
تشير تقديرات خبراء إلى أن تزايد عمليات اعتراض شحنات الأسلحة المهرّبة إلى ميليشيا الحوثي في الفترة الأخيرة، يعود إلى تصعيد التعاون الدولي مع الحكومة اليمنية، وتنامي المخاوف الغربية من توسّع شبكة علاقات الجماعة مع شبكات خفية تتجاوز طهران.
وتلقى جهاز مكافحة الإرهاب في اليمن، معلومات استخباراتية مكّنت الجهات الأمنية المعنية في عدن الثلاثاء الماضي، من ضبط شحنة طائرات مسيّرة، ووحدات تحكّم متقدمة، وأجهزة لا سلكية، إضافة إلى قطع غيار أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة، قدمت من الصين إلى ميناء عدن، على متن سفينة تجارية كانت متجهة إلى ميناء الحديدة المدمّر جراء الضربات الدولية الأخيرة.
جاءت هذه العملية بعد أسابيع من سيطرة قوات المقاومة الوطنية، على أكبر شحنات الأسلحة النوعية المهرّبة للحوثيين، بعد قدومها من ميناء بندر عباس الإيراني، مرورا بميناء جيبوتي، متوجهة نحو موانئ الحديدة، قبل أن تعترضها الدوريات البحرية في مياه البحر الأحمر.
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، إن المقاومة الوطنية تمكّنت منذ مطلع العام 2024 من ضبط 8 شحنات مهرّبة، محمّلة بالأسلحة والمعدات العسكرية والعملياتية اللوجستية المختلفة، قبل وصولها إلى الحوثيين.
وأضاف الدبيش لـ"إرم نيوز"، أن السرّ في إنجاز هذه العمليات الاعتراضية النوعية، يعود إلى التعاون الاستخباراتي الإقليمي والدولي في رصد ومتابعة السفن القادمة من إيران ودول شرق آسيا والقرن الأفريقي وتحركاتها المشبوهة، وإلى حجم الثقة الدولية في القوات البحرية لدى المقاومة الوطنية.
وتشير اعترافات الخلية المضبوطة قبل أسابيع، كواحدة من بين عدة خلايا للتهريب، إلى نجاحها السابق في إيصال 11 شحنة من مكونات الأسلحة الاستراتيجية المموهة داخل أجسام بطاريات ومعدات ومولدات كهربائية ومضخات هوائية وأعمدة هيدروليكية.
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد ركن، ياسر صالح، أن الأضرار الكبيرة التي أوقعتها الضربات الأمريكية في قدرات الحوثيين، أدت إلى تكثيف عمليات إمدادهم بالأسلحة في محاولة لتعويض الخسائر، فضلا عن المقاربة التي أفرزتها حرب الـ12 يوميا بين إسرائيل وإيران، وحاجة الأخيرة إلى تعزيز قدرات الجماعة الحوثية، للقيام بدورها.
وذكر صالح لـ"إرم نيوز"، أن تزايد عمليات ضبط الأسلحة المهرّبة ناتج عن عدة عوامل، أهمها: الاستهداف المتكرر لميناء الحديدة، ومنع وصول شحنات مباشرة إليه، إلى جانب الجهد الاستخباراتي الكبير للمقاومة الوطنية والأجهزة الحكومية، في التعاون مع المجتمع الدولي وتبادل المعلومات المتعلقة بمناطق العبور و(الترانزيت) التي تستغلها شبكات التهريب لإيصال الأسلحة إلى اليمن.
غياب المحاذير
من جهته، يعتقد المحلل العسكري، العميد عبدالرحمن الربيعي، أن إمداد الحوثيين بالأسلحة سيتواصل خلال المرحلة المقبلة، ولن تكون هناك محاذير لدى طهران للتقليل من حدة تدفّق الشحنات، خاصة المنظومات الصاروخية والطائرات المسيّرة، على الرغم من عمليات الاعتراض المتصاعدة على المستوى المحلي والدولي.
وقال الربيعي لـ"إرم نيوز"، إن ذلك يعود لسببين رئيسين: الإبقاء على الحوثيين كذراع إيرانية ما زالت صامدة وقوية في بسط سيطرتها على جغرافيا استراتيجية مهمة، إضافة إلى التحسّب والاستعداد للمعركة القادمة، "وبناء على ذلك فهم (أي الحوثيين) بحاجة شديدة إلى تعويض خسائرهم الاستراتيجية، جراء العمليات الأمريكية في العامين الماضيين".
وبيّن أن الحوثيين في ظل استمرار معركتهم المفتوحة مع المجتمع الدولي الذي أصبح أكثر عدائية تجاههم، يتأهبون لمواجهة قادمة، سواء كانت ضد قوات الحكومة الشرعية بدعم دولي واسع، أو من خلال تشكيل تحالف دولي، يهدف إلى اجتثاثها بشكل جذري، بصفتها مهددة للأمن الإقليمي والدولي.
رأس حربة
في المقابل، يشير الخبير الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط واليمن، محمد الباشا، إلى الارتفاع الملحوظ في حجم المشتريات العسكرية التي يقوم بها الحوثيون، خصوصا المواد ذات الطابع الصناعي والتقني، التي تحمل استخداما مزدوجا مدنيا وعسكريا، مثل المكونات الخاصة بالطائرات المسيّرة التي يمكن الحصول عليها بسهولة من الأسواق الصينية وشحنها، بهدف رفع قدراتهم التقنية والعملياتية.
وقال الباشا لـ"إرم نيوز"، إن الشحنة المضبوطة في ميناء عدن، "انكشف أمرها على نحو عرضي، حين أدى القصف الإسرائيلي على الحديدة، إلى اضطرار إحدى شركات الشحن القادمة من الصين عبر جيبوتي، إلى تفريغ حمولتها في عدن".
ولفت إلى أن الشحنة الأخرى التي ضبطتها المقاومة الوطنية، "أظهرت وجود عمليات تهريب منسّقة ومدعومة بعمل استخباراتي؛ ما يؤكد أن إيران والحوثيين كثّفا تعاونهما في نقل الصواريخ والمسيّرات، بعد أن باتت الجماعة الحوثية رأس حربة فيما يعرف بمحور المقاومة، وسط تراجع دور نظام الأسد في سوريا وحزب الله اللبناني".