
يخوض عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك الرئيسي ضمن مكونات السلطة اليمنية المعترف بها دوليا نشاطا غير اعتيادي منذ عودته إلى عدن مطلع الشهر الجاري شمل اجتماعات بكبار المسؤولين وزيارات ميدانية إلى المحافظات.
وبدا من ذلك النشاط أن الزبيدي يقود شخصيا حملة لإعادة ترميم شعبية المجلس الانتقالي التي تعترف دوائر مقرّبة منه بتأثرها بالأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي ضربت مناطق الشرعية وكانت لها تبعات شديدة على الوضع المعيشي والخدمي أثّرت بوضوح على مزاج سكان تلك المناطق التي يقع أغلبها ضمن دائرة المجلس نفسه ويعتبرها مجالا جغرافيا لدولة الجنوب المستقلّة التي يسعى لتأسيسها.
وكان بعض تلك المناطق بما في ذلك مدينة عدن المعقل الرئيس للانتقالي الجنوبي، خلال الفترة الماضية، مسرحا لاحتجاجات شعبية مثلت إنذارا للمجلس وللحكومة اليمنية اللذين طالتهما الانتقادات على حدّ سواء.
ولم يكن كافيا للانتقالي تبرّؤه المتكرّر من التسبب بالأزمة وتحميل مسؤوليتها للحكومة وتهديده في أكثر من مرّة بالانسحاب من السلطة الشرعية، لتبرير موقفه أمام أنصاره من سكان مناطق الجنوب، كون المجلس يظل في نظرهم شريكا للشرعية ومن المنطقي أن يشاركها إنجازاتها، وأن يتحمّل معها مسؤولية فشلها وعثراتها.
واختار رئيس الانتقالي في حملته انتهاج سياسة القرب من الجمهور وذلك بالتركيز على النشاط الميداني من خلال سلسلة من الزيارات قام بها لعدد من محافظات الجنوب.
وقادته أحدث تلك الزيارات إلى محافظة شبوة القطعة الرئيسية في مشروع الدولة المستقلة المنشودة نظرا إلى غناها بمخزونات الطاقة وانفتاحها على البحر ما جعلها أحد منافذ تصدير النفط.
وقال الزبيدي خلال حفل خطابي كبير بالمحافظة إنّ الهدف من زيارته لها هو “الاطلاع على أوضاعها وتلمّس هموم وتطلعات أبنائها والالتحام بهم والاستماع إليهم.”
وأضاف قوله “حان الوقت لأن تحظى شبوة باستقلالية اقتصادية وعسكرية من خلال إنشاء مؤسسات اقتصادية ونفطية وعلى رأسها شركة بتروشبوة واعتماد شبوة منطقة عسكرية مستقلة بعيدا عن وصاية الغير.”
واستغل الزبيدي الخطاب ليعيد التذكير بطبيعة الشراكة التي تجمع الانتقالي الجنوبي بالشرعية اليمنية والتي لا تعني في منظوره أيّ تخل أو تراجع عن مشروعه الأصلي، مشيرا إلى أنّ “التوافقات والشراكات التي اقتضتها المرحلة السابقة لم تكن بأيّ حال من الأحوال تنازلا أو تراجعا عن الأهداف الإستراتيجية بل أتت كضرورة فرضتها الظروف.”
كما اتخذت زيارة الزبيدي إلى شبوة طابعا عمليا من خلال إشرافه على تدشين عودة العمل بمطار عتق واستئناف الرحلات الجوية إلى المدنية بعد توقف دام عشر سنوات.
وفي ذات سياق حملة التواصل مع المحافظات والوقوف على مشاغلها كان رئيس الانتقالي الجنوبي قد قام بزيارة إلى محافظة لحج شمالي عدن حيث التقى بقيادات السلطة المحلية والهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي والقيادات الأمنية والعسكرية والشخصيات الاجتماعية في المحافظة.
ونقل إعلام المجلس عن الزبيدي قوله أثناء الزيارة إنّ المحافظة تعاني من تردّي الخدمات وتحتاج إلى إصلاح منظومة السلطة المحلية وتفعيل دور الرقابة لمعالجة الاختلالات الأمنية والإدارية، معتبرا أنّ “الوضع الإنساني يستدعي عملا جادا وإصلاحا حقيقيا في مختلف القطاعات،” وموضحا “لذلك أرسلنا فرق التواصل التابعة للانتقالي واليوم حضورنا هنا يمثل خطوة جديدة ضمن التزامنا تجاه أبناء لحج“.
كما وجّه رئيس الانتقالي المسؤولين بمنح محافظة لحج رعاية خاصة في مجالات النقل والزراعة والشؤون الاجتماعية والخدمة المدنية والكهرباء وتنمية الشباب.
وكانت لحج من ضمن المناطق التي شهدت مؤخرا احتجاجات شعبية على تردي الوضع المعيشي والخدمي وأيضا على تسجيل بعض الخروقات والانفلاتات الأمنية.
كذلك شملت الاحتجاجات محافظة الضالع المجاورة التي شملها رئيس الانتقالي بزياراته. وقال في كلمة له خلال لقاء جمعه مع عدد كبير من المسؤولين هناك إنّ زيارته إلى الضالع جاءت في إطار حرصه على تلمّس هموم وأوضاع أبناء المحافظة والوقوف أمام قضاياهم والاطلاع على احتياجاتهم، مضيفا قوله “نعي حجم المعاناة التي يعيشها أهلنا في الضالع وندرك حجم التحديات التي تواجهها قيادة المحافظة في ظل شُحّ الموارد وانعدام الإمكانيات، لكن ذلك لا يعفينا من القيام بواجبنا في تقديم ما يمكن تقديمه للمواطنين بما توفر من إمكانات وفي حدود المتاح“.
زيارة الزبيدي إلى شبوة اتخذت طابعا عمليا من خلال إشرافه على تدشين عودة العمل بمطار عتق واستئناف الرحلات الجوية إلى المدنية بعد توقف دام عشر سنوات
وبدأت تحرّكات الزبيدي تؤتي نتائجها في إخماد الانتقادات الموجّهة للانتقالي الجنوبي من داخل مناطقه وحتى من قبل بعض مناصري مشروع الدولة المستقلة الذي يحمله.
وكتب الإعلامي صلاح السقلدي المعروف بانتقاده لبعض سياسات الانتقالي معلقا على تلك التحرّكات بالقول إن زيارات رئيس المجلس للمحافظات “ممتازة وإن تأخرت بعض الوقت. فالانتقالي خلال العامين الماضيين أدار ظهره لحال الناس وانغمست عناصر منه بالفوضى والفساد، فضلا عن إهمال الجانب السياسي للقضية الجنوبية في غمرة الأحداث الإقليمية، بالتوازي مع تردي الخدمات وتصاعد مستوى الفقر. وكل هذا أصاب سمعة الانتقالي وشعبيته في الصميم، وهو في حاجة اليوم إلى استعادة ثقة الناس حيث توشك هذه الثقة أن تتبخر.”
كما اعتبر زيارات الزبيدي للمحافظات “مطلوبة وأكثر من جيدة ليقف هو شخصيا على أوضاع الناس وألّا يركن لتقارير الزيف ولجان التدليس التي رسمت له وللمجلس صورة وردية.”