آخر تحديث :الجمعة 03 مايو 2024 - الساعة:01:08:19
النحالون في أبين.. رحلة محفوفة بالمخاطر لجني العسل(تقرير)
(استطلاع/ الخضر عبدالله :)

لم يتوقع  علي لجدل ، أن هوايته في جمع خلية نحل برية واحدة ووضعها في صندوق ستجعله يومًا مربيًا للنحل، وتتخطى منتجاته حدود البلاد ليصل في تصديرها أرجاءً واسعة من البلاد العربية. 

حكاية  علي لجدل  مع خلايا النحل بدأت قبل (17عاماُ) حينما لاحظ أن النحل مخلوق منظم وصبور وعنيد في بناء خلاياه قبل أن تصير عسلًا يستخدم لأغراض الغذاء والعلاج لدى الناس.

هذه الصفات أعطت علي لجدل  المثابرة والعمل الجاد على مدار الأعوام الماضية، ما مكنه من تصدير العسل إلى الإمارات المتحدة  والمملكة العربية السعودية .

يقول علي لجدل لـــ الأمناء، إن "البداية لم تكن سهلة، لأنني لم أرث الهواية من والدي ليكشف لي تفاصيلها وأسرارها، إلا أن النحل أورثني صفاته التي بدأت أتحلى بها فيما بعد وهي سبب نجاحي الآن".

ويملك لجدل 500 خلية نحل موزعة في  المحافظات الجنوبية ، ويقضي ساعات طويلة بعمله متنقلا بسعادة بين تلك المدن غير آبه لمسافات الطرق الطويلة والمشاكل التي يتعرض لها مربي النحل ومنتجيه.

ويضيف: الخلية الواحدة تتكون من خشب مربع ويصل عدد النحل فيها إلى 40,000 ألف نحلة تقريباً، التي تنشط بفصل الربيع مقارنة بفصل الشتاء الذي يصل إلى 20 ألف نحلة في الصندوق الواحد.

ويقطف العسل بأيدي مهرة أربع مرات سنويا، وتضع ملكة كل خلية ما لا يقل عن 300 آلاف بيضة في اليوم الواحد، ويكون العمر الزمني للنحلة 70 يومًا، وبعد سبعة أيام تنطلق النحلة خارج الخلية وتبدأ بجمع الرحيق وحبوب اللقاح.

ويشير علي لجدل إلى أن " قطف العسل يبدأ بعد أن يضع المخلوق الذهبي العسل في العيون السداسية وعند امتلاء العين يقوم النحل بتشميعها للمحافظة عليها قبل بدأ عملية القطف".

ورغم المشاكل التي تواجهه خلال عمله بتربية وإنتاج العسل، إلا أنه يصر على المضي قدما في طريقه التي اختارها، ولعل  أبرز ما يؤرقه هو وجود العسل المغشوش بكميات كبيرة في الأسواق المحلية، مؤكدا أنه غير طبيعي وليس أكثر من خليط ممزوج بالسكريات والأحماض الأمينية.

ويتابع  علي لجدل أن "العسل المستورد، بالأخص العسل الصيني يشكل تحديًا لنا باعتبارنا منتجين للعسل بسبب رخص أسعاره التي تشكل إقبال وتفضيل بالنسبة للمواطن لمحدودية الدخل". 

معيشتهم في التنقل والترحال :

واعتاد المسافرون بين المدن رؤية العديد من النحالين المتنقلين، وكثيرا ما تساءلوا عن سر اهتمامهم بهذه المهنة وكيف هي معيشتهم في هذا التنقل والترحال.. وحول تلك المهنة «العسال أو النحال المنتقل»، يوضح النحال علي لجدل: أن النحال يتنقل بين مراعي النحل في الأماكن والجبال من أجل الحصول على عسل جيد بنكهة الطبيعة وفوائدها، حيث يحمل مناحله معه ، أما العسل فأسعاره تتراوح حسب النوعية ، وهو عسل طبيعي ينتج هنا في المنحل، وهو مفيد ونافع بإذن الله تعالى يقوم بتنظيف المعدة ويحمي من الزكام ويعالج السكري والعديد من الفوائد .

ويضيف: لا بد من التنقل لتتبع الربيع والأمطار، والأجواء المعتدلة والمناطق المشجرة، وأهم الأشجار التي يحبها النحل ويجني منها الرحيق هي القرملة والعرفجة والطلح والسدر لأنه ينتعش فيها النحل ويتكاثر ويجيب (عول) يعني مجموعات ويفرخ كثيرا ثم نقوم برعاية الأمهات بشكل خاص والأمهات اسم خاص يطلق على الصندوق القديم الذي يطلع فيه النحل الجديد، حيث يخرج النحل القديم من الصندوق إلى الشجرة ثم نقوم بإحضاره إلى صندوق جديد يسمى البكر ليقوم بالبناء من البداية، حيث يصنع عمائر بأشكال سداسية عجيبة .

ويسترسل : ومن خلال هذا العمل الشاق والمتعب   ومعيشة الترحال والسفر نبتغي به  حياة طيبة لأسرنا واطفالنا بعيد  من  ان نمد ايدينا إلى  الذي يسوء والذي لا يسوء..

وهنا في سوق العسل بمديرية لودر أبين التي  تعد أكبر الأسواق بمحافظات الجنوبية والذي يحرص على الوجود فيه نحالون وتجار عسل من مناطق  مختلفة ومحافظات أخرى لعرض وبيع منتجاتهم خلال الموسم بعد انتهاء فترة القطف ـ جني العسل .

وقد تزايدت أعداد النحالين في السنوات الماضية  بأبين بشكل كبير وأصبحت مهنة النحالة المصدر الرئيسي لدخل الكثير من الأسر الفقيرة  ، وتتصدر محافظة أبين  المحافظات  الثانية الأكثر إنتاجا للعسل اليمني بأنواعه المختلفة..

(الأمناء ) تجولت في سوق  لودر ويعد من أكبر الأسواق بمحافظة ابين  وسط زحام كبير من الباعة والسيارات والمتسوقين في ساحة صغيرة بجانب شارع خلفي محاط بالمحلات التجارية ....

فالنحالون الباعة مشغولون بتسويق عسلهم على شكل علب قصدير أو عبوات بلاستيكية حجم 5 لتر يعرفون الشخص من بداية حديثه هل نيته الشراء أم الفضول – مثلي – فهم إما جلوس خلف عسلهم أو يفترشون الأرضية أو أرضية سياراتهم أو واقفين والزبائن يتجولون بينهم تارة يقومون بالاكتفاء بالنظر إلى العسل وشم رائحته وفي حال رغبتهم بالشراء أو أعجبهم العسل يقومون بإدخال سبابة أصابعهم في أعلى العبوة لإخراج جزء بسيط لتذوقه . نحالون وتجار توافدوا من مناطق  ابين  ومن محافظات أخرى ..

مهنة النحالة كمصدر رزق :

 النحال /عبده صالح مجدع, من محافظة أبين أشار بأنه وعدد من أصحابه يحرصون على بيع منتجاتهم من العسل في سوق لودر منذ  سنوات طويلة ومهنة النحالة وبيع العسل هي كمصدر رزق لأسرهم لعدم وجود  وظائف معهم في أي مرفق حكومي , ونناشد الحكومة أن توفر فرص العمل الحكومي للعاطلين عن العمل ..

والنحال / أحمد عبدالله ، في الخمسينات من العمر قال: لجأت إلى تربية النحل كمصدر رزق بدلاَ عن فقدان الوظيفة، والعسل الذي أنتجه يوفر لي غالب احتياجات أسرتي منذ سنوات، وأنا أتعامل مع تجار مشهورين في بيع العسل يتسابقون لشراء منتجي لجودته العالية ..

ميراث تاريخي :

طلبنا من أحد الباعة في محلات العسل أن يعرفنا على أنواع العسل فأجاب : ـ عسل السدر – أهمها وأجودها يليه السمرة والمراعي ،ومروة , وموسم كل نوع مرة واحدة في الموسم أو العام،  والزبون يحرص على الشراء من المحلات أكثر من خارجها، فإذا وقع بالغش لا سمح الله أو اشتبه فيه يرجع العسل لك لاحقا ، وتبقى مهنة النحالة وتجارة العسل مربحة إذا وجدت الاهتمام والرعاية الكافية من قبل الدولة والجهات المعنية.. وتربية النحل وإنتاج العسل من الحرف القديمة في بلادنا، حيث يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد كمصدر رزق وزيادة في الدخل لكثير من الأسر فضلا عن توفيرها لفرص عمل جديدة ..

ويتمتع العسل الحضرمي بمكانة مرموقة وشهرة تجارية كبيرة فقد بلغت قيمة الكيلو جرام الواحد من العسل سعرا لم يبلغه أي نوع من العسل في العالم .. فاليمن من أهم المناطق لتربية النحل لتنوع المناخ والمراعي الطبيعية طوال العام .



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل