آخر تحديث :الاثنين 10 فبراير 2025 - الساعة:15:13:39
السلطان عمر البارك
(الأمناء نت / وضاح الأحمدي )

" إلعب يا بارك .. إلعب يا بارك"، في منتصف التسعينيات دفعتني صدفة الى دخول ملعب الحبيشي بعدن لمتابعة إحدى مباريات التلال، وعلى المدرجات الاسمنتية الملتهبة كان هناك رجلًا يبيع الماء والمثلجات، يتمخطر وسط الجماهير ذهابًا إيابًا، ويردد هذه الاهزوجة "إلعب يا بارك". سألت من كان بجانبي: أين عمر البارك لم أره في تشكيلة اليوم؟.، أفهمني أن البارك في مشاركة خارجية مع المنتخب الوطني. إذن لما يغني "  ساقي الماء " للاعب ليس موجودًا؟. 
رد : هو يعشق عمر البارك حد التماهي، وهكذا نحن جمهور التلال، نحبه حاضرًا وغائبًا.. عرفت حينها ما معنى "  الحب الكبير" وكيف يكون الشغف في أعلى مستوى ودرجة وحد، وإن يكن هذا الحد هو الجنون.. هكذا يكون العشق وما قيمته إن لزم العاشق مقياسًا أو شوكة وكفة ميزان.

أهزوجة ربما لم يسمعها البارك المسافر بعيدًا، لكن سمعها لاعبو التلال في الملعب فأثارت فيهم حماسة النصر حبًا في ساحرهم الغائب الحاضر..  إلتقطها جمهور "  صيرة " فرددها لتمنحه بعضًا من الوناسة في لحظة غاب فيها الحبيب فحضر طيفه، قالها كي لا تسقط عن  الفانيلة الحمراء هيبتها حال تراخت الأقدام والعزائم.. هو ترنيمة عشقهم المقدس، قاف قصيدتهم العصماء، ساحرهم الذي علمهم السحر دون دخان أو تعاويذ.. وفاتنهم الذي إن يشأ يمشي على الرمش مشا.

نهاية الثمانينيات ـ بداية التسعينات، كان التلال يتهيأ للمشاركة في الدوري اليمني العام وينتقل من نطاق الى نطاق أوسع، وعليه حينها أن  يهيىء مراسي الوداع لجيل ذهبي تزينة ألماسة بحجم  أبوبكر الماس.. هذا الأخير إن غادر الملعب سيترك ثغرة قطرها يقاس بالدهر لا بالطول والعرض،  ـ بالنسبة للتلال وجمهوره المترامي شرقًا وغربًا ـ، فمن يستطيع ردم فجوة بهذا الإتساع ومن يجرؤ على إمتلاك صولجان الملك أويقدر على إزاحة " الجوهرة" عن رأس الأفعى، إلم يكن " السلطان " عمر البارك، الفتى القادم من بادية عرفان أبين، أيقونة منتخب الناشئين، هداف بطولتي المالديف وتصفيات آسيا، وهداف الدوري موسم 88.
 
يأتي البارك في صفقة القرن عام 89، الإنتقال الأكثر صخبًا في تاريخ الكرة اليمنية، جاء صاحب الرقم "9" شاويش القوات المسلحة يخلع نياشينه وينتظم في طابور "التاريخ"، التلال أقدم أندية الجزيرة والخليج، عميد الوطن، اسمه يصيبك بالهزيمة مسيرة شهر، ومن يريد أن يكن جزءًا منه عليه اولًا النجاح في تجربة الطيران على ظهر تنين مجنح، أو نقش اسمه على مرايا بحر "حقات" وضمان عدم تكسره إن هبت عواصف بحرية وقبلية.. وذلك ما فعله الوافد الجديد، سلطان الزمان والمكان، أمير القلوب، الأسم الأكثر تواجدًا في سفر تاريخ رياضتنا، الهداف التاريخي للوطن، واللاعب المتفق عليه من الجميع.

يا هؤلاء.. فتشوا عن سلطانكم، اسألوا عنه وعما فعل الزمان بعزيز قوم، وأعيدوا له صولجانه المفقود.




شارك برأيك