آخر تحديث :الاربعاء 20 اغسطس 2025 - الساعة:09:40:40
إلى من يعيشون في الماضي: الجنوب ليس فرعًا لأحد
(كتب د. عبدالله عبدالصمد)

 

في الوقت الذي تتغير فيه ملامح المنطقة والعالم، وتُرسم خرائط جديدة للمستقبل السياسي في الشرق الأوسط، ما زالت بعض القوى والأحزاب اليمنية، التي لفظها الواقع وطردها الواقع من صنعاء، تتشبث بمفردات الماضي البائد: "الوحدة"، و"الجنوب مظلوم"، وكأنهم لم يكونوا شركاء مباشرين في الظلم ذاته.

في لقاءات عمّان الأخيرة، ظهر مشهد سياسي مأزوم أخلاقيًا قبل أن يكون مأزومًا وطنيًا. أحزاب ما زالت تتحدث باسم "الوطن الكبير"، وهم لا يملكون شبراً واحداً من أرضه، ولا يحكمون غير حساباتهم الشخصية على شبكات التواصل، يرفضون الاعتراف بالحق الجنوبي، ويتجاهلون حقائق ميدانية ودولية واضحة وضوح الشمس.

نقولها بصوت مرتفع: الجنوب اليوم ليس فرعاً لأحد، ولن يكون. لقد خضنا نضالنا بالدم والسلاح والكلمة، وواجهنا آلة الاحتلال التي كنتم أنتم أدواتها يوماً. كنتم جزءاً من منظومة 7 يوليو، وكنتم شهود زور في نهب الجنوب وتجريف مؤسساته.

نعم، تفهّمنا "ثورة التغيير" التي قادها الشباب في 2011، ولكنكم لم تفهموا يوماً عدالة قضيتنا الجنوبية. وعندما أسقطكم الحوثي وأخرجكم من بيوتكم، فتحنا لكم الجنوب، آويناكم، وشاركناكم السلطة، ومكنّاكم من مناصب ونفوذ، علّ ذلك يكون بداية تصحيح، لكنكم عدتم لممارسة نفس أدوات الإقصاء والفساد والتآمر.

اليوم، الجنوب استعاد أرضه، وبسط سيادته، وشكّل مؤسساته الأمنية والعسكرية والمدنية، وها هو يمضي بخطى واثقة في معركته الأخيرة: المعركة الاقتصادية. قواتنا هي من تحمي حدود الجنوب، ومؤسساتنا هي من تضبط الأمن وتواجه التحديات، بينما أنتم لا زلتم تدورون في حلقة مفرغة من الأوهام.

قضيتنا اليوم على طاولة المجتمع الدولي، وفي أروقة الأمم المتحدة، وتكتسب يومًا بعد يوم اعترافاً صريحاً بأنها قضية دولة لا "مظلومية فرع"، وأن الحل الحقيقي يبدأ من الاعتراف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم وبناء دولتهم الحرة.

الجنوب اليوم ليس ورقة تفاوضية لأحد، بل هو مشروع وطن، وواقع سياسي جديد لا يُمكن تجاهله.

 


#
#
#

شارك برأيك