آخر تحديث :الاحد 05 مايو 2024 - الساعة:12:39:11
المركز الوطني لمختبرات الصحة والخدمات الطبية المجانية بعدن بين محاولة إنقاذ مرضى الفشل الكلوي والسرطان وتعقيدات مركزية صنعاء التي تعرقل خدماته (تقرير)
(تحقيق / منير مصطفى مهدي)

ارتأت "الأمناء" في توجهها العام بعد الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي وصالح على الجنوب، بضرورة تبصير الرأي العام بجهود قيادة السلطة المحلية المسنودة بقوى التحالف العربي، وبالذات (الخليجي) تجاه ترجمة وإعادة تأهيل ما دمرته الحرب الظالمة على الجنوب "البنية التحتية" لمختلف مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها ترميم ودعم المرافق الصحية، التي تعرضت للأضرار، لتمكينها من استعادة تقديم خدماتها الإنسانية للمواطنين في محافظة عدن كما في السابق.

فضلاً عن التزام "الأمناء" بوعودها بعد عودة صدورها من رحم الدمار الذي طالها هي الأخرى، وذلك بتسليط الأضواء على الأضرار التي لحقت بمؤسساتها الطبية ومراكزها ومختبراتها، التي تُعنى بالفحوصات الطبية والغذائية والوبائية، وأعمال الترميم التي تتواصل حتى يومنا هذا في أهم المراكز الوطنية في عدن، المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة في مدينة خور مكسر، وهذا المختبر المركز الوحيد في عدن، الذي تعتمد على خدماته الصحية ليس في نطاق محافظة عدن، وإنـما المحافظات المجاورة كأبين، ولحج والضالع ومحافظات أخرى، والذي يقدم الكشف عن الأمراض المستشرية وخدماته الطبية لأصحاب الأمراض الخطرة والحرجة بالمجان، ويحمي المرضى بشكل عام، ويخص بالذكر المصابين بأمراض الكلى أو الفشل الكلوي ومرضى السرطان والأمراض الخطرة الأخرى كمرض الإيدز.

نقص في الإمكانيات والأجهزة الحديثة

ومع شمولية هذه الخدمات الطبية الإنسانية التي يقدمها المركز، الذي يشكو من نقص في كثيرٍ من الإمكانيات المختبرية المتطورة والحديثة، والشحة المالية وحرمان الكوادر من التأهيل والتطوير المستمرين، والذين بعضهم يوشكون على التقاعد، ما سيسبب نقصا في الكوادر المؤهلة المستحدثة، التي هي بحاجة إلى تأهيل في تغطية أطباء وباحثين في المختبرات أصحاب الخبرات.

ناهيك عن أن المركز يعاني من نقص في الأجهزة الحديثة المتطورة الخاصة بفحوص الوبائيات التي لا توجد في المركز الوطني بعدن، وتتوافر في المركز الوطني الطبي في صنعاء، فالتحاليل ترسل إلى صنعاء، ثم ترسل النتائج متأخرة ما ينعكس سلبـًا على حياة المرضى وتعرضهم للوفاة السريعة، وأحيانـًا عدم وصول الفحوصات من صنعاء ويسبب الوفاة للعديد من المرضى، سيما الفقراء منهم الذين لا حول لهم ولا قوة، والسبب المركزية المفرطة وتعقيداتها الشديدة بينما كان يفترض أن تتوافر مثل هذه الأجهزة الحساسة ذات التقنية المتطورة للمركز الوطني في عدن، والحصول على نتائج الفحص في حينه، وذلك لإنقاذ المرضى المصابين بالأمراض الخطيرة.

وتناولت "الأمناء" هذه المعضلة، ضمن جملة المعضلات التي يعاني منها المركز الوطني الطبي في عدن، وهي كثيرة وفي مقدمتها شحة الأجهزة المختبرية وشحة الموازنة التشغيلية السنوية، التي لا تكاد تغطي المواد القرطاسية الإدارية، ومعاناة المركز تنعكس على معاناة المرضى المصابين بمرض الكلى والسرطان الذين هم بحاجة إلى صفائح الدم وبعض التحاليل غير المتوافرة، ولا يطيق المرضى الفقراء على تكاليف هذه العلاجات، فيضطر بعضهم أن يهتم بـ (بالدّين - السلفة) أو يصرف تحويشة العمر أو يضطر إلى أن يبيع أثاث ومقتنيات الأسرة، لاسيما (ذهب رفيقة عمره)، فضلاً عن غياب الهلال الأحمر اليمني في الدعم في هذا المجال أسوة بما تدعم به المؤسسات الطبية الأخرى والمؤسسات التربوية كذلك..

8 آلاف دولار أمريكي لتوفير محاليل طبية للمركز

 

وأمام هذه التحديات علق أحد العاملين في مختبرات المركز متسائلاً: أما آن الأوان لفك الاشتباك مع مركزية صنعاء؟

جملة هذه الهموم تصدرت الحديث الشفاف والمسئول للأخ الدكتور "عثمان محسن مساعد"، نائب مدير المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة، الذي استقبلنا بترحاب، ثم بدأ حديثه معنا عما تم حتى اليوم من القيام بأعمال الترميم قائلاً: تم البدء في ترميم الأقسام في هذا المركز التي تضررت من دمار الحرب الظالمة من قبل مليشيات الحوثي وعفاش، إذ شمل الترميم إعادة الشبابيك والأبواب المدمرة، وما زال الترميم مستمرًا، وعلى هذا الأساس فقد سعينا نحن كقيادة في هذا المركز ممثلة بالأخ المدير العام للمركز والطاقم القيادي جاهدين مع المنظمات الداعمة مثل مكتب دولة الكويت، إذ قام مشكورًا بتقديم المحاليل اللازمة للعمل، إذ استأنفت أغلب الأقسام عملها، لاسيما الأقسام التي تقدم الخدمات السريعة للمرضى، لاسيما مرضى السرطان وفي مجال زراعة الكلى إلى جانب الأمراض الأخرى.

وأضاف نائب مدير المركز متفائلاً بالقول: نحن نشكر دولة الكويت الشقيقة التي قدمت لنا مساعدات سخية بما يقارب 8 آلاف دولار أمريكي لشراء المحاليل الطبية، وكذلك منظمة الحكمة الخيرية التي قامت مشكورة بتقديم بعض الدعم المتمثل بتقديم المحاليل لأقسام الكيمياء والدم العام وزراعة الكلى، فضلاً عن أعمال الصيانة والترميم لمبنى المركز من حيث تفقد شبكة المياه، التي نفذت من قبل مؤسسة طيبة العاملة في إطار دعم مركز الملك سلمان.

ومن خلال هذا الدعم وأعمال الصيانة المستمرة والترميم بدأ المركز مع أقسامه بتقديم خدماته للمرضى شيئـًا فشيئـًا، وقد لاحظنا أنَّ هناك تحسنـًا ملحوظـًا في صحة المرضى يوما عن يوم، وذلك بفضل الجهود الدؤوبة المخلصة من قبل الطاقم الطبي في المركز الذي يقدم خدماته بشكل يوم للمرضى.

الدعم الدولي غائب

واستطرد نائب مدير المركز قائلاً: نحن مازلنا بحاجةٍ إلى دعم المنظمات الإنسانية، وأخص بالذكر أشقاءنا في الهلال الأحمر الإماراتي، الذي نحن بحاجة ماسة إلى دعمه السخي، إسوة بالمرافق الطبية الأخرى، ونأمل أيضـًا من مؤسسة طيبة بتقديم المزيد من الدعم ليتسنى لنا تقديم خدمات إنسانية لهذه الشريحة من المجتمع، التي هي بحاجةٍ ماسة لهذه الخدمة نظرًا للتكاليف الباهظة في القطاع الخاص، علمـًا أنَّ هذا المركز هو المركز الوحيد الذي يقدم خدمة مجانية مقابل الفحوصات الطبية على مستوى الوطن وعدن تحديدًا.

تشغيل أقسام الدم والفيروسات

وأشار نائب مدير المركز إلى أنـَّه في إطار المجال الطبي نعمل في أغلب الأقسام مثل قسم الدم العام وقسم الفيروسات وقسم الكيمياء الحيوية واللياقة الطبية والأحياء الدقيقة والطفيليات، أما في الأقسام الغذائية لم نشتغل حتى الآن في هذا المجال نظرًا لعدم توافر المواد المطلوبة لهذه الخدمة، ناهيك عن عدم تأهيل الأقسام الغذائية نظرًا لقدم وتآكل الأجهزة المستخدمة لإجراء الفحوصات الطبية وعدم قدرتنا كإدارة على جلب وشراء هذه الأجهزة، مطالبـًا الجهات المانحة بتوفيرها والدعم في هذا المجال نظرًا للأهمية القصوى الذي يقوم بها هذا القسم في فحوصات المواد الغذائية المستوردة والمصنعة محليـًا فضلاً عن أنَّ هذا المركز يخدم محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها كونه يقدِّم الرقابة الإشرافية على الفحوصات في المرافق الصحية للمحافظات المجاورة.

وأعاد الدكتور عثمان محسن إلى الأذهان أنَّ المركز يقوم أيضـًا بالفحوصات للعمالة الأجنبية الوافدة إلى البلد، كما يقوم المركز بتدريب وتأهيل طلاب المعاهد الصحية والكليات الخاصة والعامة والوبائية، كما يقوم المركز بفحص ورصد الوبائيات في المحافظات المجاورة.

ومضى نائب مدير المركز يقول: لدينا أجهزة متطورة حديثة مقدمة من مؤسسة يمن عطاء، إذ قامت مشكورة بتزويدنا بأجهزة حديثة، لاسيما في قسم الفيروسات والدم العام والكيمياء الحيوية، إذ تقدم هذه الأقسام خدمات لمرضى السرطان والفشل الكلوي، ما يجعلنا نسعى الآن جاهدين لتأسيس قسم الميكروبولوجي الجزئي، إذ تم تزويدنا من منظمة الصحة العالمية بجهاز (B . C . R)؛ إلا أنـَّه ينقص المركز الملحقات المكملة لإنجازات القسم، وقد أبدت المنظمة استعدادات بتوفيرها في أسرع وقت ممكن، وقد تم الالتزام في هذا الخصوص من خلال زيارة ممثل المنظمة للمركز، ونحن بدورنا نشكرهم على ما بذل من قبل من تعاون إنساني نبيل لتأسيس هذا القسم لأهميته القصوى.

ميزانية شحيحة ومحاليل غذائية معدومة

وعند تناوله المعضلات والتحديات التي تواجه المركز فندها نائب مدير المركز في عدد من المشاكل والتحديات التي تعيق خدمات المركز تتصدر تلك المشاكل شحة الموازنة التشغيلية التي لا تتجاوز (خمسمائة ألف ريال) شهريـًا، موزعة لشراء المحاليل وبقية النفقات الأخرى، بما فيها الصيانة والأغذية والملبوسات والأدوات المكتبية والقرطاسية، وهي موازنة مرقعة وشحيحة لا تفي بالغرض، ولا تتناسب مع ضغط الخدمات الطبية واحتياجاتها اليومية التي تقدم للمرضى.

تأهيل الكادر الغذائي والاحتياج للأجهزة

كما يعاني المركز بحسب قول نائب المدير العام من عدم تأهيل الكادر، لاسيما في الفحص الطبي والغذائي وعدم وجود وسائل مواصلات للمركز، إذ أنَّ المركز أصبح يعتمد على الدعم الشعبي، وهو الآخر لا يلبي الغرض، كما لفت مجددًا إلى ضرورة تأهيل الكادر الغذائي في أسرع وقت ممكن، إذ أن أغلب العاملين في هذا القسم يوشكون على التقاعد.. مشيرًا إلى أن المركز يضم حتى الآن في قوامه الوظيفي خمسين كادرًا في المجال الطبي والغذائي، وهم من حملة شهادات الماجستير والبكالوريوس والدبلوم.

ومن المشاكل الأخرى التي يواجهها المركز أيضـًا هي تعقيدات المركزية الشديدة في صنعاء الذي يمثل أهم الأسباب التي تعرقل كثير من أعمال وخدمات المركز، من حيث تباطؤ وتلكؤ المركز الوطني في صنعاء من الإسراع بتزويدنا بالمحاليل ورواتب الموظفين.

فضلاً عن عدم تزويدنا حتى الآن بمتطلبات قسم الوبائيات مثل ضرورة بتزويدنا الأجهزة الحديثة لغرض فحص الوبائيات في عدن، بدلاً من إرسال العيِّنات إلى صنعاء، وهذا الأمر خطير ينعكس على عمل القسم وصحة المرضى.

دعوة للهلال الأحمر الإماراتي

ودعا نائب مدير عام المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة في عدن في ختام حديثه الهلال الأحمر الإماراتي الذي لن يألو جهدًا في تقديم المساعدات الإنسانية النبيلة والالتفات إلى المركز وتزويده ببعض الأجهزة التي يحتاج إليها.

وعبر نائب مدير المركز عن شكره الجزيل لدولة الكويت الشقيقة لدعمها المركز بالمحاليل الطبية، مجددًا التأكيد أنا لمركز يعتبر صرحـًا طبيـًا لا يستهان به أو بخدماته المجانية الضرورية للمرضى، ليس في نطاق محافظة عدن وإنما على نطاق المحافظات الجنوبية المجاورة والمحافظات الأخرى.

وعن عَلاقة المركز بالمؤسسات الطبية العلمية الأخرى أوضح نائب المدير العام قائلاً: لنا عَلاقات مع جامعة عدن والجامعات الخاصة والمعاهد الطبية وتربطنا بهم اتفاقيات لغرض التدريب، لاسيما كلية الطب والعلوم الصحية ومعهد أمين ناشر للعلوم الصحية.



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل