آخر تحديث :الثلاثاء 14 مايو 2024 - الساعة:23:47:00
آخر الأخبار
دار سعد .. ضريبة الفرحتين (تقرير وصور)
(استطلاع / دفاع صالح )

على أشلائهم مرّ العيد ..  وبدلاً من الحديقة استضافتهم المقابر، وتبدّلت ملابسهم الجديدة بالأكفان .. (12) طفلا من بين (57) شهيدا غادروا الحياة الدنيا أيام عيد الفطر ، وعدن في قمة زهوها بالنصر على المعتدين الذين لم يروق لهم فرحة تطيب بها جراح المدينة فأمطروا على بوابتها الشمالية ( دار سعد ) قذائف قاتلة ، أضيفت إلى سلسلة الجرائم في حق المدنيين الأبرياء ..

الجرائم تشهد

المجازر التي ارتكبتها مليشيات الحوثي وصالح ستظل شاهدة على جرائم تلك العصابة .. صحيح أن لعدن سيمفونية تسامح تشرق من شرفات الألم ، لكنها لن تسامح بحق دماء أحبتها .. وللمجازر الجماعية أشكال وأمكنة ، فمن رصيف التواهي إلى حي الأحمدي إلى مجزرة حاشد ثم مجزرة وديع حداد وتليها مجزرة دار سعد .. دماء وأشلاء منها طفت على سطح البحر ومنها اختلطت بتربة عدن .

دار سعد البوابة الداخلية لشمال عدن شهدت نكبة لن تنساها .. قتل وتدمير وترويع ، ومجازر كان أشدها مجزرة ثالث أيام عيد الفطر وبعد عيد انتصار عدن بأيام قليلة ، وراح ضحيتها (57) شهيدا و (215) جريحا بينهم (25) طفلا و(15) إمرأة – حسب احصائيات مصادر طبية .

عصفورة الجنة

كانت أسرة الشهيدة الصغيرة ( سعاد الخضر ) تستعد للخروج باتجاه قبر طفلتها حين أقبلتُ باحثة عن أسر شهداء مجزرة دار سعد ، الأسرة ذات يقين بأن سعاد  التي رحلت وتركت ملابس العيد هي الان (عصفورة في الجنة ) ، لكن مسألة استيعاب تفاصيل ذلك اليوم المأساوي هو مايجعل الأسرة تفقد لذيذ منامها .

تقول والدة سعاد : " أطفالنا في الجنة إن شاء الله ، وكل شهداء عدن والجنوب نحتسبهم عند الله، وأكيد أمنيتهم أن تنعم عدن وأهلها بالأمان والاستقرار وتعود الحياة أفضل مما كانت "

وأردفت : " نتمنى أن تتحقق أمنيتهم ، هذا ما نريده الآن " .

خوف وجوع

صواريخ كاتيوشا وقذائف هاون ومدفعيات وأنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة أمطرت على تلك المساحة المكتظة بالسكان .. منازل تهدمت على ساكنيها وجدران تصدعت من أصوات المحزونين ..

يحكي العم علي مسلم بكثير من الأسى عن تلك الليالي القاسية التي مرت بها عدن بشكل عام ودار سعد بشكل خاص .. يستدعي تلك اللحظات بتذمر وألم " يابنتي الذي مر على عدن مش سهل افتقدنا لشربة الماء ومافي أصعب من لحظات صراخ الأطفال من الخوف ومن الجوع "

ويتابع : " وفي النهاية ياليت تكون في عبرة ونحافظ كلنا على عدن، ومانسمح للأحقاد تنهش روح هذه المدينة "

لدار سعد نصيبها من الفوضى

كان حديث العم مسلم مثيرا لقلق جارته (أم سامر) التي قالت بمرارة : " تحررنا لكن الآن نخاف من القادم " .

ما الذي يجعل العم مسلم والخالة أم سامر يتذمران هكذا ؟ سؤال طرحته على شباب أحد أحياء دار سعد ، وكان ردهم أن لمديريتهم نصيبها من الفوضى الأمنية التي تحاول النيل من استقرار عدن، مؤكدين وجود  كثير من الشباب المغرر بهم والذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا أداة بيد أعداء النصر والحرية – حسب تعبيرهم .

مآسي النزوح

" فرحنا بالانتصار وبتعيين عيدروس وشلال ، ونتمنى الآن أن تكون هناك معالجات سريعة للمتضررين بالذات الذين فقدوا منازلهم وهم الآن بلا مأوى " هذا ما قاله فهد عسكر ، أحد المتضررين من الحرب ، حيث انتزعت رياح الحرب الهوجاء منزله البسيط وسلّم الله أرواح الأسرة التي كانت قد نزحت إلى إحدى مناطق الصبيحة كما ذكر .

أجبر أهالي دار سعد على النزوح إلى مناطق مختلفة ، وكثير منهم أقاموا في مدارس عدن حتى فترة قريبة .. يقول المواطن فضل الكدره أنه ظل وأسرته في مدرسة عمر المختار حتى وقت قريب بسبب تهدم منزله ، ويضيف : " أصيبت زوجتي أثناء القصف وماصدقت إننا نجونا ، كانت أيام صعبة "

يعيش الكدره الان في بيت للإيجار بأطراف دار سعد مع طفليه الصغيرين وزوجته التي مازالت تعاني مضاعفات الإصابة .

دار سعد .. بساطة وصمود

الكثافة السكانية في دار سعد مرتفعة ، وكذا المساكن الصغيرة المتقاربة في الحارات البسيطة ، وكون المديرية تمثل بوابة لعدن فقد تعرضت لضربات متوالية من قبل المعتدين ، ناهيك عن المواجهات مع شباب المقاومة الذين كانوا  أسطورة صمود واستبسال كأخوانهم المقاومين في مختلف مديريات عدن .

وقد قدمت مديرية دراسعد حوالي (385) شهيدا ووصل عدد الجرحى إلى (728) جريحا، أفاد بذلك مدير المديرية محمد الجباري ، الذي أهاب بالجهات المسؤولة على عملية الاغاثة أن تنظر لمديرية دارسعد باعتبارها من المناطق الأكثر فقرا، وطالب الحكومة بسرعة صرف رواتب للشهداء والجرحى ومساندة المتضررين بصرف ايجارات سكن أو أي حلول بديلة.

وقدرت عدد المنازل المتضررة بـ (4000) منزلا حسب إحصائيات لمبادرة ( معا لإعمار عدن) قدمها المهندس أزال عباس، ويختلف نوع الضرر مابين خفيف ومتوسط وتهدم كامل .

ضريبة فرحتين

لأن دار سعد كانت ضريبة لفرحتين : فرحة النصر وفرحة العيد ، فهي تستحق نظرة حانية إلى معاناة سكانها مما أفرزته الحرب الظالمة من ويلات ..

 

 



شارك برأيك