آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:22:22:55
محافظة لحج: أكثر من 90 % من بنيتها التحتية ومساكن مواطنيها دمرتها الحرب
()

لحج / بسام القاضي

لا تزال الحوطة، عاصمة محافظة لحج، منذ تحريرها من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع علي صالح في 3 أغسطس (آب) الماضي، تنتظر انتشالها من وضعها المزري وعودة الحياة الطبيعية إليها، وهي واحدة من عواصم المحافظات الجنوبية الكبيرة، رغم صغر مساحتها.

«الشرق الأوسط» تجولت في مدينة الفل والفن اللحجي الأصيل لترصد حجم كارثتها جراء احتلال من قبل قوات المخلوع علي عبد الله صالح، خلال حربهم على الجنوب أواخر مارس (آذار) الماضي، والتي اتخذت الميليشيات منها مركزًا للعمليات العسكرية وقيادة معركة عدن ولحج. ولا تزال معالم العدوان الحوثي وآثاره ماثلة حتى اليوم، والتي توضح الحقد الدفين تجاه المدينة وتعرضها إلى دمار شامل لا حدود ولا قيود له.

ونالت حوطة لحج النصيب الأكبر من الدمار في المباني الخاصة والعامة ومنازل المواطنين جراء الحرب، وتكاد أغلب المباني الحكومية في المدينة مدمرة، بما فيها مكاتب البريد ومقر المحافظة. وطال الدمار أيضا المئات من المنازل وأجزاء كبيرة من شبكة المياه والصرف الصحي والاتصالات والكهرباء ومراكز الشرطة وإدارات الأمن، ولم يستثن الخراب دور العبادة والمدارس، ما أدى إلى تغييب الخدمات الأساسية عن عاصمة المحافظة بشكل كبير.

ورغم أن الحرب في لحج وضعت أوزارها، وتحررت المحافظة في سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن كارثة الألغام التي زرعها الحوثيون في مدينة الحوطة والمحافظة وعموم الجنوب لا تزال تحصد أرواح المدنيين حتى اللحظة الراهنة، ورغم الجهود التي بذلتها فرق نزع الألغام، فإنه ونظرا للمساحة الشاسعة والأهمية التي تحتلها مدينة الحوطة (مركز محافظة لحج) تحتاج المأساة إلى جهود دولية لإنهاء مخاطرها على المواطنين في المدينة، كون الميليشيات زرعتها بعشوائية ومساحات كبيرة.

وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها حوطة لحج، وسط غياب كلي للخدمات الأساسية للحياة إلا أن حب أبناء الحوطة لمدينتهم وتعلقهم بها، دفعهم للعودة والعيش في منازلهم عقب الحرب المدمرة. وعندما تصل إلى مدخل مدينة الحوطة تشاهد الكثير من السكان وهم في طريقهم إلى سوق المدينة الشعبية. وبعد جولة في شوارع المدينة وأزقتها، ستجد أن الحياة بدأت تدب في المدينة، رغم كل شيء ورغم الدمار، حيث بات الطلاب يذهبون إلى مدارسهم، وبدأت الأسواق تنتعش وتدب الحركة فيها تدريجيا.

أشارت أم فهد، وهي موظفة تربوية في العقد الرابع من العمر، في حديث مع مراسل «الشرق الأوسط» إلى أنه رغم الوضع الإنساني المعقد الذي تعيشه مدينة الحوطة، ورغم غياب الدولة بالكامل، فإن الحياة بدأت تعود في جوانب المدينة وأحيائها ويومياتها. وقالت: إن العملية التعليمية فيها تسير بصورة شبه طبيعية وإن كانت بطيئة.

تعرف الحوطة بأنها مدينة الفل ومدينة الأمير أحمد فضل العبدلي (القمندان) الذي كتب أجمل وأرق كلمات الغناء اللحجي التي يتغنى بها اليمنيون كافة ومواطنو عدد من دول الجوار. وإن مدينة القمندان وفيصل علوي (الفنان الشعبي الشهير) بحاجة ماسة إلى إعادة الإعمار، وإعادة الخدمات الأساسية للمواطن الذي عانى كثيرا جراء غيابها.

من جهته، أوضح رئيس مركز مسارات الاستراتيجي باسم فضل الشعبي أن مدينة الحوطة تعيش وضعا أمنيا وخدميا مترديا، ورغم الجهود التي تبذلها المقاومة الجنوبية لإعادة ترتيب الوضع الأمني، وإعادة تشغيل المؤسسات الخدمية، فإن ذلك لم يكن عند المستوى المطلوب بسبب غياب الدعم من قبل الحكومة وتخلي قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ عن مهامه في إدارة شؤون الناس ورعاية مصالحهم، وأضاف الشعبي لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم المناشدات المستمرة من قبل المواطنين والمقاومة لقيادة السلطة المحلية للتحرك وفعل شيء للمدينة، فإن ذلك لم يثمر، حتى الآن، عن تحرك رسمي مسؤول، ما دفع بالمقاومة والمواطنين مناشدة دول التحالف العربي بقيادة السعودية إلى تقديم العون والدعم للمحافظة التي دفعت ثمنا كبيرا في حرب تحرير عدن والجنوب من قوات الحوثي والرئيس المخلوع، بل إن أبناء لحج كانوا في مقدمة الصفوف، ومن بينهم الآلاف بين شهيد وجريح ومعتقل.

وأشار الشعبي إلى أن ما تعيشه محافظة لحج أمر غير طبيعي، فوضع الخدمات مترد جدا، وهناك ضعف في الجانب الأمني، وتوقف المؤسسات الحكومية عن العمل. وقال: «إن استمرار هذا الوضع، ينذر بكارثة، وكما هو معلوم أن أمن عدن وباب المندب من أمن لحج، لذا ليس من الحكمة والمنطق أن تترك لحج دون أمن وخدمات، تعد أساس مقومات العيش الكريم للمواطن اللحجي».

بدوره، قال الناشط المدني المدير التنفيذي لمؤسسة «لأجلك يا لحج» مهدي نصر اللحجي لـ«الشرق الأوسط» إنهم «قاموا بحملات شعبية طوعية في تنظيف المدينة من مخلفات القمامة، وتنظيف مستشفى ابن خلدون ومحاولة إعادة تشغيله للعمل من جديد بعد توقف لشهور كثيرة، جراء ما تعرضت له المدينة من حرب ظالمة على أيدي ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح». وأضاف أن «الأنشطة التطوعية هدفت إلى إعادة تطبيع الحياة في الحوطة، كونها المدينة الأكثر تضررا ودمارا من الحرب الحوثية، إذ تجاوزت نسبة الدمار فيها 90 في المائة، وهي جهود وفاء واعتزاز لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من الحوطة ولحج». وأشار إلى أن الشباب وبالتعاون مع حملة «لأجلك يا عدن» قاموا بتوزيع ملابس العيد لأولاد الشهداء والجرحى، كما أطلقنا المشروع الثالث، وهو حملة نظافة وتحسين المدارس لتدشين العام الدراسي التكميلي في الحوطة وتبن.

وذكر الناشط المجتمعي أن شباب الحملة يعملون على خطة ورؤية لحل مشكلة انعدام المياه في الحوطة. وأن الدراسة والتصورات العملية قيد الإنجاز، وهم «يقومون بحملة تحسين المدخل الرئيسي للحوطة، وإزالة المخلفات عن الطرق، ولدينا في الحملة مشاريع توعوية عدة هادفة إلى رفض التطرف والإرهاب. وتدعو إلى ضرورة مشاركة الجميع في استتباب الأمن والاستقرار بعاصمة المحافظة، والتوعية حول مخاطر السلاح، وتقديم الدعم النفسي للأطفال، والمساهمة في إعادة تطبيع الأوضاع في المحافظة عامة وحوطة لحج خاصة».



شارك برأيك