آخر تحديث :الاحد 02 فبراير 2025 - الساعة:13:32:38
هل يسقط الخيل من المنحدر؟! (تقرير خاص)
(الأمناء / ياسين الرضوان)

لكل شيءٍ في هذه الحياة ضريبة وثمن، وثمن تقدم الحوثيين وصالح صوب (عدن) جنوباً حرب شملت تداعياتها الوطن العربي وربما العالم فيما بعد..، وفي هذه المناخات السياسية المضطربة، التي سبّبها التقدم جنوباً، يجيز لنا أن نتساءل: عن ثمن التقدم باتجاه (صنعاء) شمالاً؟!، إذا لم تنجح الحلول السياسية؛ للخروج بحل سلمي لتفادي الثمن الذي قد يكون مكلفاً، والذي لا نشعر به الآن، لكننا قريباً سنرى نتائجه على طرفي الصراع..

 

وقد يكون من بين هذه النتائج، سيناريو مشابه لما حصل للعاصمة الشيشانية "غروزني" المدمرة، على أيد الروس في حربهم على الدولة الشيشانية، والتي من خلالها احتلوا هذه العاصمة في 1999م، وبعد دمارها كلياً أعادوا بناءها من جديد، فهل سيكون المصير ذاته لصنعاء..؟!

 

سيناريوهات متوقعة

ولنضعكم أكثر في قلب المشهد، كي نفهم مقصود العبارة في الأعلى، سنستدعي مقولتين من أحد خطابات (هادي)، إذ يرد بها على تهديدات (صالح) له، بشأن ثمن التوجه صوب عدن وبوابة هروب هادي، التي حددها صالح له ومعرفة الأول قوة الثاني؛ لكن ما الذي جعل هادي يقول:" 2015  ليس كـ 94 "، و"سنرفع العلم في مران" التي هي معقل الحوثيين.

لقد كان حينها هذا الخطاب مدعاةً للسخرية والضحك معاً؛ لكننا الآن، قد نستفيد منه في فهم (النوايا والأهداف) ومعها الثمن لـ"السيناريوهات القادمة والمتوقعة"، والتي جعلت الخليج يحشد كل هذه الحشود الضخمة، والتي إلى قبل أمس الأول، دخل نحو "عشرة آلاف جندي"، عبر المنافذ اليمنية السعودية، مزودة بجميع أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، ومزودة بمنظومات اتصالات عالية التقنية؛ لإحكام الطوق على صنعاء، واستخدام "حرب البدائل"، والحرب النفسية وخلخلة الجبهات من الداخل، وتثوير الناس، وممارسة ضغط داخلي وخارجي يمكِّن من إنهاك وإرهاق تحالف الدفاع، وإشغاله بعمليات نوعية من الداخل في هذا الوقت بالذات، واستمرار قصف الطيران للأهداف المتحركة، إيذاناً ببدء التحرك البري الشامل، إذا ما حانت الفرصة الملائمة للتقدم في عدة مسارات في وقت واحد.    

الذراع الميتة للخليج

وقد تعني هذه الأشياء، في جوهر دلالاتها، على أن الخليج قرَّر وحسم أن يمدَّ (ذراعه الميَّتة)؛ للتعامل مع صالح وحليفه، وإعادة الاعتبار لهذه الدول، وهو اختبار لا يمكن أن تقبل الفشل به مهما دفعت أثماناً وأكفاناً، وربما قد بدأت تتضح عن قرب، رؤية الخسائر البشرية التي قد تحلُّ بالتحالف العربي؛ وهم كذلك يتوقعون ذلك.

 ورغم هذا سيكملون ما بدؤوه، إذا ضاقت فرص الحل السياسي أمامهم دون مستوى ما يريدونه، فهدفهم في الأخير (مــرّان) وليس صنعاء فقط بـ(السلم أو بالحرب)، إذ أن ما قاله هادي أثناء تقدم الحوثيين وصالح صوب الجنوب، كان في الأصل وعدٌ من الخليج له، بأن 2015"  ليس كـ94مع أنهم لم يتوقعوا أن تطول المعركة إلى هذا الحد..

وكذلك يظهر ذلك جيداً في رفض المملكة عرض "أحمد" نجل صالح، واتمام صفقة ما، كي يعود والده للحكم مرة أخرى، وطيلة فترة الحرب السابقة؛ إلا أن المملكة رفضت كل تلك العروض، متجهة بذلك صوب خيارات الحسم في اليمن وكذلك إظهارها، عن مدى قوتها وعدم تعبها أو إنهاكها، بمواقف خارجيتها، وطائراتها التي تستعد في القواعد التركية، للتدخل في سوريا، رغم التحذيرات الشديدة من قبل موسكو بحدوث حربٍ شاملة.. 

رهانات صالح والحوثيين

كما يجب أن نفهم أيضاً أن صالح والحوثي لا يراهنان فقط على عدم سقوط صنعاء، بل يراهنان أيضا على (ما بعد سقوط صنعاء)، وعلى الحرب الاستنزافية طويلة المدى، والتي تتشكل محاورها بـ(حرب العصابات) وعملياتها المتفرقة، التي سيرتبك صالح وشريكه في بداية الأمر في أدائها إلا أنه سيتكيف على ذلك الأمر، مستفيداً من شيئين اثنين هما:

الأول، وجود مهنة مناسبة لمرتزقة القبائل الكُثر هناك، وتشبه هذه المهنة تفجيرات أنابيب النفط، والأبراج الكهربائية، والعمليات لبعض الأطراف الكثيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمال، وبشراء الولاءات .

والثاني هو استفادة (صالح والحوثي) من حالة نمذجة الصراع، بـ(استنبات أزمات مشابهة)، لأزمات الدول التي شهدت اضطرابات وحروب، وما آلت إليه في نهاية المطاف، سوريا أنموذجاً، أي أن صالح وحليفه، يراهنان على الوقت أكثر وعلى استمرارية حرب الاستنزاف والإنهاك والعمليات النوعية المفاجئة، الشبيهة بحرب العصابات، ومعها الضغط على الأمم المتحدة إنسانياً، وإحراجها عبر عمليات إرهابية، وتضخمها بشكل ملفت، ولا أستبعد حصول جماعات - غير الحوثيين - على أسلحة ثقيلة، بغرض إرباك المشهد كله، وإخضاعه لعملية سياسية تعيد إنتاج صالح أو من يمثله للواجهة من جديد، حيث يكون وحزبه فيها مؤثراً؛ إن لم يتنبه البعض لذلك، ولا أظن ذلك الأمر سيفوت عن ناظر هادي.

كما أن الحوثيين، ولأول مرة أصبحوا مرنين أكثر من ذي قبل، حيث يظهر ذلك جلياً في مقابلة رئيس المجلس الثوري التابع للحوثيين، وبدت عليه علامات المهادنة، وربما أنهم تلقوا معلومات ونصائح من بعض الدول الحليفة له، وربما يؤكد ذلك هو القدح بإيران، وكأنه نوع من التراجع وإبداء التأسف للخليج؛ وإن بشكلٍ غير مباشر، مع أن الفكر الذي يعتنقه الحوثيون ويتعاملون به، هو فكر التقدم وعدم التراجع مهما كانت التضحيات.




شارك برأيك