آخر تحديث :الاربعاء 02 ابريل 2025 - الساعة:01:03:24
الإمارات  و السودان الإسقاطات البغيضة والسرديات السخيفة
(كتب علي خليفة)


 
مع سيطرة اللغط بعد استحواذ الجيش السوداني وكتائب الإخوان المسلمين على الخرطوم، زاد انتقاد الإمارات وتعززت سردية دعمها لقوات الدعم السريع. هذه السردية التي يتبناها الجيش السوداني وجماعات الإخوان المساندة تهدف أولاً إلى شيطنة الإمارات وإبعاد تهمة الحرب الأهلية عن الأطراف المتقاتلة، وهي الدعم السريع والجيش السوداني ومجموعة من المليشيات الإيديولوجية والمناطقية.

والحقيقة أن ما يحصل في السودان هو نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من دكتاتورية العسكر والإخوان بقيادة عمر البشير، وهي فترة كانت من أسوأ فترات الحكم في السودان، تميزت بالفساد، وأصبح السودان خلالها مقراً لاستضافة رموز الإرهاب العالمي من الفنزويلي كارلوس إلى أسامة بن لادن. كانت مرحلة دكتاتورية البشير والإخوان مرحلة مجازر دارفور وتشكيل قوات الجنجويد التي لعبت دوراً محورياً في هذه المذابح، كما أنها كانت المرحلة التي فقد فيها السودان ثلث أراضيه وثروته النفطية بعد هزيمة النظام أمام المتمردين الجنوبيين واستقلال جمهورية جنوب السودان.

ومع سقوط نظام البشير وإبعاد الإخوان المسلمين بثورة شعبية في أبريل 2019، انتقل السودان إلى حكم مدني انتقالي، لكنه لم يلبث أن تعرض لانقلاب عسكري في 25 أكتوبر 2021 بقيادة البرهان قائد الجيش وحميدتي قائد الدعم السريع، حيث تم اعتقال رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك. وسرعان ما دب الخلاف بين العسكر، لتندلع الحرب الأهلية في أبريل 2023. ومن الواضح أن هذه الحرب هي صراع بين بقايا جنرالات البشير على السلطة، ويعقد من المشهد الانقسام الواضح بين وسط السودان والخرطوم الذي يدعم الجيش، والغرب الدارفوري الذي يدعم الدعم السريع، بأبعاد إثنية وقبلية وعنصرية واضحة.

وحيث إن الإخوان المسلمين منبوذون بسبب ارتباطهم بالدكتاتور البشير، رأت الجماعة أن عودتها للحكم مرهونة بانتصار الجيش الذي نشأ في كنف هذه المؤسسة عبر العقود الثلاثة الماضية. وبالتالي، فإن التفسيرات الساذجة التي تستهدف الإمارات تتجاهل هذا المشهد المعقد وشره العسكر إلى السلطة، وهو الذي حكم السودان في معظم سنواته منذ الاستقلال في عام 1956. فجوهر الصراع هو رغبة العسكر في الحكم وتطلع الإخوان للسلطة على حساب الشعب السوداني. والجدير بالذكر أن أغلبية دول العالم لا تعترف بأي من الطرفين المتحاربين كسلطة شرعية في السودان.

أما الموقف الإماراتي في السودان فله خلفية تاريخية عريقة، إذ بلغت جملة المساعدات الإماراتية 3.5 مليار دولار عبر السنوات، ووقفت الإمارات مع السودان في محنته وقادت الجهد الإنساني وسط أزمة وكارثة إنسانية متفاقمة، واتخذت موقفاً متساوياً من الطرفين في الحرب العبثية الحالية. كما كانت الإمارات ضمن كل المساعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في السودان، من جدة إلى البحرين إلى جنيف، وأعلنت مؤخراً عن دعم إنساني بقيمة 200 مليون دولار في أديس أبابا، وطالبت بهدنة إنسانية في شهر رمضان الفضيل.

ومن الجانب السياسي، طالبت الإمارات بوقف فوري لإطلاق النار بين الأطراف المتقاتلة، وبمسار سياسي يؤدي إلى عودة الحكم المدني. ومن جهة أخرى، واستناداً إلى دروس الحرب في اليمن، أدركت الإمارات ضرورة لجم التدخل الإيراني في السودان، وسط تقارير موثقة عن اعتماد الجيش على المسيّرات الإيرانية، وأعربت عن القلق من عودة التطرف والإرهاب إلى السودان، بناءً على سجل نظام البشير الذي ينتمي إليه الطرفان. ومن هنا نرى كذب سردية العسكر والإخوان في شيطنة الإمارات، فالحرب كما رأينا جزء من مشهد معقد وصراع بين بقايا النظام السابق على السلطة.




شارك برأيك