آخر تحديث :الاحد 23 فبراير 2025 - الساعة:10:30:55
تباين الآراء بين الحزن والحرمان واليأس والخوف من المجهول(استطلاع وصور)
(استطلاع/ الخضر عبدالله )

مع إطلالة الأول من مايو من كل عام يحتفي عمال العالم بعيدهم السعيد ، وهنا كانت تقام بهذه المناسبة الاحتفالات والمهرجانات الخطابية والفنية .

ويتهادى الناس الكلمات المعسولة بينهم... وفي حاضرة بلادنا كانت تقوم الهيئات الرسمية والشعبية بتكريم العمال المبرزين وتمنحهم شهادات التقدير والمكافآت اعترافا بفضلهم ورد الجميل لسواعدهم السمراء في البناء والتشييد والإنتاج ودعم الاقتصاد إلا أن العمال في المحافظات اليمنية اليوم يمر عليهم يومهم منكودا ولم تلامس الفرحة شفاههم ... أما سواعدهم القوية بدت مترهلة والحزن ظهر على محياهم ؛ فغالبية الشريحة العمالية تعاني الأمرين البطالة والفاقة وضيق ذات اليد

الاستياء يعم عدد كبير من العمال بسبب ما يصفونه واقع اجتماعي شديد الإيلام ،فالأعمال تراجعت والأجور تدنت ،والأسوأ أن البعض مازال يحلم بدرجة وظيفية على الرغم من مرور 15عاما على تخرجه وتسجيل اسمه في كشوف الخدمة المدنية من دون جدوى وحسب .

قال أحدهم : ((الوظيفة مستحيلة كعشم إبليس في الجنة فلا حصلنا على عمل حر ولا وظيفة حكومية)).. وأكد المواطن/  سالم سعيد ((48عاما)) بائع لبان بقوله : ((كان يوم عيد العمال فرحة كبرى ،وقبل الوحدة كانت تنشر الطائرات أنواع الحلوى على الناس وملئت الحقول وأسقف المنازل بالحلويات

وقال: سامح البعيسي ((بائع خضار)) : ((في الأول من مايو كانت تستقبل المدن اليمنية العمال وتقام الاحتفالات الكرنفالية بحضورهم والمسؤولين والهيئات النقابية .. وعيد العمال عيد أممي عالمي لا يتناسب مع البيئة المحلية ، فالعالم يولي العامل أهمية وحقوق ، ونحن لم توفر لنا فرصة عمل إلا هذا العمل

وتسأل آخر : (لا سكن... لا عمل... لا مستقبل ... فمن أين ستأتي الفرحة ؟ نحن جبلنا على الصبر حتى مل الصبر منا لدرجة أن البعض يمشي وهو يكلم نفسه من ضيق الحال وكأنه خارج بلاده

وقال  /  أحمد خميس لـ"الصحيفة": ((بعد وفاة والدي أصبحت الدنيا تعب وهمّ ، وأتمنى أن أحصل على وظيفة

وقال / صلاح قائد: ((بائع ساعات)): ((في يوم العيد أطلب الله لكي أحصل على المصروف .. وظروفنا هذه الأيام قاسية.

وقال صلاح: ضاع الحلم والأمل ونمضي نحو مستقبل مجهول وحرمنا حتى من فرحة الحاضر.

في محافظات الجمهورية اليمنية صور دامية لعمالة يتوزعون في الجولات والشوارع والأرصفة بحثا عن أعمال تقيهم شبح الفقر .. ومشاهد لآخرين يتكومون في الأسواق يبيعون أشياء تافهة لم تكن في حسبانهم ..

الوالد / يحيى الرضمي يروي مأساته وفي قلبه حنين للغربة بالنسبة له كانت وطنا : (( يا ولدي عن أي عيد تتحدث لقد عشنا في الغربة وكأننا في بلادنا، بقالة في مدينة جدة السعودية قبل 18عاما بعناها وقدمنا للبلاد وشعارنا ((عز القبيلي بلاده)) كذا بن منصور يقول .. لكننا فوجئنا ببلاد منهوبة يعيش فيها القوي وصاحب المال والمهنجم .. واليوم أنا لدي هذه العربية المدمرة .. أبيع هذه الأشياء وأحاول الحصول على القوت الضروري لأطفالي وأسرتي التي نعاني معها وضعا لا يعلمه إلا الله

وعن هموم العمال وما يعانونه وليسوا عابئين بعيدهم كذلك التقينا بالأخ/ فواز  الكومي الذي قال : ((نحن هنا على كفي الرحمن ننتظر من يأتي ليأخذنا للعمل، سواء كان مواطنا أم صاحب عمل أم مقاولاً، وعندما يطلب منا واحداً فقط يندفع نحو السيارة أكثر من خمسين عاملاً، الكل يريد أن يذهب فتحصل أحياناً فتن ومشاكل بين العمال تصل لحد الاعتداءات والضرب .

وأخيراً يذهب صاحب العمل إلى حراج آخر لأخذ عامل أو أثنين // وعندما سألنا ((فواز)) عن يوم عيد العمال أجاب : ((لا أعرف أي عيد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك وعيد العمال لا أعلم به ،حتى إذا كان هناك عيد فالعامل لابد أن يبحث عن مصروفه اليومي له ولأسرته في هذا اليوم

علي حميد الأبي يقول : ((الشغل هذه الأيام بارد جداً والأسعار مرتفعة جداً.. والأجور التي نحصل عليها لا ندري كيف نقسمها ؟ وماذا نشتري بها ؟.. ومن خلال هذه المعاناة لم يبق أمامي في البيت إلا أن حكمت على زوجتي بالتدبير.

وأضاف بالقول :"لم يكن أمامها إلا إلغاء بعض الوجبات  الاكتفاء بوجبة  واحدة  أو وجبتين )) واسترسل : ((أطالب الحكومة والمسئولين والتجار والأغنياء بأن يشغلوا عندهم أبناء الوطن العاطلين عن العمل الجالسين في الأرصفة والجولات ينظرون من يشفق عليهم أو يشغلهم ويسعدهم ويعطيهم حقوقهم .. بدلاً من (0الشغالين )) الذين استوردوهم من الخارج بالعملة الصعبة والدولار وأهل البلد أولى بهذه الأشغال وبالعملة المحلية ((الريال)) الذي غرق من جملة الغرقى، لأن المسئولين لا ولا يجنوا منا نحن الضعفاء الا الكراهية والبغضاء لأنهم ابتعدوا عن أخوة الدين وفضلوا الأجانب علينا

العديد من العمال عبروا لـ((الصحيفة)) عن آمالهم وآلامهم وهمومهم وأبدى هؤلاء خوفاً من كثرة البطالة بشتى أنواعها .. ويخشى الناس أن يتحول طوابير العاطلين عن العمل إلى طابور مسلحين ينخرون  في جسم الوطن ،وناشدوا كل الجهات الرسمية والأهلية فتح آفاق جديدة تستوعب هؤلاء في المجالات المختلفة

ختامـــاً :

العمال في عيدهم يتكومون في الأرصفة والجولات والشوارع والأسواق بحثا عن العمل.. يحملون أمتعتم وأحلامهم وأحزانهم في أكياس من الأرق اليومي.. عالقون بين البطالة والغلاء.. يكابدون مرارة الحرمان، تراهم يفترشون الأرض شعثا غبرا تلهب أجسادهم سياط حرارة الشمس الحارقة منذ الصباح الباكر، وعينهم ترصد القادم إليهم لعله يبحث عن عمال فيتسابقون إلى سيارته، لعلهم يجدون عملا لديه يوفر لهم ولأسرهم لقمة عيش حلال بعد أن تركوا قراهم ومديرياتهم بحثا عن الحياة في مدن يحتكر معظم مسئوليتها قطاع المقاولات والوظائف والتجارة فيما 80% من البطالة والخريجين المهمشين يعيشون بلا عمل وعلى الأرصفة بلا دخل ثابت ولا مأوى ولا عمل ولا أمل في مستقبل أفضل.. ذلك ما تقوله أعينهم وأجسادهم المنهكة وتشير إليه معاناتهم المزمنة من البطالة والفقر والحاجة إلى عمل يضمن لهم البقاء والحياة الشريفة بعيدا عن مسالك الانحراف المفتوحة على مصراعيها في ظل حكومة لا تفكر في أكثر من مكافآت وحوافز موظفيها وتأثيث مكاتبهم ومنازلهم أما غيرهم من السواد الأعظم فلهم الأرصفة والجولات وأزقة الشوارع حتى إذا بلغت المعاناة أشدها تحول هؤلاء إلى قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل