاية في التبذير بالملكية العامة  وعدم المسؤولية .

ومضى يقول : "لقد حطّينا هذا الأمر مع الأخوة الكويتيين وقبلوه بكل ترحاب ، وأخذوا على عاتقهم توفير خمسة كراسي  أسنان كاملة ، كما قاموا بإصلاح  ثلاثة كراسي قديمة من التي أُهملت من سابق ، مع تكييف العيادة بالكامل ، وكذا غرف المدرسين وعيادة التعويضي والعلاجي ، كما تكفّلوا بتكييف القاعات كل قاعة ثمانية طن ، ومستعدون لاستحداث غرفة التعقيم المركزي مع تأثيثها والتي كانت حلم الكلية في كل وقت ، والآن هي قيد الشراء ، وتكفّلوا بأعمال الصيانة والكهرباء.

وأردف بالقول: "لقد وعدنا الأخوة الكويتيين بتزويدنا بأربعين قبضة أسنان (أدوات الحفر) تُسمّى بـ "الهاند بيس" وتكلفة الواحدة منها 300 دولار تقريباً ، وهذا ما كانت تعانيه الكليّة من نقص حاد ، كما قاموا برفد  و تأثيث إحدى قاعات المحاضرات (والمؤتمرات ) بشاشة تلفزيونية كبيرة وحديثة مع توابعها من ميكرفون ... الخ  ، وقد قمنا بالطلاء وتنجيد كراسي القاعة ، وتستطيعون مشاهدة كل ذلك أمامكم. وهذا إنجاز كبير..                            

المعاناة الكبرى

وأوضح الأخ القائم بأعمال عميد كلية الأسنان أن هناك ضربة كبرى ستنهي المعاناة الحقيقية للكلية ، ألا وهي توفير المولد الكهربائي الكبير .. حيث أن الكلية كانت تعتمد على مولدين صغيرين سعة كل واحد ثلاثة كيلو ، وعند انقطاع الكهرباء كانت تتوقف العملية التعليمية ، حيث تتوقف كراسي الأسنان في العيادات، وقد أبدى الأخوة الكويتيون استعدادهم بتزويدنا بمولد كبير سعة 500 كيلو لكيتنا وكلية الصيدلة ، وهذا بحدّ ذاته حلّ شامل لمعاناةٍ حقيقيةٍ ومؤرقةٍ عانينا منها طويلاً - ولا زلنا - وهم يُشكرون عليه ، ودعني أضيف شيئا في حق الأشقاء الكويتيين وهو أنهم عندما وجدوا شفافية في الطرح وإخلاصا في الأداء تجاوبوا بدون تحفّظ ، وهذا ما كان يميز طاقم إدارتنا الجديدة كله ، و تستطيعون معاينة كل ذلك أمامكم.

وحول عملية التطوير والاستحداثات الأخيرة قال: "قمنا بتطوير واستحداثات جديدة لأقسام جديدة ، تدعم العمل التعليمي والأكاديمي وترتقي بمخرجات الكلية الى مستوى أفضل ومن ذلك ، تجهيز قاعات المحاضرات بالأجهزة السمعية ، كما تمّ صيانة تلك القاعات من جديد وتجهيزها بالتكييف اللازم ، ووضع آليات للحفاظ على ما تم إنجازه.

تغيير جذري

إلى جانب أنه تمّ عمل تغييرٍ جدري في عمل العيادات التعليمية وتغيير مساحة الكلية وتوسعة فناء الكلية ، كما تمّ التشجير وتحديد مواقف كثيرة للسيارات إلى جانب التشجير المرتب من أشجار الظل ووضع بساط أخضر من الأزهار وظلالات كثيرة  لجلوس الطلاب تتسع لأكثر من تسعين طالباً في وقت واحد ، كما تمّ بالتنسيق مع النيابة الأكاديمية إرساء عمل إداري حديث وفعّال يربط الكلية بكل أقسامها بنظام حاسوب مركزي ، والآن لدينا توجّه لتشكيل لجان لدراسة المناهج وإعادة النظر في بعض المواد التي تمّ تغييرها بغير حق حسب المزاجية الشخصية وغير الملتزمة بالمعايير الأكاديمية ، وهذا سيحدثكم عنه الأخ النائب الأكاديمي لأنه من صميم عمله ، وهذه كلها تتمّ خطوة خطوة ، ولكنها مدروسة وتخضع للمعايير الأكاديمية والضمير الحي ، وهذا هو التوجه للإصلاح الحقيقي والفعلي ، كما تمّ النزول إلى العيادات ووضعنا آلية عمل ، وتمّ توثيق كل ذلك .. كيف كانت العيادات في السابق  وكيف هي اليوم؟!!!.

كما أننا الآن نناقش سياسة واضحة للقبول ذات معايير علميّة وأكاديمية تأخذ بعين الاعتبار سعة الكلية وإمكانياتها الماديّة والبشريّة، معايير يلتزم لها الجميع ، وهذه العملية ستفتح الآفاق نحو مخرجات علميّة أفضل للطالب والمدرس ؛ لأنه قد تراكمت على الكلية إشكاليات كثيرة نتيجة الكثافة الطلابية الكبيرة والعشوائية وغير المبررة على الإطلاق ..وقد طلبنا نزول لجنة أكاديمية من الجامعة تنظر بإعادة النظر في عملية القبول.

وجدّد الدكتور / محمد حسن السقاف شكره للأخوة في قيادة جامعة عدن ممثلة بالأخ القائم بأعمال رئيس جامعة عدن الأستاذ الدكتور / حسين باسلامة على تعاونه واهتمامه بالنهوض بالكلية من كبوتها وخروجها من محنتها التي تفاقمت طويلاً ، وكذا وجّه الشكر والتحيّة للصندوق الكويتي على دعمه الذي جاء في وقته تماماً ، وكذا لكل المدرسين والعاملين والموظفين والحراسة والمقاومة التي ساعدت كثيراً على استتباب الأمن.






شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل