نفذ مجموعة من الناشطين الحقوقيين والمهتمين بتاريخ مدينة عدن معرضاً متواضعاً للصور؛ لعرض الإرث التاريخي والحضاري لمدينة عدن الذي يتفاخرون به بين شعوب العالم ، ولمدة ثلاثة أيام في أحد الشوارع العتيقة بمديرية كريتر “عدن القديمة” .

ثلاثة عشر شخصية معظمهم شباب من مدينة عدن نظموا معرض صور في شارع الشيخ عبدالله وسط مديرية كريتر لمدة ثلاثة ايام ابتداءاً من الثلاثاء الماضي وكان اخر يوم له اليوم الخميس، وبرغم أن المعرض كان بسيطاً إلا أنه تمكن من محاكاة تاريخ مدينة عدن وإرثها التاريخي والإنساني والحضاري .

وتتكون المجموعة من أبرز الناشطين الحقوقيين والمهتمين بتاريخ عدن هم  “معروف عقبه ـ ابراهيم سعيد بامنيعم  ـ عدنان الكاف ـ قادري عثمان ـ عمرو جمال ـ محمد الاغبري ـ هيبه عيدروس ـ مازن شريف ـ جمال الدين عمر ـ مروان علي مفرق ـ فتحي انور ـ محمد غلام ـ عاد نعمان”.

أسباب المعرض

أراد منظمو المعرض إيصال رسائل عدة من إقامتهم لهذا المعرض في مدينة عدن التي بدت في الأونة الاخيرة مرتعاً لجماعات مسلحة ، وباتت أطراف سياسية واخرى مسلحة تتجاذبها وتستخدمها مسرحاً لتصفية حساباتها ، ما عكر صفو المدينة وأقلق السكينة العامة .

وفي هذا الشأن يقول مازن شريف احد اعضاء المجموعة في حديث خاص لشبكة إرم الإخبارية “اختص معرض الصور بعدن المدينة والانسان , وبهويتها, ومعالمها التي تعرضت ولا زالت تتعرض للتشويه والطمس والاهمال، مشيراً أن من اهداف المعرض هو تسليط الضوء اكثر على معالم عدن وهويتها وتراثها, وجعل عام 2016 هو عام لعدن ولإعادة الاعتبار لها, للتعريف بها وبثراتها وبيئتها وهويتها للجيل الشاب الذي يجهل عنها الكثير, فالكثيرون يعيشون بعدن ولم يزوروا صهاريج عدن قط, وهلم جرا من المعالم الاخرى .

ولفت شريف ان المعرض سلط الضوء على معالم مهملة ومجهولة كالدروب والحصون التي تقع في جبل حديد بمديرية خورمكسر والتي ظلت ولا زالت مغلقة بوجه العامة.

ويقول الناشط الحقوقي قادري عثمان لشبكة إرم الإخبارية ان معرض الصور اقيم تحت شعار “ليكن عام 2016 عام لإعادة الاعتبار لعدن المدينة والانسان والهوية ” وكذلك رسالة قوية سيستمر نورها يشع ولن ينطفي مهما حاول الحاقدين ابهات دورها.

وأضاف عثمان  ان الهدف من هذا المعرض هو اعادة الاعتبار لتاريخ عدن الانساني والحضاري العريق الذي يمتد لأكثر من خمسة الاف سنة ، وكذا اعادة الاعتبار لمركزها العلمي المرموق الذي احتضن المدرسة الياقوتية والمنصورية ولأثار المدينة وتحصيناتها ولتاريخها البحري ، فضلاً عن اعادة الاعتبار للهجة العدنية العريقة ولتنوعها الطبيعي والجيولوجي والبيئي الفريد ولمسرحها وصحافتها ومكتباتها وشعرائها واعلامها ومبدعيها .

نجاح غير متوقع

لاقى المعرض ترحيباً واسعاً ، وتقاطر اليه المئات من أبناء عدن لثلاثة أيام متواصلة دون كلل ، ولعل أكثر ما يميز المعرض هو موقعه الذي تم بجوار مقهى شعبي عتيق اشتهر باسم مقهى “السكران” الذي يقع في شارع الشيخ عبدالله بمديرية كريتر .

يقول مازن شريف أن المعرض لاقى نجاح وإقبال غير متوقع, وكل يوم كان الإبهار يزيد بحضور المزيد من الناس, والجميل بالحضور انه كان متنوع من فئات المجتمع والاعمار المختلفة, الكل حضر وشارك وتفاعل مع أقسام المعرض, ومما لا شك فيه ان الحاضرين خرجوا بوعي اكثر ومعلومات اكثر عن عدن ومعالمها وهويتها.

طمس معالم عدن

تعرضت معالم مدينة عدن التاريخية لأكثر من عملية تدمير وطمس على مر العقود الماضية ، كان اغلبها بشكل ممنهج ، لاسيما ما اقترفته مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح خلال الحرب الأخيرة بحق ابرز معالم عدن التاريخية والدينية منها المتحف العسكري الذي كان سابقاً مدرسة في عهد الاستعمار البريطاني ، وكذا مكتبة باذيب ومنارة عدن ومسجد الحسيني ورصيف السواح وغيرها من المعالم .

يقول مازن شريف أن اهم أسباب إقامة هذا المعرض هو اعادة الاعتبار لعدن, فعدن عانت الاهمال الشديد على مر السنوات السابقة, اهملت وطمست ودمرت وعبث بموروثها ومعالمها بشكل فضيع, وآن الأوان لعدن أن تلقى الاهتمام الذي يليق بها, وآن لهويتها ان تعود لمجدها واصالتها.

عقب تحرير مدينة عدن من ميليشيات الحوثي وصالح في يوليو / تموز الماضي ، لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً بارزاً في عملية تطبيع الأوضاع وإعادة الحياة الى مدينة عدن التي لاقت نصيب الاسد من التدمير ،

شهدت المدينة خلال الشهور الخمسة الماضية فعاليات متنوعة لمنظمات المجتمع المدني منها على سبيل المثال لا الحصر عمليات نظافة واسعة في مديريات عدن وكذا فعاليات توعوية في مدارس المدينة ، بالاضافة الى تقديم المساعدات الغذائية للمتضررين وتذليل الصعاب لهم ، فضلاً عن فعاليات شبابية مختلفة لكشف انتهاكات الحوثيين في مدينة عدن وهو ما يقوم به فريق “عدن تتحدث” .

يرى مازن شريف ان منظمات المجتمع المدني منذ الحرب اصبحت اقرب للشارع وللناس ، وخرجت من اطار الورشات والانغلاق, واصبحت تساهم بشكل كبير بتطبيع الحياة في عدن بعد الحرب, فقد شهدت عدن نشاطات ومبادرات كثيرة بعد الحرب من حملات نظافة وازالة مظاهر الحرب والدعم النفسي للاطفال وحملات تحسين المدينة وتوعية الناس وغيرها, وكان للمنظمات الى جانب الاهالي والنشطاء دور بارز في إنجاح هذا المعرض الخاص بصور عدن .