
تتعرض مدينة تعز منذ عقد من الزمن لحصار خانق تفرضه مليشيا الحوثي ، ويُعدّ حصار المياه أحد أبرز وجوه الإجرام الحوثي المستمر منذ عشرة أعوام.
فمنذ عشر سنوات تعمد المليشيا إلى قطع المياه ومنع تغذية خزانات المدينة من مصادرها الرئيسية في منطقة الحيمة الخاضعة لسيطرتها، لتتجدد أزمة العطش كل عام، لكن الجفاف هذا العام يبدو أشد قسوة من كل ما سبقه.
الماء متاحٌ لمن استطاع إليه سبيلاً
ومع كل إشراقة يوم يزداد العطش فتكاً، فيما تقف المدينة المحاصَرة أمام واحدة من أقسى أزماتها الإنسانية على الإطلاق.
فمنذ بداية أبريل الجاري قفز سعر صهريج الماء إلى 30 ألف ريال – رقم يكسر ظهور الآلاف من الأسر في تعز – وبينما كانت الآبار تُغيث السكان، تصطف اليوم عشرات الشاحنات في طوابير طويلة بمنطقة الضباب بانتظار قطرة ماء، في مشهد يُلخّص مأساة المدينة العطشى.. فالضباب، التي تُعدّ المصدر الوحيد للمياه باتت تُستنزف يوماً بعد آخر.
استنزاف ينابيع الضباب
عشرات الصهاريج تصطف أمام آبار الضباب وسط تذمر السائقين الذين يؤكدون أن “الماء لم يعد متاحاً كما كان، والضباب نفسها باتت مهددة بالجفاف”.
يقول المواطن عبدالرزاق سعيد: “بتنا نشتري الماء كما نشتري الذهب، وسكان المدينة يشربون من آبار غير صالحة أو يعتمدون على ما تجود به الصهاريج”؛ أما أم علاء من حي الروضة، فتقول: “العطش حاصرنا أكثر من الحصار نفسه، ونعيش على أمل خزان لا يصل أبداً”.
إجراءات لتخفيف أزمة المياه
مع تفاقم الأزمة أصدرت السلطة المحلية في تعز تعميماً يقضي بمنع خروج أي صهريج ماء من المدينة إلى وديان القات في الريف، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من مياه الشرب للمواطنين؛ وقد قوبل القرار بارتياح حذر، وسط دعوات لتوسيع الإجراءات وحماية ما تبقى من مصادر المياه.
ورغم كل هذه المعاناة تواصل مليشيا الحوثي سياسة التجويع والتعطيش، بإحكام الحصار وإغلاق آبار منطقة الحيمة التي تُعد من أهم مصادر تغذية المدينة بالمياه.
يقول عدنان المخلافي أحد سائقي صهاريج الماء: “نعيش على طريق الموت، بين رصاص الحوثي وطوابير الضباب.. يقطعون الماء عنّا وكأنهم يريدوننا أن نموت ببطء”.
تعز… مدينة القذائف والقناصة، تواجه اليوم معركة من نوع آخر: معركة البقاء بلا ماء.. والمشهد بات أكثر من مجرد أزمة إنسانية؛ إنه صرخة من مدينة تحاصرها العطش والخذلان.